الوجود الأمريكي في العراق أهدافهم وأهدافنا
كاظم الحاج
الاحتلال : حسب القانون الدولي يتحقق بوجود قوات عسكرية أجنبية على ارض دولة أخرى رغما عنها
في 20-3-2003 بدأت القوات الأمريكية غزو العراق تحت عنوان” تحرير العراق”، في 1-5-2003 ، أعلن بوش انتهاء ما يسمى بتحرير العراق وانطلاق ” الحرب على الإرهاب”.
في 22-5-2003 صدر قرار مجلس الأمن رقم 1483 الذي حول القوات المحررة إلى قوات محتلة، بعد سنة تقريبا صدر قرار مجلس الأمن رقم 1546 في 8-6-2004 الذي غير المسمى إلى قوات الاحتلال متعددة الجنسيات والتي تعمل في العراق بطلب من حكومته وبتجديد سنوي استمر حتى 28-12-2007 عندما اصدر مجلس الأمن قراره رقم 1790 الذي جدد لها حتى 31-12-2008 بناء على طلب الحكومة العراقية.
مقاومة الشعب العراقي التي كبدت قوات الاحتلال بمختلف جنسياتها وخصوصا الأمريكية منها الخسائر الجسيمة بالأرواح والمعدات، هي السبب الرئيسي والحقيقي لخروج القوات الأمريكية وتوابعها من قوات الدول الأخرى من العراق.
استمرار الهيمنة …
ولأن أمريكا تريد استمرار هيمنتها على العراق فرضت على الحكومة العراقية نوع من الاتفاق سمي “إعلان المبادئ” الذي وقعه رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي وجورج بوش في عام 2007، وهو الأساس الذي بني عليه ” الاتفاق الاستراتيجي لعلاقة صداقة وتعاون بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية ” المتكون من إحدى عشر قسما؛ الأهم فيه بالنسبة لأمريكا القسم الثالث والذي حدد التعامل العسكري مع العراق وفق الاتفاقية الأمنية SOFA والتي تنص في المادة الأولى ” المجال والغرض” :-” يحدد هذا الاتفاق الأحكام والمتطلبات الرئيسية التي تنظم الوجود المؤقت لقوات الولايات المتحدة في العراق وأنشطتها فيه وانسحابها من العراق”.
ردع المخاطر الأمنية …
عنوان المادة السابعة والعشرون من الاتفاقية الأمنية والتي ألزمت في الفقرة الأولى منها أمريكا باتخاذ الإجراءات المناسبة التي تشمل الإجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي إجراء أخر لردع أي تهديد خارجي أو داخلي يتعرض له العراق أو وقوع عدون ما عليه.
وهذا مالم تفعله أمريكا عندما استولت داعش بتخطيطها ودعمها على عدة محافظات ووصلت إلى أطراف العاصمة بغداد، بل أنها غدرت بالحكومة العراقية ومن وثق بها من الشخصيات والكتل السياسية التي كانت تراهن عليها.
بينما الفقرة الثانية من هذه المادة والخاصة بما يسمى التعاون في تدريب وتجهيز وتسليح قوات الأمن العراقية، فقد ركزت عليها لأنها الخطوة الأولى التي انطلقت منها لإبقاء قواتها في العراق وإقامة قواعد عسكرية قتالية تمددت بعد عام 2014 لتشمل اغلب محافظات العراق.
سيناريو هوليوودي…
من حسنات ترامب أن كانت له حسنات انه كشف المتبقي من حقيقة صناعة داعش عندما قال في 10-8-2016 أن داعش صناعة أمريكية وبتأسيس اوباما وشراكة هيلاري كلينتون.
في 10-6-2014 وبسيناريو هوليوودي أدُخلت داعش إلى العراق وسلمت لها الموصل وصلاح الدين وأجزاء من ديالى حتى وصلت إلى حدود العاصمة الشمالية، عندها طلبت العراق تطبيق بنود الاتفاقية الأمنية وتحديدا المادة السابعة والعشرون، إلا أن الأمريكان رفضوا ذلك وقالوا للحكومة العراقية لن نتدخل إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي وتحت الفصل السابع.
في 15-8-2014 اصدر مجلس الأمن القرار رقم 2170 تحت الفصل السابع والذي إعادة قوات الاحتلال الأمريكي للعراق مع إنشاء ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش ( قوات متعددة الجنسيات ) بمعنى العودة إلى القرار رقم 1546 في 8-6-2004.
الأهـــــــــداف :-
احتلال الثاني …
منذ 10-6-2014 بدأت القوات الأمريكية تنفيذ مخطط الاحتلال الثاني للعراق من خلال إدخال قواتها إلى بغداد واربيل، وخلال فترة محاربة العراقيين لداعش، القوات الأمريكية احتلت أراضي عراقية وتوسعت فيها، فهي اليوم تمتلك (31) قاعدة ومعسكر ومحطة ثابتة ومتحركة وما لا يقل عن (34000) عنصر مقاتل، عدد القواعد التي تحتوي على مطارات سبعة هي قاعدة عين الأسد-الحبانية-المطار-التاجي-بلد-القيارة وحرير، الاباتشي والشينوك هي الطائرات المتواجدة في هذه القواعد، العدد الأكبر من القوات الأمريكية في قلب بغداد وتحديدا في التاجي – المطار- المنطقة الخضراء ومحيط بغداد ، كافة أنواع الصنوف القتالية متواجدة وأخطرها القوات الخاصة الأمريكية (المجوقلة)، وابرز مهام هذه القوات هي تطويق المدن وتأمين الانقلاب على النظام السياسي المستهدف، هذا فضلا عن القوات الاسترالية والفرنسية وباقي قوات ما يسمى بالتحالف الدولي وقوات الناتو، واقعا كل هذه القوات وعلى رأسها الأمريكية هي قوات احتلال لها أهدافها التي تعمل لتحقيقها.
الاعتداء على دول الجوار…
تصريحات ترامب في قاعدة عين الأسد بتاريخ 26-12-2018 ، وفي تصريحات أخرى له لشبكة سي بي اس بتاريخ 2-2-2019 حدد الهدف من وجود هذه القوات بالاعتداء على سوريا والتجسس على إيران‘ هذه مهامها الخارجية والتي تتقاطع مع الدستور العراقي وتحديدا المادة السابعة ثانيا، والمادة ثامنا منه، والهدف الرئيسي للاعتداء والتجسس على دول الجوار العراقي هو حماية الكيان الإسرائيلي.
داعش والمرتزقة…
لجنة الأمن والدفاع البرلمانية السابقة والحالية مع اغلب القيادات الأمنية تؤكد أن القوات الأمريكية تنقل وتدرب وتسلح وتدعم الدواعش في سورية والعراق، وهي الآن تعمل بخط ثاني موازي وهو تجنيد مرتزقة يحملون الجنسية العراقية وتدريبهم وتسلحهم بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وفي وقت لاحق سيكون الانتقال إلى المرحلة القادمة المبنية على تحقيق هدفين لقوات الاحتلال، الأول استهداف المدن واستقرارها بالدواعش، والتصادم مع القوات الأمنية وخصوصا الحشد الشعبي بواسطة المرتزقة.
برلمان شجاع وحكومة قوية …
المخطط الأمريكي متعدد السيناريوهات للمنطقة عموما وللعراق خصوصا أصبح واضحا جدا ومفتاح خريطة تطبيقه اشد وضوحا منه، لذلك العراق يحتاج أن يكون برلمانه على مستوى مواجهة هذا المخطط وبشجاعة المقاومين الذين يشكلون جزء كبير ومهم من مجلس النواب، وإحدى وجوه هذه الشجاعة الذهاب بقوة وبحزم لإصدار قانون إخراج القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأمريكية، بسقف زمني ملزم للحكومة التي يجب عليها أن تكون حازمة وقوية بتنفيذ إرادة الشعب العراقي بالتوجه أولا وفق الأطر الدبلوماسية للقوات الأجنبية بقرار الطرد، وحتما أن القوات الأمريكية سوف لن تقبله أو تنفذه وعندها لكل حادث حديث.
شعب واعي حشد باقي عراق مستقل …
الفتنة (بكل أنواعها) أهم سلاح تستخدمه أمريكا لتنفيذ مخططاتها في أي مكان في العالم ومنه العراق، إلا أن مرحلة مقاومة الاحتلال الأمريكي والانتصار عليه في 2011، ومرحلة محاربة داعش والانتصار العسكري عليه في 2017، وكل التجارب التي مرت على الشعب العراقي قبلهما أو فيهما أو مما سيأتي بعدهما، أعطت الدروس الكبيرة في الوعي، وظهرت فيها مصاديق كثيرة للوطنية والانتماء للأرض والتضحية من اجل العراقيين، كل هذه التجارب وغيرها خلقت لدى العراقيين وعي مبني على أسس وطنية صحيحة هو أساس التعامل مع المتغيرات في كافة الأصعدة ، والحفاظ على ما تم انجازه وعدم جعل التضحيات الكبيرة التي قدموها تذهب سدى خصوصا في بقاء العراق دولة واحدة قوية مستقلة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/03/03