إجازة إيه ومعلم إيه
عبده خال
قضيت في التعليم 24 عاماً، وأعرف تفاصيل نفسيات المدرسين، وأعرف انفصال قرارات وزارة التعليم عن الواقع المعاش للمعلمين؛ لذلك أتنمى ألاّ يزايد عليّ أي مسؤول في الوزارة...
أذكر أنني وقفت كثيراً شارحاً ما يتحمله المعلم من ضغوط اجتماعية وقرارات أقل ما يقال عنها (برستيج) يتم نشرها في وسائل الإعلام ولا تتعدى كونها تزيين المسؤول، وفي أحد اللقاءات مع الوزير محمد الرشيد قلت له إنني أحمل رسالة من واقع الحياة التعليمية، وكان يظن -رحمه الله- أن أتزين في اللفظ فأخرجت الجملة بلهبها:
- المعلم محبط، وأنتم سبب إحباطه.
حرقة المعلم لا يعرفها الا المعلم، ولأنني كنت معلماً مثل آلاف المعلمين الذين يستقبلون القرارات العليا لتنفيذها وقبل أن تكتمل السنة تنتقل الوزارة إلى قرارات جديدة (وكله تجريب في تجريب)، ويكون التجريب على رأس المعلم والطالب، ولا تعرف أسباب التنقل من جهة لأخرى ومن بلد الى آخر لتجريب السياسة التعليمية، ولم يستقر التعليم مع مقدم وزير أو إقالة وزير، كل واحد منهم تعلم على رؤوس الأيتام من معلمين وطلاب، ومنذ زمن معالي الدكتور الخويطر، والتعليم (حيص في بيص) وفي كل سنة خطوة للخلف..
فهل أصيب تعليمنا بالعين وعلى المسؤولين عنه البحث عن راقٍ يخرج العين الحمراء كي يستقيم لنا الأمر..؟!
والقرارات التي تحدث عنها معالي الدكتور أحمد العيسى -أول أمس- والخاصة بالإجازات، إذ شدد معاليه على أهمية عودة الإداريين من غير الممارسين للتدريس والمحددة في 16 ذي القعدة أما إجازة ثلاثة أو أربعة أشهر فهي أكثر ما يستحقون (من هم الذين لا يستحقون، كان بالإمكان اختيار جملة أجمل وأرقى وأفضل انتماءً للتعليم والمعلمين) وإذا كانت الإجازة الرسمية بحسب نظام الخدمة المدنية هي 36 يوماً لشاغلي الوظائف الإدارية، و45 يوماً لشاغلي التعليمية... وقد كانت إجازات المعلمين خاضعة للتجريب (والتجريب الذي لم يستقر) وكان من المفترض أن تحمل وزارة التعليم احتجاجاً على نظام الخدمة المدنية والتي وضعت نظامها لجميع الوظائف منذ زمن بعيد وعندما أرادوا تجريب نظام الخدمة المدنية على المعلمين ظهرت مشكلات عدة، فعمل المعلم يرتبط بوجود الطلاب، وإذ لم يوجدوا فما الذي يمكن أن يفعله المعلم سوى توقيع الحضور والانصراف، وقد جُرِّب هذا الوضع فلم يكن إلا (مضحكة) للتلاعب بالأنظمة، وإذا اقترنت إجازة المعلم بـ45 يوماً مثله مثل موظفي الدولة فإن الأخير يستطيع أخذ إجازة في أي وقت يشاء، بينما المدرس ليس حرّاً في اختيار موعد إجازته ولعدم التساوي بين موظفي الدولة والمعلمين في حرية اختيار وقت الإجازة يصبح هناك معطل لحرية الاختيار، إذن لا تقاس إجازة المعلم مع بقية موظفي الدولة... ثم هناك تفريغ للقيادات التعليمية حينما تصر على مداومة الإداريين قبل المعلمين والطلاب أيضاً من غير أي تميز للإداري سواء كان التميز في الراتب أو اكتساب مميزات أخرى تمنح للإداري، وأعتقد أن قرار العودة لفئة الإداريين سيؤدي إلى فقد القيادات التعليمية وشح الباحثين لتلك المناصب.
أما التأكيد على حضور الطلاب في الأسبوعين الأخيرين السابقين للاختبار، فنقول للوزارة أن هذا التغيب نهج اجتماعي نمارسه منذ عشرات السنوات فلا يجب تحميل المدرسة أو المعلم مغبة ذلك، بل على الوزارة أن تنشط في الرسائل التثقيفية عن أهمية حضور الطلاب من أول يوم إلى آخر يوم.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2018/04/08