كلمة السر: هضبة الجولان؟!
محمد النوباني
عندما يسود الإحباط ويعم اليأس وتبلغ القلوب الحناجر يحتاج الناس إلى من يهدئ من روعهم ويبعث فيهم الأمل المستند إلى القوة والاقتدار والإيمان بحتمية النصر وليس إلى من يثبط العزائم ويضعف الهمم ويفكر كما يريد له العدو أن يفكر . ومن يضطلع بجدارة بهذا الدور الريادي والقيادي والتنويري هو سماحة السيد حسن نصر ألله أمين عام حزب الله اللبناني الذي أوضح في خطابه الهام ليل العاشر من محرم بما لا يدع مجالا للشك بان المشروع الإسرائيلي الأمريكي السعودي في سوريا قد سقط وفشل .وبتتالي فان معسكر المقاومة على وشك الانتصار التام والنهائي. بكلمات أخرى فطالما أن إسرائيل التي دعمت وسلحت وعالجت المجموعات الإرهابية في مشافيها وشنت عشرات الغارات على الأراضي السورية لدعمهم ومساندتهم وهي في مقدمة من هزموا في سوريا فأن من الوقاحة ان يطالب قادتها بالحصول على مكاسب وغنائم وكأنهم من معسكر المنتصرين وليس المنهزمين بامتياز.
ولعل إدراك حكام إسرائيل بأن هذا الانتصار الكبير لم يكن ليتم لولا أن موازين القوى في المنطقة وفي العالم قد تغيرت بشكل كبير لغير مصلحتهم ومصلحة حليفهم الأمريكي هو الذي دفعهم وقد يدفعهم للإقدام على حماقات غير محسوبة العواقب ومنها إسقاط أو التسبب في إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في محاولة يائسة للوقيعة بين الدولة السورية وروسيا وهذا ما روجه مسئول أمني إسرائيلي عندما زعم أن بوتين رفض استقبال مكالمة هاتفية من الرئيس الأسد الأمر الذي نفاه الناطق بلسان الكريملين جملة وتفصيلا. أن حكام إسرائيل مرتعبون من أن يؤدي استكمال تحرير محافظة إدلب ومن ثم تحرير مناطق شرق الفرات من الاحتلال الأمريكي الأنجلو فرنسي إلى خروجهم خاليي الوفاض من الحرب التي راهنوا منذ الأيام الأولى لنشوبها بأن تؤدي إلى سقوط نظام حكم الرئيس بشار الأسد وتحطيم الدولة السورية وتفكيك جيشها ولكنهم فشلوا في كل ما راهنوا عليه.
ولأن السيد حسن نصر الله هو الذي يفهم ما يرمي إليه أصحاب الرؤوس الحامية في تل أبيب المفتونون بعقدة العظمة والغطرسة فقد أوضح لهم في خطابيه ليل ويوم عاشوراء مسالتين في غاية الأهمية الأولى أن غاراتهم على اللاذقية سوريا قد خرجت عن المألوف ولم تعد تحتمل وبالتالي فان على معسكر المقاومة تدارس الأمر بجدية والرد على تلك الغارات والثانية أن الصواريخ الدقيقة وغير الدق اكتمل وصولها إلى المقاومة وبالتالي فقد قضي الأمر. وباتت إسرائيل كما يقول المثل الفلسطيني لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير لسببين الأول لأنها أدركت بأن واقع موازين القوى على ارض الصراع هو أقوى من غطرسة حكامها والثاني لأن ما فعلته من حماقة شن الغارة على اللاذقية وإسقاط الطائرة الروسية سوف يدفع روسيا دفعا لتغليب مصالحها الحقيقية على أرض الواقع مع سوريا وإيران على لغة الدبلوماسية والمجاملات أتي اعتمدتها سابقا مع إسرائيل لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي الروسي و بأولوية مكافحة الإرهاب التكفيري ووجود نوع من النفوذ الصهيوني على دوائر صنع القرار في موسكو وهذه مسالة لها جذورها منذ أيام الاتحاد السوفياتي السابق.
ولكي يكتمل فهم كل ما تقدم فان اشد ما يخشاه نتنياهو صاحب كتاب (مكان تحت الشمس) الذي وفر الأرضية العقائدية لقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين على يد الإرهابي إيغال عامير بذريعة أنهم كان ينوي التنازل عن هضبة الجولان السورية المحتلة لسوريا مما سيمكن أعداء إسرائيل من الهبوط من الهضبة لإبادة اليهود وهو قطعا لم يكن ينوي ذلك ، أن يضطر هو نفسه للانسحاب من الهضبة سلما بفعل موازين القوى الجديدة سيما وأنه يوجد قرارين دوليين ينصان على ذلك صراحة وهما ٢٤٢ و٣٣٨ أو حربا إذا تعذر الأمر.
فمبرر الاحتفاظ بهذه القطعة الغالية من الوطن السوري (١٨٠٠ كيلو مترا مربعا) ليس الأمن كما أدعى ويدعي نتنياهو لأنه في ظل وجود تقنيات المراقبة المتطورة والصواريخ الدقيقة لا تبقى أهمية عسكرية للارتفاع أو الانخفاض لضمان الأمن أو عدمه بقدر ما له ارتباط بأهداف استعمارية ودواعي نهب وسرقة. فمن الجولان تأخذ إسرائيل ٣٣%من احتياجاتها المائية ناهيك عن أن الدراسات الجيولوجية أثبتت وجود كميات هائلة من الغاز في جوفها.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/09/23