وجيه الأوجامي... الوطني "الفاسد"
عادل السعيد
قبل فترة قصيرة، كانت صورة وجيه الأوجامي تعتلي الصفحات الرئيسية لأغلب الصحف الرسمية، برفقة تصريحاته الممالأة للمستبد، والمؤيدة للاستبداد والظلم. كان يوسم في تقارير تلك الصحف على الدوام بالشخصية "الوطنية"، على اعتبار أنه لا يتفوه إلا بما يرتضيه "ولاة أمره" و"أسياده ومواليه" كما يحب أن يعبر، حتى حينما يصل الأمر إلى "سفك دماء الأبرياء".
في وقت منصرم، تناهى إلى مسامعي أن المباحث وشخصيات حكومية، كانت تقدم وجيه الأوجامي ومحمد الجيراني -الذي قتل في ظروف غامضة-، كقدوة أمام شخصيات من المجتمع، مع مطالبتهم بالحذو حذوهما، لأنهما –بحسب تلك الشخصيات الحكومية- نماذج وطنية مشرقة لا تشوبها شائبة . وكلاهما كانا معروفين لدى القاصي والداني بممالأة الظلمة وتنفيذ أوامرهم.
لا يخفى على أحد، أن وجيه الأوجامي لم يصل إلى سدة القضاء عبر تأييد أهلي، ولا عبر كونه يمتلك اللياقة العلمية المطلوبة، بل أن اختياره لهذا المنصب كان في سياق حكومي يهدف لصناعة شخصيات تنافس الشخصيات والزعامات المحلية التي تحظى بدعم أهلي بقدر أو بآخر. يبدو أنه كان متوقعاً أن منصب القضاء سيصنع منه ومن غيره شيئاً، ولكن ذلك لم يحدث.
يتعجب البعض، أنه مع كل ما بدله وجيه الأوجامي من "ماء وجهه"، وهو أعز ما يملكه الإنسان الذي يمتلك كرامة، في سبيل الوقوف مع الظلمة والذود عنهم بالزور والنفاق، وما بدله من وقت لصياغة أشعاره وكلماته المليئة بالنفاق والتملق لهذا أو لذاك، إلا أن كل ذلك لم يشفع له، حيث بات اليوم ذليلاً مهاناً بعد وسمه بـ"الفساد"، من قبل من دافع عنهم ردحاً من الزمن، وعادى من أجلهم المظلومين.
يأتي خبر مطالبة النيابة العامة بسجنه لمدة عشر سنوات؛الذي جاء في صحيفة عكاظ الرسمية، في سياق حملة محمومة من الاعتقالات طالت "الموالين"، في مشهد يخيل إلينا وكأن سيف الظلم اكتفى من إيذاء المعارضين، ولم يجد إلا "غمده" الذي يحميه كي يجرحه وينال منه. أو لأن زمنهم قد انتهى وجاء من يحل محلهم ويؤدي الدور المطلوب منه بشكل أفضل.
على الرغم أن النيابة العامة ادعت أن وجيه الأوجامي متورط في قضايا فساد، إلا أنه من المرجح أن تكون هناك أسباب أخرى تقف خلف محاكمته، إذ إن من هم أكثر فسادا منه أُفرجت عنهم الحكومة بعد فترة وجيزة من احتجازهم، عقب أجبارهمً على دفع مبالغ من المال.
على صعيد آخر ذات صلة، قامت الحكومة قبل أشهر باعتقال مجموعة من الدعاة والكتاب المعروفين بولائهم للنظام السعودي، والمشهورين بتأييدهم لظلمه. وكأن كل هذه الاعتقالات في صفوف الأوساط الموالية مؤشر لمن هم على شاكلتهم، ورسالة صريحة لهم، أن مصادقة "المفترس" ستجعل منك أحد ضحاياه في نهاية المطاف، حتى لو كنت تشرع له افتراس الآخرين. حقاً، ما أكثر العبر وأقل الاعتبار!
خلاصة القول، الاعتصام بحبل الظالمين كالاعتصام بخيطاً من بيت العنكبوت، ومآل فاعله حتماً إلى الهاوية، ولو بعد حين. كان وجيه الأوجامي نصيرا للظالمين، ظناً منه أن ذلك سيجعل منه شخصاً عزيزاً ذو مكانة، ولكنه اليوم ذليلاً بلا نصير، بعد أن لفظه المجتمع، وانقلب عليه أسياده الظالمين. كلمة الحق ترفع من شأن صاحبها وتعلي مكانه، ولكن وجيه خان أمانة الكلمة واستعاض عنها بالزور والنفاق والتملق، وهذه هي نهايته الغير متوقعة من قبل الكثيرين.
أضيف بتاريخ :2018/07/30