نتنياهو يريد وكوشنر يريد وبن سلمان يريد والله فعال لما يريد ..
د. عبد الحي زلوم
لقد استثمر الصهيو أمريكان بابن سلمان ورفعوا عليه الرهان فهناك صفقتان فجاءهم ما لم يكن في الحسبان وكان ما كان!
يتساءل المرء عن سر اهتمام العالم بطوله وعرضه اهتماماً منقطع النظير في قضية اغتيال الخاشوقجي . يبدو أن سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ قد اكتشف السر حيث كتب : ” “هذا البلد محسود على دينه، محسود على أمنه، محسود على قيادته، محسود على رخائه وخيراته، محسود على اجتماع كلمته، محسود على تآلف صفه، فعياذاً بالله من الدعايات المضللة”.
اعتقد أننا قد اكتشفنا سر ذلك الاهتمام العالمي بأنه نتيجة الحسد وبذلك أصبح حل المشكلة بسيطاً جداً، فكل ما يحتاجه ولاة الأمور في السعودية هو (خرزة زرقاء ) و ربما التذكير بالحكمة بأن الحسود لا يسود (وفي عينه عود ) بالإضافة لقليل من تحريك اللوبي الإسرائيلي. أليس الحليف و الصديق هو وقت الضيق؟ عندها ربما ستتوقف قناة الجزيرة من بث أخبار هذه القضية 28 ساعة في اليوم طبعاً حرصاً على الرأي والرأي الأخر!
عجيبٌ هذا العالم الذي يحسد ذلك الشاب الملهم والمصلح الكبير . ألم يسمح للنساء بقيادة السيارات؟ ألم يسمح لهم بحضور مباراة كرة القدم؟ ألم يسمح لمطربي (السح السح انبو والود طالع لابو) بزيارة البلاد المقدسة بل لتعانقهم الفتيات السعوديات المتحررات ؟ ماذا يريد هؤلاء الحاسدون ممن وصفه فضيلة شيخ مشايخ الحرم المكي الشريف عبد الرحمن السديس في آخر خطبة جمعة واصفا محمد بن سلمان بـ “الشاب الطموح المحدّث الملهم”: وأن” النيل من المملكة استفزاز لمشاعر أكثر من مليار مسلم” . والحقيقة أنني قد تم استفزازي بعد قرآتي مقولة السديس لكنني لم أعرف لماذا. ربما أني تذكرت أن فضيلة الشيخ السديس قد صرح أثناء زيارته لأمريكا قبل شهور بأن الله قد خلق الولايات المتحدة والسعودية لإسعاد العالم . السعودية … نعم أما الولايات المتحدة … يا لطيف .
الشيء الأكيد هو أن نرجو الله أن يطيل بأعمار علماءنا الأفاضل أمثال العالم عبد العزيز آل الشيخ والعالم السديس وأن يفيدنا الله ويفيدكم من علومهم .
يبدو أن الحساد في نفسهم غرض ، والغرض مرض ، فهم يتغاضون عن كل تلك الإصلاحات التي ذكرناها ولا يتذكرون فقط سوى ما يظنون أنها هفوات بسيطة لأنهم لا يستطيعون بمداركهم البسيطة أن يفقهوا ما وراء الأحداث :
ألم يبدأ سموه حكمه ب(عاصفة الحزم) ؟ فسر البعض أن الكلمة الأولى (عاصفة) قد جاءت تيمناً بعاصفة الصحراء الأمريكية نسبة إلى العواصف الأمريكية في منطقتنا . فما علاقة هذه بتلك؟ أما كلمة الحزم إلا يفقه هؤلاء الحاسدون عن العزم والحزم في استمرار حرب 4 سنوات ظن البعض أنها ستستغرق 4 أيام فقط وحتـى لو نتج عنها ما اسماه الحاسدون أكبر حرب إبادة في التاريخ الحديث.
وما دمنا نتكلم عن التاريخ ألم يصحح سموه التاريخ حين قال في خطاب له أمام حشد يهودي في زيارته الشهيرة للولايات المتحدة بأن لليهود الحق للعيش في دولة على أرضهم أي فلسطين ! منذ متى أصبح عامة الشعب مثلي ومثلكم يعرفون التاريخ أكثر من الأمراء؟
ثم ألم يرتب سموه حفظه الله للفلسطينيين صفقة قرن ربما كانت أعلى من مداركهم أن يفهموها بل استطاع أن يقنع كوشنر أن يقبل بالصفقة ليقنع بدوره نتنياهو والذي خضع أخيراً لرغبات الأمير ؟ ثم الم يتبرع (طال عمره ) بعشرة مليار دولار للمقاوم الفلسطيني الكبير محمود عباس ليقبل بالصفقة ؟
أيها الناس: اسمعوا وعوا، أنعم الله على العالم بامير شاب تقدم على عصره فأصبح أعلى من مدارككم وهو أولاً وأخيراً من أولي أمركم وطاعة ولي الأمر فرض عين على كل مسلم كما قال علماءنا الأفاضل لا فض فوههم ! وأنا احتج بشدة على وصف أحد أولياء أمورنا بأنه أداة هدم من سناتور أمريكي اسمه غراهام فماذا يفهم مثل هذا السناتور عن عظماء التاريخ ؟
أخيراً أقول : شر البلية ما يضحك!
***
وقليل من الجد : لماذا يستميت كوشنو ومن ورائه نتنياهو بنصيحة بن سلمان بالثبات في وجه العاصفة كما تدعي الصحافة الأمريكية ؟ السبب بسيط . عمل هؤلاء منذ مجيء ترامب للحكم على إتمام صفقتين كبيريتين لمنطقتنا العربية والإسلامية . أولهما هي صفقة القضاء الكامل والنهائي على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وبشروط لم يستطع أن يقبلها حتى محمود عباس.
وثاني تلك الصفقات كانت لتحويل جيوش من اسموهم الدول السنية لتصبح جيوشاً مرتزقة في حلف صهيو أمريكي لتنفيذ أغراض إسرائيل الكبرى (الولايات المتحدة ) والصغرى (دولة الاحتلال) في فلسطين . واعتقد هؤلاء أن الأمر قد سُوّي وتم الاتفاق على أدق تفاصيله . وكان من المفروض أن يتم إشهار الصفقتان بعد الانتخابات الأمريكية التشريعية في نوفمبر فجاءت قضية اغتيال الخاشوقجي بنتائج غير ما تم التخطيط لها .
بداية بدأ ذلك الصبي كوشنر الذي يبدو انه صبي نتنياهو في البيت الأبيض بالعمل على محاولة تمويت القضية أو تحميل (المارقين) أوزارها . وصحيحٌ أن هذه العملية هي عملية مارقة وبها من البشاعة ما تقشعر له الأبدان . لكن كل ذلك الاهتمام بهذه القضية سببه أنها هي القشة التي قصمت ظهر البعير مع أنها ذكرت بقول الشاعر :
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر … وقتل شعب آمنٍ قضية فيها نظر.
كيف ستنتهي هذه القضية ؟ فبالرغم من أي نتيجة قانونية سيتخللها صفقات فهي فرصة لابتزاز السعودية مع أن حكامها يمكن أن يصرخوا في وجه ترامب ليقولوا له ما قاله الشاعر وغنته أم كلثوم :”إنني أعطيت ما أبقيت شيئا”
والصفقات هي جوهر النظام الراسمالي الصهيو أمريكي والمهيمن عليه المافيا المالية في بيوت مال وول ستريت . والجريمة في النظام الصهيوأمريكي ما هي إلا صفقة لا أكثر ولا أقل . لست أنا من أقول ذلك بل من كتبه هو البروفيسور الأمريكي ليستر سي ثورو عميد كلية الإدارة السابق في إحدى أعرق الجامعات الأمريكية MIT حيث كتب في كتابه (مستقبل الراسمالية) الصادر سنة 1996 مايلي: “وفي أدق التعبيرات عن المبادئ والأخلاقيات الرأسمالية ، تعتبر الجريمة نشاطاً اقتصادياً آخر يمكن فعله … . وليس هناك من شيء يمنع القيام به ، ولا وجود للواجبات والالتزامات. ما هو موجود فقط هو عمليات السوق (الصفقات) “
دعني اذكر صفقةً ثالثة وهي بيع شركة أرامكو المالكة لكافة حقول النفط والغاز في العربية السعودية. يستغرب المرء المنطق في بيع جوهرة الاقتصاد السعودي . كان مخططاً البدأ ببيع 5% منها. حسب تقدير الوول ستريت جينرال فهذه الحصة تساوي 75 مليار دولار . ماذا تريد السعودية في هذا المبلغ وحرب اليمن تكلفها 75 مليار دولار في السنة أي 300 مليار دولار في 4 سنوات ؟ ثمّ كيف يقبل النظام السعودي الإهانات المتكررة من الرئيس ترامب بأنه لا يستطيع الصمود أمام إيران 12 ساعة، فلماذا إذن شراء مئات مليارات الدولارات ما دام الأمر كذلك ؟
إن النظام الرسمي العربي فقد عقله وخرج من التاريخ وأوصل بلاده إلى عصر انحطاط جديد لا قبله ولا بعده.
واستغفر الله العظيم لي ولكم .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/10/24