حين تَنْتَصِر صواريخ “حماس” على أمريكا العُظمَى!
خالد الجيوسي
إنّه ليومٌ تاريخيٌّ للشَّعب الفِلسطينيّ، ولحركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس″، فبعد الانتصار الأخير الذي حقّقته الأخيرة في حربها القصيرة ضد “العدو” الإسرائيلي، والتّسلُّل الفاشِل للكتيبة الإسرائيليّة الذي انتهى بمقتل قائدها إلى قِطاع غزّة، واغتنام سلاحه من قِبَل رِجال المُقاومة، وتسليمه للقائد يحيى السنوار في مَشْهَدٍ بُطوليٍّ، ها هو العالم الحُر يَقِف إلى جانِبها، ويَرفض قراراً أمريكيّاً يُدينها، وإطلاق صواريخها على إسرائيل.
وفي التفاصيل، صوّتت الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة على هذا القرار “الأمريكي” الخميس، والذي تقدّمت به السفيرة نيكي هايلي، والذي احتاج إلى الثُّلثين لإقراره، وهي أغلبيّة لم تتمكّن “أمريكا العُظمى” من تأمينها، حيث صوّتت 87 دولة لصالح القرار، وعارضته 57، فيما امتنعت عن التصويت 33 دولة، وهو القرار الذي يُدين “حماس” لما تتّخذه من إجراءات دِفاعيّة ضِد العدوان الإسرائيلي وإطلاق الصواريخ من غزّة، فيما لا يتضمّن القرار أي إدانة أو مُطالبة لإسرائيل بوقف انتهاكاتها بحَقْ الفِلسطينيين.
اللَّافِت في كُل هذا، وبينما تتّجه دول الخليج وحتى سلطنة عُمان نحو “التطبيع” العلني مع دولة الكيان الصهيوني، وما شاهدناه من استقبال لفرقٍ إسرائيليّة على أراضيها، بل وعزفٍ للنشيد “الوطني” للدولة المُحتلّة لفلسطين، ورفع علم الكيان الغاصِب، نجحت الخليجيّة “الشقيقة” دولة الكويت العربيّة في تمرير “قرارٍ إجرائيٍّ” بأكثريّة ثلاثة أصوات فقط، نص على وجوب حُصول القرار الأمريكي الذي يُدين “حماس” على نسبة الثُّلثين لاعتماده وجرى التصويت عليه الخميس، وهي النسبة التي فَشِلت واشنطن وسفيرتها هايلي في تأمينها.
وكان القرار الإجرائي الذي مرّرته الكويت، واشترط تحقيق الثُّلثين لإدانة “حماس″، قد حصل على مُوافقة 75 صوتاً، مُقابل اعتراض 72 دولة، وامتناع 26 دولة عن التصويت.
ويبدو أنّ القرار قد أثار غضب سفيرة الولايات المتحدة الأمريكيّة، وعلى إثره طلبت السفيرة نيكي هايلي الكلمة، وهدّدت كعادتها أو حذّرت الدول بأنّ هُناك تداعيات لو قامت بالتصويت لصالح تقويض القرار، لكن بدا أن التهديدات الأمريكيّة لم تعد تؤخذ على محمل الجد، بالنَّظر إلى فشل قرار الإدانة الأمريكي، لا بل وتقدّم كُل من إيرلندا، وبوليفيا بمشروع قرار يتضمّن تعديلات على القرار الأمريكي، الذي لو نجح تمريره، سيتحوّل إلى قرارٍ يُدين إسرائيل، وهمجيتها، وعُدوانها، وانتهاكاتها ضِد الفِلسطينيين، وتحديداً إدانة مُستوطناتها في الضفّة الغربيّة، والقدس الشرقيّة، وهو القرار الذي اعتمده مجلس الأمن، قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وامتنعت فيه أمريكا عن استخدام حق النقض.
حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس″، رحّبت بدورها بفشل القرار الأمريكي لإدانتها، واعتبرته صفعة للإدارة الأمريكيّة، بل وتأكيداً عالميّاً على “شرعيّة” المُقاومة، والدّعم السياسي الكبير للقضيّة الفلسطينيّة، وهو ما جاء في بيان للحركة على لسان القيادي سامي أبو زهري.
الإعلام العربي أو بعضه الذي يسير على أجندات مشبوهة، تسعى لشيطنة حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس″، وحتى كُل حركات المُقاومة، بزعم أنها مُقاومة “مواسير”، ولا تجلب للشعب الفلسطيني إلا الويلات والحرب والقتل، والقهر والمآسي، حاول التقليل من “الانتصار الحمساوي” كما وصفه، واعتبره البعض الآخر منه شكليّاً، ليس له تأثير على أرض الواقع، بل بالغ ثالثهم الإعلامي بالقول إنّه “انتصار” يخدم أجندات الحركات الإسلاميّة في المنطقة، وبالأخص حركة الإخوان المُسلمين، لكن في المُقابل ذات إعلام “العدو” وصحافته العبريّة مِثل صحيفة “هآرتس″، اعتبرت القرار صفعةً للإدارة الأمريكيّة وإسرائيل.
السَّعْيُ الأمِريكيّ لتمرير القرار لإدانة “حماس” برأينا، هو ما يُعطِي الحجم والأهميّة لهذا القرار، وقد بلغ ما بلغ من إهانة وذُل بحليفتها إسرائيل، ودفعها لقرارات الأُمم المتحدة لإدانة الحركة، وصواريخها التي باتت قادرةً على الوصول لعاصمتها تل أبيب، وهي (إسرائيل) التي لا تُطبّق، ولا تلتزم بالقرارات الدوليّة، وإلزام القرار بنسبة الثُّلثين لإقراره، ومن ثم إفشال إقراره، لهو الانتصار بحد ذاته، ووقفة عالميّة صارِمَة وحقيقيّة، ضِد الظُّلم والاستبداد الأمريكيّ تحت شِعارات الإنسانيّة، والعالم الحُر، فهَنيئاً للمُقاومة بهذا النَّصر، ونَصرُنا الكبير بالتأكيد، بتحرير فِلسطين من النَّهر إلى البَحر.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/12/08