آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الحي زلوم
عن الكاتب :
مستشار بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الاولى والعليا في الهندسة والادارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد انهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة واوروبا. كما ساهم في الاعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وافريقيا،

أرقام وأسئلة في زمننا اللامعقول الذي نعيشه.. السفير فريدمان الأكثر تعصباً من نتنياهو يقول لعباس إن لم تأتي للمفاوضات فسنعين بديلاً عنك.. من الذي يُعين (ولاة أمورنا)؟ فهل الطاعة واجبةٌ لولاة أمورنا أو (ولاة ولاة أمورنا)؟

 

د. عبد الحي زلوم

سنبدأ بالأسئلة عن عالمنا العربي المجنون وفي السؤال الصحيح عادة نصف الجواب ونترك النصف الآخر للقارئ ليجيب عليه وسأنهي المقال بالأرقام ولعلّ الأرقام تساعد في إزاحة الغبار عن الدماغ في عصر غسيل الدماغ الذي أصبح علماً من علوم العصر .

كان أول تساءل: هل يعقل أن تكون ميزانية التسلح في دولة عدد مواطنيها لا يزيد عن 15 مليون أن تكون اكبر من ميزانية دفاع دولة نووية عظمى كروسيا مثلاً؟

وهل يعقل أن تكون ميزانية الدفاع في بلدٍ يكاد يصل عدد مواطنيه إلى مليون نسمة أكثر من ميزانية دولة كتركيا التي تمتلك أكبر جيش في حلف الناتو؟ هل كانت هذه المشتريات لمصلحة شعوب تلك البلدان أم لمصلحة تجار الأسلحة في تلك البلدان وصناعة السلاح في الولايات المتحدة أساساً لإعادة تدوير البترودولارات؟

وهل أن هذا التسلح هو لتدوير البترودولارات إلى اقتصادات الولايات المتحدة والغرب ولمصلحة تجار الأسلحة وهل هو لمصلحة الشعوب؟

في مهرجانات توقيع عقود لعشرات مليارات الدولارات وكأننا في سوق عكاظ ما هي الآلية والتنافسية في اختيار الشركات؟

كيف يمكن أن يصبح الأصدقاء أعداءً والأعداء أصدقاءاً بل وحلفاءاً بين عشية وضحاها؟

كيف يمكن لدولة أن تحالف دولة اعتدت عليها وارتكبت مجازر بحق شعبها وجيشها أن تصبح أفضل حلفائها الإستراتيجيين أمنياً وسياسياً؟

كيف يمكن أن تكون إيران الشيعية في عصر الشاه محجاً لدول الخليج خاصةً والعربية عامةً لِتَلَقي (التوجيهات) نيابةً عن الإمبراطورية الأمريكية لتصبح بلد المجوس بعد ثورتها الإسلامية ولتصبح بوصلة الأنظمة المتحالفة مع الإمبراطورية متجهةً في عدائها بدلاً من الكيان الصهيوني؟

كيف قرر ياسر عرفات أن يكون محمود عباس نائباً له وكيف قرر الدخول في مفاوضات سرية في أوسلو بقيادة أستاذ مدرسة ومساعدة موظف بنك وبدون استشارة أحد بينما كانت تجري مفاوضات جادة وعلانية في مدريد يترأسها مشهودٌ لهم بالكفاءة والوطنية؟

لماذا كان أولُ عملٍ يقوم به عرفات إرسال دحلان إلى تل آبيب لإنشاء أمنه الوقائي بالتشاور مع الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية ؟ وكيف حول هو ومن بعده الشرفاء من المقاومين الذين وضعوا أرواحهم في أكفتهم لمقاومة الاحتلال ليصبحوا مقاولين للحفاظ عليه؟

من استشار صدام حسين عندما قرر حرب الثماني سنوات ضد إيران والتي نتج عنها مقتل وجرح أكثر من مليون عراقي واستنزاف موارده المالية من فائض لحوالي 40 مليار دولار عند بداية الحرب إلى مديونية تعادل مئة مليار عند انتهائها؟ وهل كان قرار احتلال الكويت قراراً صائباً؟ ومن تم استشارته آنذاك؟

هل نعلم أنه بالإضافة إلى 400 مليار دولار السعودية هناك ما يسمى بمشروع الرئيس ترامب ((إعادة إعمار العراق مقابل النفط)) بكلفة 400 مليار دولار على الأقل؟ أي بإعادة بناء ما دمرته الولايات المتحدة في حروبها ضد العراق؟

كيف يمكن لميليشيا حزب لم يزد عددها عن 5 آلاف أن تصمد بل وتربح حرباً مع الكيان الصهيوني لأكثر من 33 يوماً بينما لم تصمد جيوش 3 دول عربية أكثر من 6 ساعات؟ وكيف أمكن لحزب أن ينشأ توازن ردع لم تستطع كافة جيوش العرب أن تنشأه بالرغم من عشرات ومئات مليارات أسلحتها؟

والآن جاء وقت الأرقام

رأينا في بلدين نفطيين أن الخطط هي لاستثمار 400 مليار دولار لكل منهما. و لكي أبين ضخامة هذا المبلغ فحسبتُ أنه لو أردنا أن نعِدّ هذا المبلغ بمعدل دولار لكل ثانية لاحتجنا إلى 12726 سنة!

تنتج دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 19 مليون برميل يومياً وبسعر 65 دولار للبرميل.هذا يعني حوالي 454 مليار دولار في السنة.  أو حوالي 700 مليار دولار على سعر 100 دولار للبرميل. ولو أخذنا معدل الرقمين لأصبح الدخل 575 مليار دولار بالسنة تقريباً.  يضاف إلى ذلك مبيعات الغاز السائل والبتروكيماويات المشتقة من الغاز بما لا يقل عن 125 مليار في السنة ليصبح الدخل من البترول (سائل + غاز + مشتقات)= حوالي 700 مليار دولار في السنة . ونحن نتكلم فقط عن دول التعاون الخليجي ناهيك عن دول آخرى كالعراق الذي يمتلك ثالث اكبر احتياط في العالم وببركات الفساد وبرعاية الولايات المتحدة أصبح يطرق أبواب صندوق النقد الدولي للاستدانة مع أنه ينتج اليوم مرتين أكثر مما كان ينتجه قبل الاحتلال الأمريكي وكان لديه فاض مالي قبل جره إلى الحروب الاستنزافية المعلومة.

ماذا لو قلنا أنه حسب الاقتصاد الإسلامي يتوجب دفع زكاة الركاز وهي ما يسميها علماء الفقه اليوم بالزكاة المُغيّبة.

في إجابة على سؤال (هل في النفط زكاة ؟) إلى موقع إسلام أون لاين كانت الإجابة كالآتي :” مما لا خلاف فيه أن الزكاة تجب في النفط أو في عائداته إذا كان مملوكًا ملكية خاصة، سواءً كان ملكًا لأفراد أم لشركات”  في المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي سنة (1976م) الذي انعقد في مكة المكرمة بدعوة من جامعة الملك عبد العزيز – كان هناك وجهتان للنظر في موضوع الركاز والنفط أحدهما بينه الدكتور شوقي إسماعيل شحاته، والدكتور محمد شوقي الفنجري الاستاذان في الإقتصاد الإسلامي، والذي بينا وجوب الزكاة في أموال النفط “البترول” مما تملكه الحكومات الإسلامية، في بلاد الخليج وغيرها. وهو بمقدار الخمس،أي 20% بناءً على أنه ركاز. طبعاً لم يكن ذلك محبباً لدى ( وعاظ السلاطيين).

هذا يعني أنه يتوجب على تلك الدول أن تدفع 140 مليار دولار في السنة . خلال سنتين سيتم دفع كافة الديون على حكومات العالم العربي ولربما الإسلامي ولن  يكون هناك فقير واحد في هذه البلدان.

هل لهذا قال كيسنجر في اجتماع له في لندن أن خطر الإسلام على النظام الغربي أكبر بكثير من مما يعرفه الناس؟ هل هذا هو الخطر لأنه يعطل النظام المالي العالمي الامتصاصي .  ومما يزيد الطين بلة أن جميع الأديان وخصوصاً الدين الإسلامي يحرم الفائدة على الأموال وهكذا لا سندات خزانة ولا ودائع في البنوك وكفى الله المؤمنين القتال.

عندما كان ترامب يطالب بالجزية على دول النفط العربية مقابل حمايتها كان من الواجب أن يقال له : نحن دول النفط هم حماة نظامكم المالي العالمي بل وإقتصادكم ونقول ذلك دون مبالغة . ولكن دعنا نفسر له ذلك؟

ليحل الدولار كعملة الاحتياط العالمي ( وذلك من ضروريات أي إمبراطورية عصر) في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية تم اعتماد نظام سعر الصرف الثابت للعملات وتعهدت الولايات المتحدة أن تدفع أونصة ذهب لكل من يأتي لها بخمسة وثلاثين دولاراً. وكان من المفروض ان تطبع من الدولارات فقط بمقدار احتياطيها من الذهب . بعد مخالفتها وطباعة دولارات أضعاف مخزونها من الذهب أعلنت الولايات المتحدة في 15/8/1971 بعدم التزامها بتبديل الدولارات بذهب حسب اتفاقية بريتن وودز . عندها انتفى أي سبب للدول لشراء الدولار أو التعامل ب .

بواسطة المنتجين الكبار للنفط في العالم العربي وبقيادة شاه إيران آنذاك تم فرض الدولار كالعملة الوحيدة لدفع ثمن النفط مما اجبر الدول على شراءه لدفع أثمان إستيراداتهم من النفط ومما سمح لمطابع الدولار ان تستمر في تحويل ورق بكلفة بضع سنتات لورقة المئة دولار وذلك ثمن الورق والطباعة ولكن على العالم التعامل بها وبقيمة مئة دولار من البضائع والخدمات وهذه اكبر عملية نهب في التاريخ .

هذا يعني انه وبسعر 65 دولار للبرميل هذه الأيام يتم طباعة  1,235,000,000  دولار في اليوم .

لو كان عندي 350 دولار فكان على الولايات المتحدة أن تعطيني 10 اونصات من الذهب حسب اتفاقية بريتن وودز . عندما أصبح سعر الأونصة 350 دولار بعد الإلغاء أصبحت مدخراتي تساوي أونصة ذهب واحدة بدل العشرة فمن الذي سرق 9 أونصات أو 90% من مدخراتي؟

المشكلة أن دول النفط تبادل ثروتها الطبيعية بأوراق تتآكل قيمتها سنة بعد سنة .

المشكلة أن هذه النقود لا تصل إلى دول النفط في معظمها وإنما تنتقل من حساب إلى حساب داخل الولايات المتحدة الأمريكية أساساً ويذهب أكثرها إلى سداد ديون الولايات المتحدة بسندات خزينة أمريكية طويلة الأجل ومعظم الباقي لشراء أسلحة أو مواد استهلاكية لا تسمن ولا تغني من جوع في قطاع الإنتاج . وجزء يسير كنسبة مئوية كعمولات لتجار الأسلحة ولأفراد قلائل في كل دولة من القائمين على حراسة هذا النظام العجيب .

لا نبالغ حينما نقول أننا نمول اقتصاد الكيان الصهيوني وجيشه عن طريق الولايات المتحدة .

قال الرئيس أندرو جاكسون أنه لو عرف الناس مقدار ظلم نظامنا المالي لثاروا عليه قبل صباح اليوم الثاني .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/03/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد