لعلهم يهتدون!
عبدالله المزهر
يبدو أن مشكلة الجرب مشكلة جدية أكثر مما كنت أتوقع، وهي ليست المرة الأولى التي تجانب فيها توقعاتي الصواب، وهذا أمر باعث على الارتياح، لأن هذا يعني احتمالا كبيرا بأن توقعي الجديد بأنها مشكلة خطيرة وكبيرة سيجانب الصواب هو الآخر.
والمشكلة ليست في المشكلة نفسها، فهي أشياء تحدث في كل مكان على كوكب الأرض المكتظ بالأمراض التي تصيب البشر وبالبشر الذين يتسببون في الأمراض.
المشكلة تكمن في طرق الحل، وأسوأ طريقة يمكن استخدامها لحل مشكلة ما هي خلق مشكلة جديدة للتغطية على الأولى.
وأزعم ـ ولست متأكدا ـ أن هذه تقريبا هي الطريقة التي تعالج بها مشكلة الوباء الذي ينتشر. صحيح أن الوباء ليس خطيرا جدا، ولكن الخوف هو أن يكون هذا هو الأسلوب المتبع في حال وجود وباء خطير لا سمح الله. وربما كانت هذه المشكلة فرصة سانحة لوضع آليات وخطط حقيقية للتعامل مع الأزمات والأوبئة بعيدا عن العشوائية وتوزيع الأموال على المصابين، الذي يبدو أمرا طريفا أكثر من كونه مساهمة في حل المشكلة، ومن المؤكد أن هذه «المكافآت» قد دفعت البعض إلى تعمد الإصابة بالمرض.
وقلت سابقا وأقول الآن وأظن أني سأقول لاحقا إن وجود المساكن العشوائية التي تفتقد لأبسط مقومات حياة الكائنات البشرية هو بمثابة دعوة مفتوحة للأوبئة والأمراض والجرائم وكل صنف ولون من المشكلات، ولذلك يبدو غريبا أن تستاء بعض الجهات الحكومية من هذه الأوبئة مع أنها ـ بشكل أو بآخر ـ هي من دعاها للقدوم.
ومن المؤكد أن الزيارات التي يقوم بها بعض المسؤولين لن تساعد في حل المشكلة إلا في المكان الذي زاره، فعندما يزور الوزير مدرسة فإن المشكلة في تلك المدرسة ستنتهي قبل أن يأتي، لكن بقية الأماكن لن تنال ذات الاهتمام وهذا أمر ليس بالجديد.
وهذا على افتراض أن الأحياء والمدارس التي زارها المسؤولون كانت تعاني من المشكلة فعلا، وليس كما حدث على أرض الواقع حين تمت زيارة مدارس نموذجية ترفل في أثواب الصحة والنظافة.
وعلى أي حال..
الناس لم تعد كما كانت سابقا، تبهرها زيارات المسؤولين ويعتبرونها فتحا عظيما، أصبحوا يهتمون بالنتائج أكثر من الوسائل، ومسؤول جالس في مكتبه يعمل بشكل صحيح ويواجه المشاكل الحقيقية بحلول حقيقية ولا يفتعل مشكلات مع طواحين الهواء أفضل من مسؤول يخرج من مكتبه كثيرا لالتقاط الصور، لأنه يهتم كثيرا بما يقال عنه في وسائل الإعلام أكثر من اهتمامه بما يقال عنه في الجهة التي يديرها. وأنا لا أخص أحدا بهذا، ولكني أقول كلاما عاما لعل الله ينفع به، ويهتدي بعضهم على يدي المباركتين، نسأل الله لنا ولهم الصلاح.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2018/04/10