أين الرؤساء العرب.. سؤال المليون الذي يستفزنا بعد كل مجزرة.. فهل يوجد رؤساء من أصله؟
لطيفة اغبارية
“ناس بهناها وناس بعزاها”، هناك من يبكي وينزف دمًا أحمر ترتوي به الأرض، وهناك من هو على شاكلة عارضة الأزياء “إيفانكا” ابنة المصارع الأمريكي ترامب ومن لفّ لفيفهم شاركوا في شرب الأنخاب في احتفال السفارة الأمريكيّة في القدس، والرقص على آلام وأمال شعب كامل بكل عنجهيّة واستحقار، وما كانت هذه السفارة لتفتح ومن قبل امرأة إلا بسبب الهوان، ودفع الجزية لها بالملايين، فهناك من يدفع المال، وهناك من هو محاصر يدفع ثمن مطالبته بفك الحصار، وهناك من يُكافأ ويحصل على الامتيازات.
في خضم المجزرة الرهيبة، بقيت صفحات التواصل الاجتماعي والفضائيات الفلسطينية هي شبه الوحيدة والمخلصة دون معظم القنوات العربية الأخرى، في نقل الأحداث المتعاقبة في غزة هاشم، وكل قصة كانت كافية أن تجعل النوم يطير من العين، تارة من الاستفزاز والتعقيبات التي يلوم ويعتب فيها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي “القادة” العرب، الذين لا يُسمع لهم صوت ولا استنكار، وربما يخرج شيوخهم غدا في فتاوى تحرّم التعبير عن الرأي. ولا يدري من يستغيث بهم كأنّ حالته تشبه من يستجير بالرمضاء من النار، وأنّ الزعماء العرب هم حالة ميؤوس منها، لا يعوّل عليهم، لا ينفعون ولا يرجى خيرهم، كما قال الشاعر “لبيد بن ربيعة”، وإن كان سياقه مختلفا لكنّه يطابق المغزى والعبرة التي نتحدث عنها هنا.
نتحدث هنا عن بعض القصص التي لن يشاهدها الكثير من العرب، على شاشات حكوماتهم التي ستنشغل وبعد يوم أو يومين، في فوازير رمضان، ورامز تحت الصفر، وغيرها من البرامج التي لا تهدف إلا لتعبئة جيوبهم فقط، أمّا الفلسطيني فسيستقبله بالسواد والحزن. ربما لم تشاهدوا ذلك الأب الذي جلس يبكي أمام جثمان ابنه “سعيد” وهو يقول:” بدي ابني يا ناس، بدي سعيد يقضي معنا رمضان يا الله”، ولا ندري إن شاهدتم الطبيب “معتصم النونو” الذي وقف واجمًا عندما فوجئ بجثة شقيقه “معتز النونو”، وبقي يتأمل وجهه وهو لا يعي ويستوعب ما يشاهده.
للمستغيثين بالرؤساء العرب: متى نصروكم آخر مرّة؟ نشكّ في تحقيق ذلك، وعليه احمدوا الله إن لم يتآمروا عليكم أيضا فأنتم بخير. وحتى لا تعتقدوا أنّنا فقط “نتهمهم” فاسألوا أنفسكم كم من حكومة عربية رفضت استقبال اللاجئين السوريين على أراضيهم، ومأساتهم هذه لا تقل مأساته أو نكبته عن نكبة الإنسان الفلسطيني.
أي شخص سيعتب ويستغيث بالرؤساء العرب، فهو يهدر وقته فقط”، فقد سئمنا من هذه الأسطوانة القديمة المتآكلة التي عفا عليها الزمن. فارحمونا وارحموا أنفسكم وأعصابكم، لأنّ السبات طويل الأمد، حتى لو عقدوا مئات المؤتمرات.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/05/16