الكيماوي.. ومعركة اللحظات اليائسة لأمريكا وحلفائها
محمد نادر العمري
هي محاولات اللحظة الأخيرة لرفع سقف التفاوض ومحاولة إحداث تغير في موازين القوى كما يقال، لذلك لم يكن مستغربا” بتاتا” لجوء ميليشيا جيش الإسلام لمسرحية استخدام السلاح الكيميائي مجددا”، سعيا” منها لخلط الأوراق والتمهيد لتهيئة الأجواء لتبرير عدوان خارجي لوقف زحف الجيش العربي السوري باتجاه مدينة دوما.
رغم التصريح المتسارع لوزارة الخارجية الأمريكية بأنها تتابع تقارير عن هجوم كيماوي محتمل في سوريا وحملت موسكو المسؤولية عن الهجوم، إلا أن مؤشرات ميدانية عدة تضعف من قوة هذا الاتهام وتجعل من هذه المسرحية هزيلة يجب التوقف عندها:
ـ أولا” باعتراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وحتى الخارجية الأمريكية سابقا”، أن مخزون سوريا الكيماوي تم أتلافه بالكامل وباعتراف المدير التنفيذي للمنظمة في مجلس الأمن عام 2014 بمشاركة أميركية روسية.
ـ ثانيا” لايمكن للجيش السوري استخدام السلاح الكيماوي في دوما، لأن ذلك سيعرض جنوده الذين ثبتوا نقاطهم ضمن الأبنية الأولى داخل المدينة وعلى خط تماس مباشر مع المسلحين، ﻷن إطار انتشار المواد السامة في حال استخدامه لا ينحصر في نطاق جغرافي صغير، بل قد يصل للعاصمة دمشق وهو خاضع للظروف المناخية.
ـ ثالثا” هناك دائما” توظيف متكرر لأساليب الاتهام في سياق شقين متلازمين، الأول هو الأطفال الذين يقدمون على أنهم ضحايا ولا نشاهد أي وجود لمسلحين أو غيرهم، والثاني هو التوقيت الزمني لنشر هذه الفيديوهات وهو قبل منتصف الليل بقليل بتوقيت منطقتنا وبوقت الذروة في التوقيت الأوروبي والأمريكي لتقليب الرأي العام في هذه الدول.
من الواضح أن السعودية ممثلة بولي عهدها محمد بن سلمان هي التي تقف خلف هذا التصعيد وبخاصة بعد رفض موسكو لمطلب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان ديمستورا، في منح وفد الهيئة العليا للتفوض الحصة الأكبر من تمثيل المعارضة في اجتماع جنيف المقبل، وأبعاد اجتماع أنقرة بين دول الترويكا لأستانة وتأثيراته بتركيبة توازن إقليمي وعدم حصرها في إطار الجغرافية السورية، وتوصل محمد بن سلمان لاتفاق مع الصقور العسكريين بإدارة ترامب لتطويق الأخير بجملة من المكبلات التي تمنعه من سحب قواته، لذلك لوحت الرياض لميلشيا جيش الإسلام بتعطيل الاتفاق واللجوء لانقلاب داخلي يبعد الشخصيات التي وافقت على التسوية وتصفيتهم وفي مقدمتهم متزعم ميليشيا جيش الإسلام” أبوهمام البويضاني” والسعي لتعكير الأجواء بين دمشق وموسكو التي ضمنت تنفيذ الاتفاق، ورفع حدة التصعيد ضد العاصمة دمشق وتهديد أمن مواطنيها تزامنا” مع دفع المسلحين في القلمون الشرقي لرفض اتفاق التسوية وتعكير الأجواء في الجنوب السوري عبر اغتيال أحد ممثلي المصالحة في داعل درعا.
وبناء عليه يمكن القول بأن مسعى الرياض بعد هذه المسرحية قد تتجلى وفق التالي:
ـ أولا: أن تدعو بريطانيا أو فرنسا لاجتماع لمجلس الأمن، حضر له مسبقا مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان ومندوبة الولايات المتحدة في المجلس “نيكي هايلي”، بهدف اتخاذ قرار وإدانة الحكومتين السورية والروسية، وتحول الجلسة إلى كباش سياسي ودفع موسكو والصين لاتخاذ قرار حق النقض مجددا”.
ـ ثانيا: لجوء أميركا إلى تشكيل تحالف للعدوان على سوريا _ على غرار تحالفها لغزو العراق 2003_ بالاعتماد على فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بالتزامن مع إحياء مشروع تحريك المسلحين من التنف نحو البادية وتحرك ميليشات القلمون باتجاه الغوطة ومسلحي الجنوب السوري نحو العاصمة.
ـ ثالثا: الدخول في تفاوض يقضي بخروج آمن لميليشا جيش الإسلام نحو الشمال السوري بتعهد روسي للضغط على تركيا بعدم المساس بهم، وإخراج كافة أسلحتهم بما فيها “التاو” الأمريكية و”اللاو” الإسرائيلية وبإشراف من قبل الأمم المتحدة لتهريب أموالهم والمخطوفين.
والحفاظ على الدور السياسي والتمثيل السعودي في أي مباحثات وحل سياسي عبر ضمانات تتضمن الحفاظ على ممثليها وبخاصة محمد علوش بترأس وفود المعارضة في أستانة وجنيف.
يبدو أن الصراع وصل لقمة ذروته وهذا قد يقود نحو انفجار محتمل أو تسوية شاملة وفي كلا الخيارين سيتم اللجوء لأساليب وطرق لم تعرفها أي حروب العالم سابقا”.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/04/10