لماذا تصر السعودية على أنها تحارب إيران في اليمن؟
صالح القزويني
منذ مارس 2015 حيث قررت شن الحرب على اليمن وحتى اليوم، تصر السعودية وحلفاؤها اليمنيون على أنهم يسعون إلى اقتلاع الوجود الإيراني من اليمن، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع بما فيهم السعودية أن إيران ليس لها وجود في اليمن (كوجودها في لبنان، أو سائر البلدان).
لا نقاش في أن المقصود من الوجود الإيراني هم حركة أنصار الله في اليمن، ولو ظهر هؤلاء بعد الثورة الإسلامية في إيران لأمكن القول أن إيران أسستهم، غير أن جذورهم التاريخية تمتد إلى قرون، ولعل حكم الامامة دليل واضح على ذلك، إلا أن تحول الجماعة إلى كيان وإطار تنظيمي تبلور في بداية التسعينات على يد المرحوم السيد بدر الدين الحوثي والد السيد عبد الملك الحوثي الزعيم الحالي لحركة أنصار الله.
وغير خاف على أحد أن الحرب لم تقض على وجود الحوثيين وحسب بل أدت إلى اتساع نفوذهم وتعزيز قوتهم، مما يشير إلى فشلها في تحقيق الأهداف المعلنة رغم مضي 4 سنوات على اندلاعها.
أبرز الأهداف التي أرادت السعودية تحقيقها من الاصرار على أنها تقاتل إيران في اليمن، هي:
أولا: لتحجيم الحوثيين والتقليل من شأنهم والايحاء بأن السعودية أعظم شأنا وأثقل وزنا من أن تقاتل “مجموعة من الحفاة كانوا إلى وقت قريب يقطنون في جبال صعدة”.
لا أحد ينكر ثقل السعودية المعنوي في العالم الإسلامي، وثقلها السياسي في المنطقة والعالم الإسلامي أيضا، وثقلها الاقتصادي في العالم، ومن المؤكد أن هذه الصورة ستتبدد لو كانت الرياض قد أعلنت أن هدفها من الحرب في اليمن هو القضاء على الحوثيين، بل الطامة الكبرى هو أن تنتهي الحرب باعتراف سعودي بالحوثيين والرضوخ لواقعهم وعدم عرقلة مشاركتهم في السلطة، وهو ما يجري الإعداد له في الوقت الراهن.
ثانيا: لإبعاد المجتمع الدولي ودول المنطقة وخاصة أصدقاء السعودية عن إيران وفرض عزلة عليها، فعندما تعلن الرياض أنها تقاتل إيران في اليمن يختلف عما إذا أعلنت أنها تقاتل الحوثيين، ففي الحالة الأولى ستحرج دول العالم وخاصة أصدقاءها من الاقتراب من إيران وتوطيد العلاقة معها، ولذلك نرى أن بعض الدول قطعت علاقاتها مع إيران كما أن دولا أخرى خفضت مستوى علاقاتها معها.
ثالثا: تعتقد الرياض أن الإعلان عن مقاتلة إيران في اليمن يبرر لها القيام بأية خطوة تصعيدية ضدها، وتردد على لسان أكثر من مسؤول سعودي ومن بينهم ولي العهد محمد بن سلمان بأن بلاده ستنقل معركة اليمن إلى إيران.
رابعا: تعتقد الرياض أن الإعلان عن أنها تقاتل إيران في اليمن سيبيح لها التدخل في شؤونه الداخلية، بينما لو أعلنت أنها تقاتل الحوثيين فهو تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد وغير مسموح به وفق القوانين الدولية.
غير أن الرياض ارتكبت خطأ كبيرا باقحام اسم إيران في حربها ضد اليمن فإنها فسحت لها المجال بالتدخل في هذه القضية، ووفرت لها فرصة ثمينة لتسديد ضربة لها، فإذا كانت السعودية تريد تحقيق انتصار على إيران عبر اليمن فلم لا تسعى طهران بدورها إلى تحقيق انتصار عليها؟
إيران لم تجد السعودية كفؤا لها في منازلتها في اليمن فتولت جماعة موالية لها المهمة، وبفضل التعاون بين الجانبين شهدت الحرب قفزة نوعية، عندما استطاع اليمنيون استخدام وتطوير الصواريخ الباليستية، وكذلك استخدام الطائرات المسيرة.
تحولت إيران اليوم إلى لاعب رئيسي في اليمن إلى جانب الحوثيين، وماكان ذلك ليكون لو لم تشن السعودية الحرب ضد اليمن ولم تقحم اسم إيران فيها، وكان بإمكان الرياض التفاهم مع الحوثيين ولم تتكبد كل هذه الخسائر، خاصة وأنهم أعلنوا مرارا استعدادهم للحوار والالتزام بأي اتفاق، وربما كانت الرياض آنذاك ستفرض شروطها في أية عملية تفاوضية تخوضها مع الحوثيين، ومع أن الفرصة لا تزال سانحة، ولكن إذا انتهزت الرياض هذه الفرصة فمن المؤكد أن التنازلات والاثمان التي تقدمها ستكون كبيرة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/04/09