الإحتلال والإستيطان لا يؤسسان لحق!
د. ماجد توهان الزبيدي
المستوطنون التابعون لأي سلطة إحتلال عسكري لأرض الغير هم هدف شرعي للمقاومين من أصحاب الأرض التي تعرضت للإحتلال ،وأن كل المستوطنات التي يُشيّدها المستعمر الغازي هي مُحرّمة في التشريع الدولي المُلزم ،ولا تؤسس لأي أثر قانوني لصالح السلطة القائمة بالإحتلال ،وذلك وفق الإتفاقيات والمعاهدات الدولية ،من ذلك على سبيل المثال، مبادىء القانون الدولي ذات العلاقة المباشرة بالإستعماروالإستيطان في أراضي الشعوب والأمم من قبل مُعتدين خارجيين ، كمبدأ عدم جواز إحتلال أراضي الغير بالقوة المسلحة ، والوارد صراحة في نص المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
” 2/ 4: يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”..،ومبدأ حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية :
“2/3 : يفضُّ جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر”،ومبدا حق الشعوب في تقرير مصيرها”.
“المادة 55: الرغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة وديّة بين الأمم المتحدة ،مؤسسة على إحترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها”….وهي مبادىءلايجوز لأية دولة مخالفتها ،كونها ملزمة للجميع ويقوم على اساسها الأمن والسلم العالميين ،واللذين هما عماد وجود مجلس الأمن الدولي.
ومن السهل دحض الإدعاءات القانونية الإسرائيلية بشأن المستوطنين الإسرائيليين في ارض “دولة فلسطين تحت الإحتلال”بما فيها القدس المحتلة ،والقائلة انه لم يجر نقلهم قسريا ،بناءا على المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م ،في محاولة خداعية من حكومات دولة الإحتلال للرأي العام العالمي ،إذ ان المادة المذكورة من الإتفاقية ذاتها تؤكد في فقرتها الأخيرة :”لا يجوز لدولة الاحتلال أن تُرّحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”! إذ هناك اليوم عشرات المستوطنات الإسرائيلية التي تحوي مالايقل عن 630 ألف مستوطن اسرائيلي ،في أرض الضفة الغربية لنهر الأردن،لم يكن منهم مستوطن واحد قبل الخامس من حزيران /يونيو عام 1967م،على الإطلاق!!
ويضاف إلى وهن الإدعاءات الإسرائيلية القائلة أن المستوطنين الإسرائليين في أراضي الفلسطينيين هم في وطنهم التاريخي ،إخلاء بعض المستوطنات في الضفة الغربية لنهر الأردن ،وتدمير الحكومة الإسرائيلية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق “أرئيل شارون “للمستوطنات التي زادت عن خمس عشرة مستوطنة في قطاع غزة،من “نتسريم”إلى “كفارداروم”،ومن قبله “اباد” الزعيم التاريخي ل”ليكود” ،مؤسس حزب “حيروت “المتطرف”مناحيم بيغن” ،مستوطنات شبه جريرمة سيناء العربية ،وقفل راجعا للوراء،ناثرا التراب نهائيا على ضريح “أرض إسرائيل الكبرى”،وباتت حدود تلك الأرض تتخندق من وراء الجدار العازل قرب “الرام”و”شعفاط”!!
وعليه ،فإن إصدار “الكنيست”(البرلمان الإسرائيلي) للعديد من القوانين مهما نالت أغلبية برلمانية ،في شأن “تبييض الإستيطان”لن يجدي نفعا ،ولن يؤسس لأي حق سيادي او حق إدعاء الملكية لأي مستوطنة أو بيت في أي مستوطنة ،كما جرى عندما أقرّ ذلك البرلمان في السادس من فبراير/شباط 2017 بأغلبية ستين عضوا داخل الكنيست ومعارضة 52، قانونا عُرف في الأوساط الإسرائيلية ب”قانون التسوية”،أتاح للسلطة الإسرائيلية القائمة بالإحتلال في الضفة الغربية المحتلة، “حق” مصادرة أرض فلسطينية ،في الضفة الغربية،ذات مُلكية خاصّة ،من أصحابها،عنوة ،لغرض الإستيطان اليهودي ،وليست الملكية عليها،مقابل تعويض مالي لأصحابها!
وذلك من أجل إعطاء شرعية للبؤر العشوائية من المستوطنات التي أقامها مستوطنون يهود بالقوة المسلحة ،والبالغة ست عشرة ،وبالتالي إبطال مُسبّق لأي قرار من المحاكم الإسرائيلية تجاه القضايا التي رفعها أصحاب الأرض من الفلسطينيين ،وعدم تجريم المستوطنين المسلحين جرّاء جرائمهم بالسطو المسلح على أراضي الغير!
ان ماتقوم به سلطة الإحتلال من بناء المستوطنات لليهود في أرض الفلسطينيين التي أُحتلت في العدوان عام 1967م، ومصادرة وهدم للممتلكات العقارية للفلسطينيين هو اجراء باطل قانونيا ،بناء على اتفاقية جنيف الرابعة و”انظمة لاهاي” ،ومُخالف لكل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي،بدءا من 242(1967) و338(1973)و446(1979) ,و452(1979)، و465(1980) و476(1980)و478(1980)، و1397(2002) ،و1515(2003)،و1850 (2008)،وإنتهاءا بقرار المجلس ذاته الرقم 2334 الصادر بتاريخ 23 كانون الأول/ديسمبر 2016م ،بأغلبية كل أعضاء المجلس ،وإمتناع الولايات المتحدة ،والتي تنصّ حرفيا على “أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وسلام عادل ودائم وشامل”و”يُكرر مطالبته إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأن توقف على الفور وبشكل كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم بشكل تام جميع التزاماتها القانونية في هذا المجال”.
وعليه ،يتفق المتخصصون في القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ،وكذلك الدارسون للإستيطان الإستعماري ،أن مقاومة المستوطنين الذين جاءوا من خلال إحتلال عسكري ،هم هدف شرعي للمقاومة ،لأنهم يتساوون مع الأفراد العسكريين ماداموا يقفون ،او يتواجدون على أي شبر من الأراضي المُحتلة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/04/06