الرقابة على فواتير الكهرباء
سطام المقرن
لابد من وجود رقابة مالية على نظام الفوترة في شركة الكهرباء خاصة في ظل ارتفاع الشكاوى والاعتراضات على الفواتير من قبل المواطنين وهذا من اختصاص ديوان المراقبة العامة
أصدرت الشركة السعودية للكهرباء الأسبوع الماضي، بياناً أوضحت فيه أسباب ارتفاع فواتير الكهرباء، والتي تعود إلى التعرفة الجديدة حسب شرائح الاستهلاك في القطاع السكني، بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك بسبب استخدام أجهزة التكييف!، كما أكدت هيئة تنظيم الكهرباء على صحة نظام الفوترة في الشركة، وذلك رداً على الشكاوى والاعتراضات الكثيرة من المواطنين.
البيان السابق لشركة الكهرباء حول الفواتير يؤكد على سلامة نظام الفوترة، وكذلك هيئة تنظيم الكهرباء، لكن لم يتم الإجابة على أسئلة المواطنين المتعلقة بوجود كميات استهلاكية أكبر من المعتاد بالرغم من عدم تواجدهم في منازلهم خلال تاريخ الفواتير الأخيرة، بالإضافة إلى أن التعرفة الجديدة بدأ تطبيقها مع بداية العام الحالي، ومع ذلك جاءت أرقام الفاتورة أضعافاً مضاعفة!.
كما أن هيئة تنظيم الكهرباء لم توضح كيف تم التحقق من سلامة نظام الفوترة في الشركة وخاصة أنها أصدرت بيانها خلال أقل من 24 ساعة من شكاوى واعتراض الناس في مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت!، فكيف تسنى للهيئة خلال هذه الفترة القصيرة مراجعة تسعة ملايين فاتورة تم إصدارها دفعة واحدة في شهر واحد؟، فهل تم التحقق عن طريق أسلوب العينات؟، وهل تم القيام بزيارات ميدانية للأحياء السكنية للتأكد من قراءة العدادات الكهربائية والتأكد من صلاحيتها؟.
نحن في الحقيقة أمام مسألة رقابية مهمة تتعلق بأداء شركة الكهرباء نفسها وخاصة فيما يتعلق بنظام الفوترة، والذي على أساسه يتم تسجيل إيرادات الشركة في التقارير المالية، وبناء على هذه الإيرادات يتم تحديد الأرباح والخسائر والتي تعتبر مؤشرا كميا على أداء المسؤولين في الشركة وإنجازاتهم، الأمر الذي يؤدي إلى وجود مخاطر «إدارة الأرباح» في الشركة.
قد يقول قائل: «هناك شركات محاسبية تقوم بمراجعة التقارير المالية الصادرة عن شركة الكهرباء، وبالتالي يتم التأكد من سلامة الاعتراف بالإيرادات، وكذلك نظام الفوترة في الشركة» وأقول: بالرغم من المراجعة المالية التي تقوم بها شركات المحاسبة إلا أنها قاصرة فيما يتعلق بأنظمة الرقابة الداخلية في الشركة، فالمراجع القانوني يكتفي بمراجعة الفواتير الصادرة من الشركة كمستند لإثبات المبالغ المرصودة في بند الإيرادات في قائمة الدخل، وكذلك عملية تسجيلها وتبويبها في دفاتر الشركة، ولكن في الغالب لا يتم التأكد من صحة تلك المبالغ الموجودة في الفواتير على أرض الواقع، ويتم الاكتفاء بخطابات أو قرارات من مجلس الإدارة فقط حتى يتم إخلاء مسؤولية المحاسب القانوني.
عند القيام بمراجعة بسيطة لكيفية احتساب قيمة فواتير الكهرباء، نجد أن الشركة تعتمد على المعادلة التالية:
كمية الاستهلاك للشريحة/ 30 يوما* عدد الأيام الفعلي (تاريخ القراءة السابقة – تاريخ القراءة الحالية)
وبناء على المعادلة السابقة يعتقد كثير من الناس أنه إذا كانت كمية الاستهلاك أقل أو تساوي 6000 ك.و.س يتم ضرب الكمية في 18 هللة، وما يزيد عن 6000 يتم ضربه في 30 هللة، ولكن الحقيقة أن هذه الطريقة يتم تطبيقها فقط إذا كان عدد الأيام الفعلية 30 يوما فقط، وهذا المكتوب على الفواتير في الأساس، وما حصل في الشهر الأخير أن عدد الأيام جاءت متفاوتة لكثير من المستهلكين بعضها 25، 27 يوماً والبعض الآخر 38 يوماً.
فعلى سبيل المثال إذا كانت كمية الاستهلاك 5700 وعدد الأيام 25 يوماً تكون قيمة الفاتورة بدون رسوم الضريبة تساوي 1110 ريالات، وذلك على النحو التالي:
5000 * 0.18 هللة = 900 ريال
700 * 0.30 هللة = 210 ريالات
أما إذا كان عدد الأيام 30 أو أكثر، فسيتم ضرب الكمية في 0.18 هللة فقط، فتكون قيمة الفاتورة بدون الرسوم والضريبة تساوي 1026 ريالا، ليكون الفارق 84 ريالاً بسبب عدد أيام الاستهلاك، وبناء عليه لماذا هذا التباين في عدد الأيام مع أن المكتوب على الفاتورة بأن الأساس هو 30 يوماً.. فأين العدالة في تطبيق الشرائح؟ الأمر الذي يتطلب وجود مراجعة مالية مهنية لنظام الفوترة في شركة الكهرباء.
بالإضافة إلى ما سبق، هناك مشكلة تقنية تتعلق بعدادات الكهرباء والتي على أساسها يتم تحديد كمية الاستهلاك في الفواتير، وكما هو معلوم هناك رسوم مالية تفرض على هذه العدادات حسب سعة القاطع تسمى «رسوم خدمة العداد»، والسؤال المطروح هنا: ما هي الخدمة التي يستفيد منها المستهلك لقاء دفع هذه الرسوم؟. لا أحد يعلم ما هو نوع الخدمة المقدمة لعدادات الكهرباء، ولكن لنفترض أن من هذه الخدمات صيانة العداد، وللأسف فإن عدادات الكهرباء أغلبها قديمة، فإذا وصلت درجة الحرارة في الصيف فوق الخمسين درجة مئوية فإنها تؤثر على دقة القراءة وعلى زيادة كمية الاستهلاك، وبالتالي تؤثر على قيمة فاتورة الكهرباء بسبب عدم وجود صيانة ومعايرة من شركة الكهرباء لهذه العدادات.
ومما سبق، يتضح أهمية وجود رقابة مالية على نظام الفوترة في شركة الكهرباء خاصة في ظل ارتفاع الشكاوى والاعتراضات على الفواتير من قبل المواطنين، وقد يتساءل القارئ الكريم عن الجهة المختصة عن تلك الرقابة وهو ديوان المراقبة العامة، فهذا النوع من الرقابة من الاختصاصات الأصيلة للديوان، حيث يوجد قطاع خاص بالرقابة المالية والأداء على الشركات التي تساهم فيها الدولة ومنها شركة الكهرباء السعودية.. فهل يقوم الديوان بهذه المهمة وينشر تقريره على الرأي العام؟.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2018/07/03