زحْف الأعراب نحو «إسرائيل» فاجأ نتنياهو ولم يفاجئنا لأننا نعرفهم أشدّ كفراً ونفاقاً
إياد موصللي
قال رئيس وزراء حكومة «إسرائيل» بنيامين نتنياهو في تصريح أدلى به للصحافة البريطانية: «لم يكن يخطر ببالي أنّ العلاقة والتعاون بين إسرائيل وعدد من الدول العربية سيحصل بهذا الشكل…»
أما نحن فكنا نعرف منذ بداية ونشوء المسألة الفلسطينية أنّ ما سمّي بالأعراب لن يُعتمَد عليهم ولا يُؤمَن جانبهم في مجابهة الأطماع الصهيونية بأرض فلسطين.. لذلك كانت محاربة الصهيونية هي شأن سوري والقتال في سبيلها وتقديم الشهداء واحتضان المشرّدين من أبنائها هو عمل قومي في محيط أمتنا..
ما رآه نتنياهو اليوم رأيناه منذ اللحظات الأولى، ونبّه إليه الزعيم بكلّ صراحة ووضوح..
ففي المحاضرة الثالثة من المحاضرات العشر التي كتبها في 25 كانون الثاني 1948 قال: «إننا نشك كثيراً في أنّ المملكة العربية السعودية كانت تشعر بالفعل أنّ فلسطين يجب الدفاع عنها كما يشعر السوريون وللغاية السورية عينها، التي يريدها السوريون، فالأرجح الذي تدلّ الدلائل عليه أنّ المملكة السعودية رأت في تدخلها مجالاً للعمل لمسائل خاصة بها ويمكننا أن نعتقد وهنالك أسباب تؤيد هذا الاعتقاد أنّ مصالح مادية هامة تمكنت المملكة العربية السعودية من الحصول عليها بطرق المساومات على كيفية تقرير مصير فلسطين، أنّ القروض المالية الكبيرة التي تستعدّ دولة الولايات المتحدة الأميركانية لإقراضها لها وفي المصالح المادية الكثيرة التي حصلت بين الولايات المتحدة الأميركانية والمملكة السعودية لا تسمح بأن نظنّ أنها بعيدة عن تنفيذ خطط السياسة الأميركانية في صدد قضية فلسطين.. وكذلك نرى أنّ المصريين نظروا إلى قضية فلسطين من وجهة نظر مصرية بحت.. حتى أنّ هذا الموقف ظهر بوضوح عندما أعلن النقراشي باشا رئيس الحكومة المصرية في اجتماع اللجنة السياسية للجامعة العربية الذي انعقد في عاليه بلبنان في تشرين الأول 1947 تحفظه على موضوع الاشتباك المسلح فقال:
«أني أريد أن يكون معلوماً من الجميع أنّ مصر إذا كانت توافق على الاشتراك في هذه المظاهرة العسكرية.. فأنها غير مستعدّة قط للمضيّ أكثر من ذلك…» وتفسير هذا أنّ مصر توافق على الحشد العسكري على الحدود ولكنها ترفض الاشتراك في حرب فعلية.. «وأنّ المعارك المحدودة التي خاضها المصريون في سيناء وحدود مصر لم تطل ووقعت الهدنة مع «إسرائيل» منفردة قبل جميع الدول وذلك في شباط 1949 أيّ بعد أقلّ من سنة على إعلان دولة «إسرائيل» والحرب معها.
أما المشاركة السعودية في الحرب فمسرحية هزلية مكشوفة فقد شاركت المملكة العربية السعودية بقيادة العقيد سعيد البكري بقوة عسكرية دخلت إلى غزة في أيار 1948 وغزة ليست ساحة معركة أو موقعة عسكرية والقوة السعودية هذا تكوينها:
ـ وصلت الدفعة الأولى إلى غزة يوم 27 أيار/ مايو 1948 وتضمّ 27 ضابطاً و339 رتب أخرى.
ـ ووصلت الدفعة الثانية إلى غزة يوم 30 أيار/ مايو 1948 وتضمّ 19 ضابطاً و35 رتب أخرى.
ـ وصلت الدفعة الثالثة إلى غزة يوم 15 حزيران/ يونيو 1948 وتضمّ 10 ضابط و329 رتب أخرى.
هذه القوة الرمزية لم تطلق طلقة واحدة أو تشترك بمعركة واحدة.. وإذا كانت سورية بكافة كياناتها والدول الأفريقية في الجزائر وتونس والدول الإسلامية قد هبّت كلها في ذكرى القدس في 15 أيار فإنّ مظاهرة واحدة لم تجر في السعودية ومحيطها..
يكفي أن نعلم أنّ دول الخليج لا يوجد فيها لاجئون فلسطينيون، ما قاله نتنياهو ليس جديداً بالنسبة إليه وإنما أراد أن يهيّئ النفوس لما هو آت من مواقف اتفق عليها وستعلن قريباً.. وهنالك مثل شائع يقول إذا لم تستح فأفعل ما تشاء..
فالموقف العربي السعودي والخليجي واضح وذكرنا في أكثر من مقال المواقف الخيانية لهؤلاء الأعراب.. وللذكرى نعود إلى حرب عام 2006 والعدوان «الإسرائيلي» على لبنان، غضب الملك عبدالله ملك السعودية من المقاومة اللبنانية عندما سمع بالخبر وقال: «هذه مغامرة غير مقبولة». فردّ عليه الرئيس بشار الأسد: «يا أشباه الرجال…»
وجاء ابن الشيخ حمد الذي أطاح بأبيه، والابن سرّ أبيه، فأقام العلاقات وفتح سفارة لـ«»إسرائيل» في بلاده، كما قام رئيس وزرائه بتهديم الأنظمة العربية ودفع الأموال لخلق الفتن والاضطرابات وإذكاء الاقتتال الداخلي لتفتيت المنطقة العربية وتقسيمها وشرذمتها وتغذية الطائفية والمذهبية لتحقيق المخطط اليهودي…
وأنشأت قطر محطة تلفزيونية «الجزيرة» كما أنشأت السعودية محطة «العربية» بوجوه عربية ومخططات يهودية لتكون تلك المحطات معول الهدم والتخريب النفسي، فـ »إسرائيل» كما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون تؤمن بسلاح الإعلام وتصفه بـ «الآلة الجهنمية».
فالمواقف بين السعودية وقطر والبحرين المتناسقة في دعم «إسرائيل» ليست سراً وكشفتها السعودية في أكثر من مناسبة.
حسمت السعودية مبكراً موقفها من حرب تموز، فاختارت حزب الله لموقع الجلاد، موَجّهة سهام الانتقادات له، بعد عملية أسر الجنديين «الإسرائيليين».
ولم يكد يمضي يومان على اندلاع الحرب، وتحديداً في الرابع عشر من تموز، حتى خرج مصدر سعودي مسؤؤل في بيان لينتقد المغامرة غير المحسوبة، ويحمّل حزب الله مسؤولية التسبّب بالحرب، واضعاً للمقاومة جملة من الشروط حتى تحوز صفة الشرعية، وتنال الدعم العربي.
والبيان تضمّن هجوماً عنيفاً على حزب الله، معتبراً انّ «الوقت قد حان حتى تتحمّل هذه العناصر المسؤولية الكاملة وحدها عن أفعالها غير المسؤولة، وانّ هذه العناصر وحدها مسؤولة عن إنهاء الأزمة التي خلقتها». وتابع: «أنّ ما يحصل الآن يقوّي حزب الله ولا يضعفه. هكذا تقول تقديرات الخسائر التي نحصل عليها من مصادر متعدّدة استخبارية وغير استخبارية».
أما ملك البحرين.. فقد نشر موقع «ويكيليكس» وثائق جديدة، قامت بنشرها أيضاً صحيفة «الغارديان» البريطانية. وتضمّنت هذه الوثائق معلومات حول العلاقات الوطيدة التي تربط ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مع الموساد «الإسرائيلي».
بعد كلّ هذا نعود لما قاله سعادة: «إننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، إننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك، يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
أما ما قاله نتنياهو عن العرب فيردّ عليه الشاعر نزار قباني: يا أيها السيف الذي يلمع بين التبغ والقصب. يا أيها المهر الذي يصهل في برية الغضب، إياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العرب، فحربهم إشاعة، وسيفهم خشب، وعشقهم خيانة، ووعدهم كذب.
إياك أن تسمع حرفاً من خطابات العرب فكلها فجور وقلة أدب وكلها أضغاث أحلام ووصلات طرب لا تستغيث بمأرب، أو وائل، أو تغلب، فليس في معاجم الأقوام قوم اسمهم عرب!
وجاء في القرآن الكريم: «والأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً…»
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2018/06/15