اللهم ادفع عنّا غلا الكهرباء!!
طلال القشقري
هذا الارتفاع الكبير في فاتورة الكهرباء، بل الفاحش لا مؤاخذة، إلى أين يسير؟! هل إلى قمم الجبال يتسلّق؟! وهو بوتيرة ارتفاعه يبدو ليس ثابتاً، بمعنى أنّ نسبته تتغّير للأكثر والأكثر، والمُستهلِك سواءً كان مُواطِناً أو مُقيماً أصبح حائراً في الأمر، مثل حيرة الأرامل والثكالى، فهو إن رشّد استخدام الكهرباء أم لم يُرشِّد فالفاتورة ستأتيه مرتفعة مرتفعة، والبعض يشكو أنه سافر وأطفأ كلّ الأجهزة الكهربائية حتّى جرس الباب ومع ذلك أتته الفاتورة مرتفعة وكأنّه كان في بيته ولم يغادره، والبعض الآخر صار يشكّ في الأمر ويعمل كمراقب لعدّاد كهرباء بيته تحت الشمس الحارقة، يحسب كلّ يوم الاستهلاك السابق والاستهلاك الحالي ويضرب الفرق في التعرفة لعلّ هناك خطأً ما يراجع الشركة بخصوصه!.
وعندما أقول إنّ الارتفاع كبير، أقصد ١٠٠٪ أو ٢٠٠٪ أو ٣٠٠٪، أو مضاعفاتها، ولا مانع من ضرب مثال شخصي، ففاتورتي أنا للشهر الحالي تجاوزت الـ١٥٠٠ واقتربت من الـ٢٠٠٠ ريال، لفيلّا صغيرة نصفها مُخصّص للضيوف الذين لا يحِلُّون إلّا في المناسبات القليلة، ويقطن فيها ٥ أشخاص يشهد الله أنّهم جميعاً مُتحلٍّين بثقافة الترشيد الكهربائي، وكانت الفاتورة في السنوات القليلة الماضية لا تتجاوز الـ٢٥٠ ريالا في الشتاء والـ٥٠٠ ريال في الصيف، ثمّ صارت من أصدقاء الـ١٠٠٠ فالـ١٥٠٠، والـ٢٠٠٠، والقادم مجهول!.
وهذا الارتفاع مُرْهِق لمن كان وضعه المادّي طيّباً، فما بالكم بالمتواضع الدخل!؟ الذي يُؤثّر فقدان المئة والمئتي والثلاثمائة ريال على وضعه؟ و»يُلخبط» ميزانيته؟! ويجعله يُعيد حساباته؟ ويجعل راتبه يتحول من حالة الصلابة والسيولة النقدية إلى حالة التبخّر الوميضي السريع؟ وتحوّلت الكهرباء من خدمة أساسية لا غِنَي عنها إلى خدمة استنزافية حادّة لدخل المواطن والمُقيم، ومن يطلع علينا من شركة الكهرباء أو من هيئة تنظيم الكهرباء أو من مجلس الشورى أو من هنا أو من هناك لا يساند المُستهلِك الحائر المسكين بل يستعرض بما لديه من فنون لإغاظة الناس، والوضع يستلزم أن ندعو الله أن يدفع عنّا الغلا ما ظهر منه وما بطن!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2018/07/02