الغرق التنفيذي والسياسي!
خالد أحمد الطراح
بصرف النظر عن طبيعة الأسباب التي عصفت في شوارع الدولة بسبب أمطار كانت متوقعة وليست مفاجئة أو من الكوارث الطبيعية، فثمة مسؤولية سياسية تقع على الوزير المعني، ومن ثم مسؤولية مهنية ينبغي أن يتحملها الجهاز التنفيذي من قياديين ومهندسين إلى آخر عضو في طاقم وزارة الأشغال، وكذلك هيئة الطرق، بما في ذلك الشركات المتعاقدة مع الحكومة إن كانت هناك أي علاقة لأي شركة كانت.
مع الساعات الأولى من غرق ضواحي المدينة، خرج قرار إحالة إلى التقاعد رئيس هيئة الطرق نتيجة غرق المدينة وفيضانات في شبكة تصريف الأمطار كنوع من العقاب، وهو قرار صائب طالما ثمة أدلة وبراهين تؤكد تقاعس هيئة الطرق، ولكن لا يجب التوقف عند هذا الحد، وإنما هناك مسؤولية سياسية ينبغي أن يتحملها وزير الأشغال وزير الدولة للبلدية السيد حسام الرومي شخصياً، باعتباره الوزير المعني بسياسات التنفيذ والاعتماد للعقود، واعتماد أيضاً خطط واستعدادات وزارة الأشغال وهيئة الطرق أيضاً لفصل الشتاء والأمطار والتغيّر المناخي ككل.
طلب الوزير الإعفاء كان قراراً ينم عن إدراك حجم وطبيعة المسؤولية السياسية، حتى لو كان الوزير حديثاً على الوزارة وتوليه الحقيبة الوزارية، وإحالة من تراه لجنة التحقيق إلى النيابة العامة، في حال وجود شبهات جنائية وتعمد في «غرق» البلد في سيول من الأمطار المتوقعة وتضرر المواطنين وأي جهات أخرى.
كما ينبغي على الحكومة إدراك أن ثمة خللا هيكليا في اختصاص وزارة الأشغال وهيئة الطرق، التي تم استحداثها مؤخراً دون تقليص جهاز وزارة الأشغال بما يتناسب مع مرئيات إنشاء هيئة الطرق، أو إلغاء الوزارة، وإحالة اختصاصاتها إلى هيئة الطرق، أو في ظل الظروف الحالية إعادة النظر في مدى الحاجة إلى هيئة طرق!
التشابك في اختصاصات أجهزة حديثة ووزارات قائمة ليست ظاهرة جديدة، والحلول في فك التشابك عملياً يتم من خلال اتخاذ قرارات ناجعة تستفيد منها الدولة اليوم ومستقبلا.
مع التقدير لشخص الوزير الرومي أن إعفاءه لا يعني الطعن في الذمم أو التقليل من شأنه المهني، وإنما تأكيد لمبدأ المساءلة والمحاسبة السياسية والتنفيذية أيضا، في حكومة تكثر فيها الأقوال وتغيب عنها الأفعال وتتعاظم معها الأوهام!
يجب على الحكومة الاستفادة من الدرس «المطري» في إعادة النظر في مهام وزارة الأشغال وهيئة الطرق، وعدم الاكتفاء بإحالة إلى التقاعد لبعض القياديين، بينما تبقى الحال كما هي عليه.
كان المفترض تطبيق هذا المبدأ على وزير التربية والتعليم العالي حين تفجرت حقيقة عدم وجود استعدادات مدرسية للعام الدراسي الجديد حتى يسود في الحكومة مبدأ المساءلة السياسية قبل التنفيذية، ولكن في ظل وجود الحياء الحكومي والمجاملة، وربما المحاباة للبعض، أو قوى متنفذة هنا وهناك، لن تنصلح الحال العامة في البلد.
وحين تكون هناك أزمة سياسية مختلقة أو غير مختلقة أو غرق سياسي أعمق مما حصل تربويا «ومطريا»، فالمسؤولية يتحملها أيضا رئيس الحكومة إذا كانت الحكومة جادة نحو معالجة الأزمات من جذورها وليس بقشورها!
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2018/11/11