معركة الحديدة.. المعركة الفاصلة
زين العابدين عثمان
حديث الإدارة الأمريكية على لسان وزير دفاعها جيمس ماتيس عن ضرورة السلام باليمن وإيقاف الحرب خلال مدة 30 يوم ، كان حديث لتظليل الرأي العام كما هو متوقع، إذ أنه اخفي خلفه تصعيدا عسكريا ضخما في معركة الحديدة حضرته السعودية والإمارات بتنسيق ودعم وهندسة أمريكية بحته ، وأما عن مدة ال30 يوم التي حددها #ماتيس في مؤتمر البحرين كانت تعتبر المهلة التي أعطتها الإدارة الأمريكية لتحالف السعودية والإمارات لشن هجمات كبرى على الحديدة وذلك من أجل فرض السيطرة على ميناءها الاستراتيجي ، لهذا فأمريكا التي أظهرت نفسها على أنها داعية للسلام أمام العالم وتنفض غبار مسؤوليتها بما يحصل في اليمن من مآسي وكوارث إنسانية من ناحية ومن ناحية تعطي الضوء الأخضر للسعودية والأمارات لإشعال الحديدة وأهلها بالغارات والقصف الوحشي والعنيف فأن هذا قد عكس للعالم عن ازدواجية منحطة ومفضوحة للإدارة الأمريكية التي سرعان ما توضحت بصماتها في التصعيد العسكري التي تنفذه الإمارات والسعودية في معركة الحديدة حاليا .
حيث أكد موقع إنتلجنس أونلاين الفرنسي: أن مسؤولون بالبنتاغون اجتمعوا في #الرياض مع ضباط سعوديين وإماراتيين للتخطيط للهجوم على الحديدة وأضاف أن البنتاغون قام بتزويد السعودية و الإمارات بطائرات تجسس واستطلاع و بمعلومات حيوية واستخباراتية عن كيفية شن الهجوم أي أن البنتاغون هو الذي اشرف هندسيا وأيضا في وضع الخطوط العريضة لمخطط التصعيد والهجوم التي تقوم به الأمارات والسعودية ومرتزقتهما على الأرض في الحديدة.
قوات الجيش واللجان الشعبية التي أبدت قدراتها ومقاومتها العسكرية الفولاذية في الدفاع عن مدينة الحديدة خلال الأسبوع الماضي استطاعت أن تفرض قواعد اشتباك جديدة وتجهز أرضية مناسبة لمعارك استنزاف مدمرة وفتاكة ضد مرتزقة الإمارات التي حاولت الهجوم فخلال أسبوع منذ انطلاق الهجوم أكد الناطق باسم الجيش واللجان أن الخسائر التي لحقت بمرتزقة الإمارات بلغت أكثر من 1000 قتيل وجريح إضافة إلى تدمير أكثر من 150 مدرعة والية عسكرية متطورة بطواقمها وأسر المئات منهم ،وهذا أن دل فهو يدل على مدى فاعية الاستراتيجية الدفاعية التي تعتمدها قوات الجيش واللجان وأيضا التكتيكات النوعية التي استطاعت من خلالها قطع خطوط الإمدادات الرئيسية مؤخرا عن قوات مرتزقة الإمارات التي تقدمت في مناطق متاخمة لمدينة الحديدة كخط كيلو16 والصحراء الشمالية الشرقية للمدينة حيث أصبحت هذه القوات اليوم شبه محاصره .
الجدير بالذكر أن تحالف السعودية والإمارات لازال لحد الآن لم ينجز أي شيئ من الأهداف المنشودة فمجمل ما أنجزه على الأرض سوى شبكة من الاختراقات الميدانية حول مدينة الحديدة التي ليس لها تأثير جيو استراتيجي فعال في تغيير مجريات المعركة لصالحهما فبالرغم من حجم القوات التي استخدمتها والتي يصل قوامها إلى نحو 25 ألف مقاتل معدة ومجهزة بأحدث العتاد العسكري الأمريكي المتطور لكن لاوجود لأي مؤشرات ميدانية تؤكد أن المعركة تسير وفق المخطط المرسوم ،وعليه فالإدارة الأمريكية التي تترقب المشهد بعمق واهتمام شديد تحاول أن توفر كامل الاحتياجات العسكرية وأيضا التغطية الدولية للإمارات والسعودية للانتصار في معركة الحديدة ولو بشكل دموي أو غير أخلاقي كممارسة الإبادات الجماعية بحق المدنيين المتواجدين في مناطق الاشتباك كما يحصل حاليا فقد وقعت أكثر من ثلاثين مجزرة بحق المدنيين من سكان الحديدة بالإضافة إلى ضرب وقصف المنشئات الحيوية بالمقاتلات كمؤسسة مطاحن البحر الأحمر وأيضا المستشفيات وغيرها وذلك لممارسة الترهيب والضغط على المواطنين من أجل دفعهم للنزوح الجماعي .
في الأخير
نقولها وباختصار شديد أن معركة الحديدة التي تعد المعركة الفاصلة التي سيبنى على نتائجها الخارطة السياسية الجديدة باليمن فأن معسكر قوات الجيش واللجان الشعبية تعتبرها معركة وجود مفصلية أما معسكر أمريكا والسعودية والإمارات فهي تعتبرها المعركة الأخيرة التي تخوضها من أجل السيطرة على ميناء الحديدة ذو الأهمية الاقتصادية والإبعاد الجيوبليتكية المحورية والأساسية لرسم خارطة سياسية واقتصادية وكذلك أمنية باليمن وأيضا المنطقة وبما يلبي مستقبل طموحات الإدارة الأمريكية ومن تحتها السعودية والأمارات .
لهذا لانعلم قطعا بما تخبئه تداعيات معركة الحديدة في مستقبلها القريب لكن نحن على يقين بأن مسألة سقوطها أو سقوط ميناءها بيد المعسكر الأمريكي السعودي الإماراتي هي مسألة مستحيلة سلفا فقوات الجيش واللجان أثبتت أن لها القدرة على الدفاع الحديدة وخوض أقسى المعارك الطويلة المدى، لهذا فنحتمل بشكل كبير أن هناك سيناريوهات تصعيدية مغايرة ستعتمدها السعودية والإمارات لغرض الإرباك والتي قد تتضمن ممارسة سياسة الإرهاب والأرض المحروقة على المدنيين في مدينه الحديدة وذلك بنسبة أكبر وأيضا والذي هو الاحتمال الأخطر المتمثل في استهدافها المباشر لميناء الحديدة الذي لن يكون مستبعدا أبدا ..
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/11/12