قمّة «البرلماني العربي»: السعودية تفشل في إسقاط «رفض التطبيع»
فراس الشوفي
عمّان | أحبطت المواقف اللبنانية والسورية والأردنية المساعي السعودية والإماراتية والبحرينية لإسقاط بند رفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي من البيان الختامي للمؤتمر الـ29 للاتحاد البرلماني العربي، الذي اختتم أعماله في العاصمة الأردنية عمّان عصر أمس.
بكل وقاحة، لم يخجل رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله آل الشيخ، مدعوماً من رئيسة مجلس النواب البحريني فوزية زينل، ورئيسة المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي أمل القبيسي، من الاعتراض على البيان الختامي، متذرّعاً بأن هذا الموقف مسؤولية الحكومات، لا البرلمانات!
لكن «برلمانات» الدول الخليجية الثلاث، التي لا تعرف مبدأ الانتخاب من الأصل، تعيّنها أنظمتها لتكون صدىً لسياساتها تحت عنوان برلماني. ومن هنا، تمسّك ممثل مجلس الشورى السعودي بموقف بلاده الرسمي تجاه العدو الصهيوني، الذي تجلى بأوضح صوره في لقاء وزراء الخارجية الخليجيين، رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، في مؤتمر وارسو قبل أسابيع.
إلا أن رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة، وعلى الرغم من اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل في وادي عربة، كان رأس الحربة مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ، في الدفاع عن بند رفض التطبيع والتصدي للموقف الخليجي، عاكساً حالة التمايز في أوساط البرلمان الأردني عن الموقف الرسمي، ومطالبات النواب بطرد السفير الإسرائيلي من عمّان، ومزاج الشارع الذي لم يهضم بعد اتفاقية السلام مع العدو.
أما بري، فحصّل إنجازاً مهماً في بيان المؤتمر، بعد اعتراضه على إدراج مصطلح «القدس الشرقية» فيه. وأثناء قراءة البيان، اعترض بري، بحضور رؤساء الوفود، على استخدام تعبير «القدس الشرقية»، مطالباً باستبدال «القدس الشريف» به، ملقياً الحجّة على الحاضرين بأن هذا الموقف تنازل مجاني للعدو، الذي لا يزال يستبيح الأراضي العربية ويعتدي على الفلسطينيين. كلام بري حاز تأييداً واسعاً من غالبية الوفود، ولا سيما السوري والأردني، ما أضعف الموقف الخليجي، وأدى إلى تبني اعتماد مصطلح «القدس الشريف» في الصيغة النهائية.
ومما لا شك فيه، أن موقف الاتحاد البرلماني الأخير رفع سقف الخطاب البرلماني العربي، خصوصاً بعد تأكيد الطراونة أن الشعوب العربية ترفض التطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي يؤسس لخطاب يعاكس النشاط الإسرائيلي ــ الخليجي الحثيث لفرض التطبيع أمراً واقعاً كمقدمة لاتفاقيات السلام، على عكس السياسة الإسرائيلية القديمة التي كانت تحاول تقديم اتفاقيات السلام على التطبيع مع العرب.
ويمكن القول إن مؤتمر أمس حقق شيئاً من استعادة ماء الوجه في ما خصّ استمرارية الصراع مع العدو الإسرائيلي على مستوى الموقف (فضلاً عن موقف قوى المقاومة المسلحة طبعاً)، على الرغم من كل الإحباطات التي يوجهها النظام الرسمي العربي إلى فلسطين والفلسطينيين، ولا سيما بعد فضيحة وارسو، فضلاً عن أن مشاركة سوريا في المؤتمر أعادت إلى الاتحاد البرلماني العربي اعتباره، في ظلّ استمرار الأنظمة الخليجية في الانصياع للإرادة الأميركية، والتباطؤ في قرار وقف تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/03/05