كيف الحال يا نظامنا الصحي؟
د. عبدالله الحريري
استكمالاً للمقالة السابقة فإن النظام الصحي المكون من تسع عشرة مادة أشار في (مادته الثالثة) إلى اختصاص الدولة بصفتها السلطة التنفيذية لجميع القوانين والتشريعات من خلال أدواتها التنفيذية كالوزارات والهيئات بأن تعمل على توفير «الرعاية الصحية» وكذلك تعتني «بالصحة العامة للمجتمع»، ثم اختص في (المادة الخامسة) من النظام الوزاري وهي وزارة الصحة بالمسؤولية عن توفير (الرعاية الصحية).
أما ما يخص (الصحة العامة) فهي من مسؤوليات جميع مؤسسات الدولة التي لها علاقة بالإنسان بدون استثناء كما ورد في (المادة الثالثة).. حيث أشارت المادة أن الصحة العامة هي كل ما يكفل العيش في بيئة صحية سليمة من سلامة المياه والشرب وصلاحيتها وسلامة الصرف الصحي وتنقيته وسلامة الأغذية المتداولة وسلامة الأدوية والعقاقير والمستلزمات الطبية المتداولة ومراقبة استعمالها وحماية المجتمع من آثار أخطار المخدرات والمسكرات وحماية البلاد من أخطار التلوث بأنواعه ووضع الاشتراطات الصحية لاستعمال الأماكن العامة وكذلك نشر التوعية الصحية بين السكان.. الخ..
وربما رأى المشرع عدم الإسهاب في السرد والاكتفاء بعبارات محدودة (لمفهوم الصحة العامة) ومكوناتها إلا أن النظام الصحي في أي بلد متطور يزيد على ذلك بكثير، ومن هذا المنطلق كان لابد في النظام من جهاز ينسق ويكامل ويسن الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تؤدي للتكامل والرقابة والحوكمة كقائد وموجه للنظام الصحي وهذه الأمور اختص بها المجلس الصحي السعودي في (المادتين السادسة عشرة والسابعة عشرة) من النظام الصحي وحدد في المادة (17 ل) من اللائحة التنفيذية للنظام بأن يعمل المجلس على تطوير النظام الصحي وترابطه وتحسين أدائه.. الخ، وهذا يؤكد على دور المجلس كقائد ومسؤول عن النظام الصحي من الناحية التشريعية والتنظيمية والتطويرية، أما دوره في الرعاية الصحية فقد حدد في التنسيق والتكامل والتنظيم بين الجهات المختصة بتقديم الرعاية الصحية.. واستكمالاً لذلك أضاف المشرع عدداً من المهام التي تستكمل الدور القيادي لهذه المؤسسة الوطنية وأهم هذه الأدوار تقويم السياسات والخطط الصحية، ودراسة مستوى الخدمات وتوزيعها والنهوض القوي بالخدمات الصحية وتنفيذ الاستراتيجية الصحية الوطنية ودراسة الأنظمة الخاصة بالخدمات الصحية واقتراح تعديلها.. الخ.
المهم هل هذه الاختصاصات كافية لتغطية النظام الصحي؟ أو هل هي ما ينشده أي نظام صحي متطور؟ وهل أعطي المجلس الصلاحيات ليقود النظام الصحي فعلياً؟ وهل السلطات التنفيذية والمتمثلة في الوزارات والهيئات المسؤولة عن النظام الصحي في المملكة ملتزمة بالتكامل والتنسيق بين أدوارهم وتقوم كل واحد منهم بدورها لتحقيق الصحة العامة بمفهومها الشامل؟
أعتقد أن الإجابة عن هذه الأسئلة تحتاج إلى المزيد من التأمل والاستقصاء والدراسة الشاملة لجميع الأدوار والالتزامات ومدى تنفيذها على أرض الواقع وما هي السياسات والإجراءات التي وضعت من أجل التكامل وتوزيع الأدوار والمسؤوليات وكيفية المحاسبة وتقييم الأدوار وقياس الآثار والتكاليف الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية على عدم الالتزامات والتكامل.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2018/02/11