تخطيط المدن وزحمة المرور
م. فهد بن عبدالرحمن الصالح
مازالت مسألة الازدحام المروري هي إحدى أكبر المشكلات التي تواجهها كثير من المدن، ومازالت الحلول التقليدية في حل أزمة المرور والطرق مستمرة وتتركز غالباً في إنشاء المزيد من الشوارع والطرق، بينما نجد أن التجارب العالمية التي تعاملت بشكلٍ جيد مع مشكلة الازدحام المروري قدمت حلولاً واضحة ومعايير محددة تركز على حل قضايا الازدحام المروري وتبعاته والطرق والسياسات اللازمة للسيطرة عليها وتركزت في محاور ثلاثة، هي:
المحور الأول توفير وتنويع خيارات النقل العام: وللأسف مازالت معظم مدننا متأخرة في هذا الجانب والمؤمل في أن تكتمل منظومة النقل العام في المدن الكبرى كالرياض وجدة التي يجري العمل على إنشائها.
المحور الثاني تكامل تخطيط المدينة (استعمالات الأراضي) مع حركة النقل والطرق: ومن وجهة نظرٍ خاصة اعتبر أن هذا المحور هو أهم محور، حيث تعاني منه كافة المدن بالمملكة فالملاحظ سيطرة الاستخدام التجاري ومزاحمته للاستخدامات السكنية، فالمدن تحولت إلى أشرطة تجارية وبشكلٍ مبالغ فيه، وأصبحت مخططات التطوير العمرانية تركز على مد تلك الشوارع التجارية دون مراعاة لأهمية تحديد النطاقات المكانية للاستخدامات المختلفة ومن أبرزها الاستخدام السكني.
والمؤمل أن يستفاد من تجربة بريطانيا على سبيل المثال حيث عملت على سن قانون للازدحام المروري ركز في أهم مواده على دور البلديات في تحقيق التكامل بين سياسات النقل وسياسات استخدامات الأراضي، والسيطرة على حركة السيارات في المدن من خلال تحديد استخدامات الأراضي المختلفة والتي تنشأ عنها عادةً حركة السير.
كما ركزت إدارة المدينة على الكثافة السكانية والاستخدامات الأخرى ضمن المناطق الحضرية الموجودة مسبقاً والتي يمكن الدخول إليها دون الحاجة إلى استخدام المركبة الخاصة، وأيضاً تم تركيز بعض الوظائف في المناطق الريفية حول مراكز الخدمات كأقطاب جذب للتجمعات السكانية.
المحور الثالث: تقليل استخدام المركبة الخاصة والحد من الرحلات باستخدام المركبة وتقوية عناصر الحركة في المدينة كممرات المشاة، والتركيز على محاور الطلب على وسائل النقل كوسط المدينة.
ومن التجارب الرائدة في هذا الجانب تجربة مدينة بيرجامو في إيطاليا، حيث عملت إدارة المدينة على تبني سياسات لمعالجة الازدحام المروري من خلال إعطاء الأولوية لقضايا السير والازدحام المروري من بين القضايا المطروحة لتحسين نوعية الحياة في المدينة، وكذلك حماية المناطق التي يتردد عليها بعض سكان المدينة من الأطفال، وكبار السن، والمرضى كالمدارس والمستشفيات وغيرها وذلك بتقليص مرور المركبات في هذه المناطق إلى أقل حدٍ ممكن أو بتحديد سرعتها إلى أقل سرعة ممكنة، واعتبار البعض منها كمناطق معزولة مرورياً كمنطقة وسط المدينة. وفي الواقع أجد أننا بحاجة لحلول غير تقليدية لمعالجة مشكلة الازدحام المروري ونتطلع لحل مكتمل الأركان بسياسات محددة وإجراءات تنفيذية واضحة المعالم.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2018/06/05