إستراتيجية أمريكا العسكرية الجديدة: ما دور العرب فيها؟
أ.د. أحمد قطامين
ترتكز إستراتيجية ترامب العسكرية الجديدة غلى افتراض أن هنالك خصم يتنامي في الشرق إذا اكتمل سيحدث خللا كبيرا بالمعادلة الإستراتيجية القائمة حاليا في العالم حيث إدارة الرئيس ترامب لا زالت مقتنعة أن أمريكا لا زالت القطب الأوحد في العالم وأن تحالفا جديدا مكونا من روسيا والصين وإيران وربما تركيا وباكستان لاحقا قد يشكل تهديدا مصيريا لفكرة تفردها بالقطبية الواحدة.
ومع وجود إدارة ترامب التي تصنف فكريا في أقصى اليمين الأمريكي وقد أصبحت تمتلك القوة الأمريكية الناعمة الهائلة التي تتصف بكونها قوة ناعمة تمتلك قابلية كبيرة على التحول إلى قوة خشنة للغاية عند الحاجة وهذا يتيح لترامب حالة يكون بمقدوره أن يستغلها لضرب أي مكان في العالم ولأي سبب.
إن من الأمور الثابتة والمستقرة في المعادلة الإستراتيجية الأمريكية الحالية أن الأوضاع الداخلية في أمريكا لا تسمح بنشر قوات عسكرية قتالية في أي مكان في الشرق الأوسط بعد التجارب المريرة في أفغانستان والعراق وقبلها في الصومال لذلك تقلص الدور الأمريكي في أية حرب قادمة على التزويد بالسلاح والتدريب والتخطيط وتوفير المعلومات الاستخبارية والدعم السياسي والإعلامي دون الدعم العسكري المباشر. طبعا ستترك لما تسميهم حلفاؤها في مناطق الحرب لاستكمال المتطلبات البشرية لأي معركة قادمة.
أمريكا لا تهتم كثيرا ببقاء حلفائها أو سلامتهم أو أمن شعوبهم، ما يعنيها تحديدا بقاء دولة إسرائيل وتصفية أية قوة محتملة قد تسبب تهديدا لبقاء تلك الدولة التي تشكل على مر العقود منذ اغتصاب فلسطين وإقامة دولة إسرائيل محلها مخفرا أمنيا متقدما لحماية مصالحها الإستراتيجية الكبرى في المنطقة وعلى رأسها طبعا النفط.
وحيث أن الهاجس الأكبر لأمريكا الآن هو كيفية التعامل مع الخطر الذي تلوح معالمه في الأفق والمتمثل في الحلف المحتمل والذي أخذ بالتشكل ببطء ولكن باستمرارية عالية بين روسيا والصين وإيران والذي عندما يتشكل سيجذب إليه بحكم الجغرافيا والمصالح كل من تركيا وباكستان التي دخلت حديثا في صراع سياسي وصل إلى حد كسر العظام – كما يقولون- مع إدارة ترامب.
من زاوية الرؤيا الأمريكية، وإذا أرادت إشغال التحالف الجديد بحروب استنزاف ترافقه منذ البدء وتقود إلى إضعافه فأن إيران ستكون الوجهة القادمة لحروب أمريكا بالوكالة في المنطقة خاصة أن حربها على سوريا ولبنان قد وصلت إلى طريق مسدود تماما.
وحيث أن المنطقة مليئة بعناصر التفجير المذهبي والطائفي وغياب الشعوب غيابا شبه تام عن تحديد مصيرها، فسيكون من المحتمل بنسبة عالية جدا أن تحدث الحرب مع إيران بدعم معنوي أمريكي إسرائيلي وبجنود عرب… وعندما تحدث ستدخل المنطقة في حلقة جديدة من التدمير والتخريب وإضاعة فرص التعليم والتنمية وسينتج عنها حالة من الانحطاط الثقافي والعلمي والإنساني وسيستمر – بتخطيط أمريكي أيضا – لفترة زمنية طويلة تدمر فيها المدن وتلوث البيئة ويتوقف التعليم وتسود عصور من الظلمة الحالكة.. وفي المنطقة تبقى إسرائيل فقط في النور وتحت أضواء الحضارة والتقدم.
فهل هناك من عاقل في منطقتنا لتدارك الأمور قبل فوات الأوان ؟
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/02/07