الانسحاب الأميركي من سوريا
مصطفى الصراف
كان وجود المسلحين المسيرين من قبل أميركا وحلفائها في الغوطة الشرقية لدمشق أشبه بخنجر وضع في خاصرة الدولة السورية، وكان هو الورقة الرابحة بيد أميركا وحلفائها للضغط على النظام السوري لمحاولة فرض مطالبهم عليه بما يحقق مصالحهم، وهو ما جعل النظام السوري يتخذ قراراً بطرد المسلحين من الغوطة الشرقية بمساعدة من حلفائه، وقد اسقط ذلك القرار بيد أميركا وحلفائها، مما جعل الرئيس الأميركي يعلن مسبقا انسحاب القوات الأميركية من سوريا، لأنه بات شبه مؤكد أن الجيش السوري ستكون خطوته التالية هي تحرير حدوده الجنوبية بما في ذلك التنف، ثم يتجه إلى تحرير المناطق الشمالية، ولن يستغرق ذلك سوى بضعة أسابيع أو بضعة شهور كحد أعلى، وسيصطدم عندئذ بالقوات الأميركية القليلة العدد المتواجدة هناك، مما سيلحق بها الهزيمة الحتمية.
وتحاشياً لهذا الموقف، كان إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب خلال بضعة شهور، لكن وفي الوقت نفسه بذل محاولة مع بعض الدول ليحلوا محله لحماية بقايا الدواعش شرق الفرات، وليكون البديل في الصدام المسلح مع جحافل الجيش العربي السوري، ولو تم ذلك فان تلك المحاولة ستكون فاشلة، لان الجيش السوري وحلفاءه يجدون سندهم الشرعي في الدفاع عن سيادة دولة مستقلة في مواجهة قوة احتلال أقل قدرة عسكرية ومعنوية، كما أن على الجانب الآخر سيواجه ذلك التحالف بالجيش العراقي الحريص على حماية حدوده من هجمات الإرهابيين المتواجدين شرق الفرات.
وبرأيي أن التواجد الأميركي في شرق الفرات كان لحماية أولئك الإرهابيين وليس لمكافحتهم، حسب ادعاء أميركا وحلفائها، ولذلك سيتم التعامل مع التواجد الأميركي باعتباره خطرا يهدد الدولة السورية وشعبها يجب مكافحته والخلاص منه، وهذا يعني أن فكرة إحلال أي قوات محل التواجد الأميركي شرق الفرات ستكون محاولة يائسة سيذهب ضحية فيها تلك القوات، بينما تنجو من تلك المجزرة القوات الأميركية ليجلس الصهاينة ودول الاستعمار الغربي يتفرجون عن بعد.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2018/04/25