تعديلات ترامب على مخطط إسرائيل والإدارة الأميركية السابقة لتقسيم وتمزيق سوريا
بسام أبو شريف
منذ أن عين دونالد ترامب إليوت أبرامز نائبا لوزير الخارجية الأميركية لم يأت أحد على ذكره ، ولم يخرج على الصحافة بكلمة واحدة ، فقد عين إليوت أبرامز في نفس الوقت الذي اختار ترامب تيليرسون وزيرا للخارجية على الرغم من ملفه المليء بالأحكام القضائية، وإليوت أبرامز ” يحمل الجنسية المزدوجة ” ، هو أحد مهندسي مخطط تمزيق الدول العربية المحيطة بإسرائيل ، وصياغة شرق أوسط جديد يلائم المصلحة الإستراتيجية لإسرائيل بتحويلها إلى قوة امبريالية شرق أوسطية تتحكم وتحكم دويلات عرقية وطائفية ، وتقودها في حرب لاتنتهي ضد إيران .
لقد اختار ترامب إليوت أبرامز ” الذي شارك ريتشارد بيرل ” ، في صياغة مخطط، وشن حروب داخلية بهدف تقسيم العراق وسوريا ، وجاء أول تعديل على هذا المخطط عندما قررت إدارة أوباما إخراج العراق منه وإبقاء القوات الأميركية في كردستان العراق للسيطرة على نفط الشمال والجنوب العراقي .
وركزت إدارة أوباما على دفع داعش نحو سوريا لتتعامل معها وتتعاون على إشعال نيران لاتهدأ لتقسيم سوريا عرقيا وطائفيا .
وحسب ماصرحت السيدة كلينتون وكيلي فإن المخطط عدل في فترة لم تتمكن فيها الإدارة الأميركية الدفع بها للتنفيذ الفوري .. وجاءت فترة الانتخابات بعد أن أقامت الإدارة مركزا لإدارة وتنفيذ عملياتها في سوريا في منطقة حدودية تضم أراضي من العراق والأردن وسوريا ، وتتمركز في منطقة تستطيع من خلالها استخدام أكراد العراق وسوريا كحطب محرقة تشعل فيها نيران لاتهدأ في وقت قصير .
وكلفت إدارة ترامب الخارجية ” إليوت أبرامز ” ، بإعداد التعديلات اللازمة لتنفيذ ماتريده إسرائيل كأولوية ، وهو القضاء على أي خطر قد تشكله بنية سوريا المستقبلية .
وكانت التجارب قد أثبتت فشل استخدام داعش والنصرة في الجولان ودرعا والسويداء ، وكذلك فشل داعش في السيطرة على حدود العراق سوريا وادي الفرات .
وجاء التعديل الأول لإدارة ترامب، وهو زيادة حجم ونوعية القوات الأميركية تحت علم ” التحالف الدولي ”، فاحتلت مساحة كبيرة من الأرض السورية، واعتبرت وادي الفرات محرما على الروس والسوريين أصحاب البلاد .
وبدأت كتعديل ثان في إنشاء جيش ” سوري ” ، ليكون الكفة الأخرى في أي محادثات لتسوية الأوضاع ولاستخدامه كجيش سوري مواجه لجيش ” النظام ” .
وتبلغ المساحة المحتلة مئة كلم مربع تقريبا ، وتخطط ليكون قوام الجيش ثمانين ألف جندي كحد أعلى قد لاتصل إليه ، لكن الخطط وضعت لتجهيز هذا العدد من الجنود .
لكن التعديلات الكبرى جاءت من مواقع أخرى ، وإذا وضعنا الدور التركي في شمال سوريا على حدة فأن التعديل الكبير والخطير يتمحور حول دور إسرائيل والعائلة السعودية ، فتحت شعار التصدي لإيران والنفوذ الإيراني والخطر الإيراني ، واقتراب قوات إيران من إسرائيل أعدت خطط لتدخل مباشر إسرائيلي وسعودي بهدف الاحتلال وليس القصف الجوي ، وهذا الجانب من التعديلات هو مابحثه نتنياهو في واشنطن مع ترامب ، وحاول إخفاءه هو والإدارة الأميركية تحت علم مؤتمر ايباك ، لكن نتنياهو الذي لم يستطع كبح نفسه عن التعبير أشار بوضوح لدور إسرائيل المقبل بضرب القوات الإيرانية ، وأعلن أن لاوجود لأي تعارض بين موقفه وموقف ترامب .
أما التعديل الكبير الآخر فهو تعديل يتلاءم مع طموح الوهابيين القديم ” وجربوه قبل أن يهزمهم جمال باشا ” ، وهو غزو سوريا من الجزيرة وجنوب سوريا .
وكان الوهابيون قد بحثوا فكرة غزو سوريا مع الولايات المتحدة في الخمسينيات كما دون رؤساء أميركا آنذاك في مذكراتهم، وفضح أمرهم القائد العربي التاريخي جمال عبدالناصر ، وكان اقتراحهم للولايات المتحدة لغزو سوريا قد أتى في معرض بحث ضرب الوحدة التي قامت بين سوريا ومصر عام 1958 ، ويشكل هذا التعديل ” خطة احتمالية ” ، أي أنه بديل من البدائل التي تستعد لها الولايات المتحدة ، وليس خطا مثبتا كجزء من حرب الولايات المتحدة على سوريا contingency plan “” ، ويقوم الأمير محمد بن سلمان ببحث هذا الأمر مع مصر وانجلترا لضمان الدعم العسكري المباشر لعملية الغزو في حال اللجوء إليها من القوات المصرية والبريطانية ، وبطبيعة الحال ، وكما يتوقع أي متابع فان آل سلمان أبدوا استعدادهم لدفع التكاليف مع الأرباح !!!.
روسيا التي تتبع الحركات الأميركية وترامب بدقة ماتقوم به الإدارة الأميركية أشارت رسميا أكثر من مرة خلال الأسبوعين الماضيين ، وعلى لسان لافروف وزير الخارجية ومسؤولين روس آخرين إلى أن الخطوات الأميركية على الأرض السورية تستهدف تقسيم سوريا ، ممايدل على معرفة موسكو بالتوجه الأميركي ، وماتخطط له الإدارة الأميركية ، يؤكد المخطط الجديد أن الإدارة الأميركية تتصرف في المنطقة كما تصرفت في موضوع القدس ، فهي تعتبر قراراتها سارية المفعول في بلادنا بالقوة … أي كما لو كانت بلادنا مزرعة تستعبدها الولايات المتحدة ، وتقوم بذلك استنادا لحلفائها في المنطقة ، وإلى حدما على قواتها المتمركزة في الخليج والجزيرة ، وهذا يتطلب تعديل الإستراتيجية التي تتبعها قوى محور المقاومة لمواجهة المخطط التقسيمي الذي تتصدر أولوياته تصفية قضية فلسطين .
فإذا كان العدو يريد إطالة الحروب وزرع الخلافات والعمليات الإرهابية في بلادنا فعلينا أن نعدل في إستراتيجية الدفاع وأن نحول جزء من اهتمامنا الأساسي لشن هجمات على معاقل التآمر لإرباك العدو ولتشتيت تركيزه.
وإذا كان نتنياهو قد أعلن أمس عبر الكنيست أنه سيهجر كل العرب من القدس تحت تأثير قرار الكنيست باعتبار عرب القدس يقيمون في القدس بتصريح من وزارة الداخلية الإسرائيلية ، وان الوزير قادر ولديه صلاحية إلغاء الإقامات فلماذا لايجعل حياته وحياة وزير داخليته وراء أمنه الداخلي ؟!! ، المناورات التي تجري الآن على كامل الأرض الفلسطينية هي تمرين لما سيحاولون تنفيذه ، والأمر لايحتمل أي تردد ، والسلطة مطالبة بالتغيير الفوري ، فقد أعلن ترامب أنه لا يرى أي مشكلة في مشاركة عدة دول في المفاوضات ” مطلب أبو مازن للعودة للمجرى القاتل ” ، فهو متأكد كما أعلن نتنياهو أن حضور هذه الدول ” وهي شريكته ” ، لن يغير من كون الولايات المتحدة تتخذ القرارات التي تخدم مصلحة إسرائيل فقط في القدس .
آن الأوان لتخفيف الكلام والتركيز على الفعل والعمل ، آن الأوان لفتح أبواب التطوع والتدريب والقتال والكف عن الكلام دون فعل .
إن ماقاله الرئيس بشار الأسد حول الغوطة الشرقية والإصرار على تطهيرها من عملاء إسرائيل وواشنطن يجب أن يكون ساري المفعول على كل شبر يحتله الأعداء، وعلى رأس ذلك فلسطين .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/03/11