إسرائيل لن تنتصر على غزة
عبد الستار قاسم
لا نريد أن نبالغ بقوة غزة العسكرية، لكن الشواهد أمامنا وهي أن الصهاينة شنوا ثلاث حروب متتالية على غزة، وفشلوا، ولم يتمكنوا من عبور مائة متر داخل غزة. صحيح أن قدرة الصهاينة العسكرية ساحقة، وغزة لا تملك إلا ما تواضع من السلاح، لكن نتائج الحروب لا تقاس بعدد القتلى والبيوت المهدمة، وإنما تقاس بتحقيق الأهداف. ولو كان الصهاينة متأكدين من تحقيق انتصار ومعه الأهداف المطلوبة لما ترددوا في شن حرب على غزة منذ زمن.
لم يعد الصهاينة على يقين من النصر، بل شبح الحروب الأربع السابقة يلاحقهم، وهم يدركون أن المقاومة التي واجهوها عامي 2006 و 2014 لم تعد تلك التي كانت، وإنما تطورت قدراتها العسكرية.
على خطى الحروب السابقة، الصهاينة لن يتمكنوا من دخول غزة وتحطيم المقاومة الفلسطينية، ولن يتمكنوا من تحطيم إرادة الناس، وهم سيلاقون قوما آثروا الموت على الحياة، وتطلعوا إلى آخرتهم على حساب دنياهم. المقاومة الفلسطينية أفضل تسليحا الآن مما كانت عليه الأمور عام 2014، وأقوى شكيمة وأحسن تدريبا وتنظيما، ولديها من الأسلحة والمعدات ما سيشكل مفاجأة للكيان الصهيوني. كما أن قطاع غزة أكثر نفيرا مما كان عليه على الرغم من ضنك العيش وقسوة الحياة. فإذا تجرأ الصهاينة وشنوا حربا جديدة على غزة، فإنهم سيلاقون أهوال القتال، وسيشهدون بطولات قتالية وفنونا قتالية لم يعهدوها من قبل، ولن يتمكن جيشهم من العبور مهما استخدم من أسلحة. ولهذا سيلجأ العدو إلى القتل والتدمير كما فعل عام 2014. جيش يفشل ولا يجد أمامه إلا قتل المدنيين وتدمير بيوتهم عسى أن يشكل ذلك ضغطا على المقاومة فتستسلم خوفا على المدنيين. لكن مدنيي غزة سيكونون عونا للمقاومة غير مكترثين بما يفعله الصهاينة من تدمير وقتل.
ثم هل يأمن الصهاينة جبهات أخرى قد تفتح فيضطرون إلى إعادة تقييم الأمور. لا يوجد أمل كبير في فتح جبهات أخرى مثل الجنوب اللبناني، لكن الاحتمال يبقى واردا في ذهن المخطط العسكري الصهيوني.
التهديد ضد غزة يتوالى من قبل العسكريين والسياسيين، لكن الصهاينة سيرتكبون خطأ فاحشا إن هم أقدموا على شن حرب جديدة. غزة لوحدها قادرة على صد الهجوم وإفشاله. غزة غير قادرة الآن على القيام بحرب متحركة، وهي تعتمد الحرب المخندقة أو الساكنة، لكنها قادرة على الدفاع بكفاءة ومهنية ووفق أحدث الأساليب والتحركات العسكرية التكتيكية. والعدو يعرف ذلك تماما. وهو قد يلجأ إلى الاغتيالات كبديل، لكن الاغتيال يبقى فعل الجبناء، وتاريخيا لم يستفد العدو من اغتيال القيادات الفلسطينية.
لن يتمكن جيش الصهاينة من إثبات نفسه، وفشله سيثير حلفاءه العرب والغربيين، وسيصبح موضع انتقادات حادة من الداخل الصهيوني، وستتدهور ثقة اليهود الصهاينة بجيشهم، وهذا سيؤدي إلى مزيد من الهبوط في المعنويات، والانقسامات الداخلية. وعلى الصهاينة أن يجيبوا عن جهوزية جبهتهم الداخلية. جبهتهم الداخلية هشة، ولا تحتمل عشر ما يتحمله أهل غزة.
والمهم ألا تبالي غزة، وتبقى على عهدها القائل الصاروخ بصاروخ، ولا عدوان بدون رد فوري.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/07/16