آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الحي زلوم
عن الكاتب :
مستشار بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الاولى والعليا في الهندسة والادارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد انهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة واوروبا. كما ساهم في الاعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وافريقيا،

إذا كان رأس النظام العالمي اليوم يقوده “كلب” حسب كاريكاتير النيويورك تايمز، ويقود النظام الرسمي العربي حمار .. فهل ستشهدُ الأيام القادمة حرباً مسرحها منطقتنا..؟

 

 د. عبد الحي زلوم

نشرت جريدة النيويورك تايمز يوم الخميس الموافق 25/04/2019 كاريكاتيراً أظهر نتنياهو كـ”كلب يجُر ترامب”. سارعت النيويورك تايمز بالاعتذار عن نشر هذا الكاريكاتير حيث أن اللوبيات الصهيونية قد انتقدته بشدة باعتباره “معادياً للسامية”! ولو كان ناجي العلي رحمه الله حياً لرسم كاريكاتيراً  للنظام الرسمي العربي يجره حمار! وفي خِضمّ الأحداث المتسارعة والخطيرة في منطقتنا، وفي ظل نظامٍ عالميٍ يشهد تحولات عميقة قد تكون بعض مكوناتها خارج السيطرة، وفي ظل نظام رسمي عربي منتهي الصلاحية يمشي ميتاً، فهل نحن على أبواب حربٍ ستكون البداية لنظامٍ عالميٍ جديد بل ولجغرافيا عربية وشرق أوسطية جديدة؟

هناك العديد من المتغيرات العميقة ومنها محاولة إخماد الثورة الإسلامية في إيران وحركات المقاومة والتحرر العربية وإخماد ربيع ثاني أو ثالث آتٍ لا محالة، وفي خِضمّ صفقة قرنٍ مجنونة وإعادة محاولة الانقلاب على النظام في تركيا، ومحاولة فرض عقوبات لا معقولة يصعبُ على إيران تقبلها دون مقاومة ، وفي وجود عشرات الآلاف من الحشود المقاومة خارج سلطات النظام الرسمي، فهل يستطيع صاحب الكازينوهات ترامب وصاحب العقارات كوشنر ومبعوث ترامب للشرق الأوسط محامي تفليسات ترامب غرينبلات أن يديروا كل هذه التشابكات ؟ قد لا يكون هذا التوقيت صدفة ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي السابق  جيمي كارتر البالغ من العمر 94 سنة وهو  رجل متدين يقدم موعظة الأحد في الكنيسة المعمدانية في بلدته بولاية جورجيا حين قال في آخر موعظة له أنها تصل مؤخراً بالرئيس ترامب . عبر ترامب عن قلقه من النمو الكبير للاقتصاد الصيني. اقتبس كارتر ما قاله لترامب جواباً عن ما قاله ترامب بـ”أن الصين أصبحت متقدمة علينا” أجابه كارتر بأن سبب تقدمها الاقتصادي هو سياستها الخارجية السلمية. سأل كارتر الرئيس ترامب “منذ ان تبادلنا التمثيل الدبلوماسي مع الصين سنة 1979هل تعلم كم مرة دخلت الصين في الحروب مع آخرين؟” أجاب كارتر نفسه متحدثاً الى ترامب: “الجواب صفر. لكننا ما زلنا في حروب مستمرة منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا ” أضاف كارتر أن الولايات المتحدة شهدت  16 سنة من السلم فقط منذ نشاتها قبل242 سنة، وأضاف انه لو حسبنا المجابهات العسكرية والمناوشات والاحتلالات التي قامت بها الولايات المتحدة فعدد سنوات السلام كانت 5 سنوات فقط .هذا القول هوقول رئيس أمريكي سابق وليس قولي أنا!

شكلت الثورة الإسلامية الإيرانية تهديداً للمصالح الأمريكية ووكلائها في المنطقة كونها دولةُ مؤسسات. تمّ محاولة وئدها منذ ولادتها في حرب الـ8 سنوات مع العراق و 40 سنة من العقوبات والحصار الاقتصادي . لكن وبالرغم من ذلك تطورت علمياً وسياسياً ودفاعياً لأنها استعلمت ثرواتها في الداخل وكانت لا تقدمها كجزية للولايات المتحدة والغرب كما كان النظام الشاه يفعل من قبلها بل وأصبحت قوةً إقليمية بالرغم من كل ذلك . جاء منذ سنتين نظام أمريكي متطرف من الصهاينة اليهود والمسيحيين البروتستنت يقودهم حمار. رفض باراك أوباما وجناحه في الدولة العميقة املاءات نتنياهو والذي كان يحرض الولايات المتحدة ضد ايران لمهاجمتها حتى أخر جندي امريكي وبترودولار عربي .  لكن أوباما لم يذعن.

جيء بترامب وبطانته لتنفيذ ما لم يقبله أوباما . وجيء بتاجر عقارات (كوشنر) وصهيوني اهوج (فريدمان) ومحامي تفليسات شركات ترامب (غرينبلات). وقد أفلست شركات ترامب 6 مرات والله أعلم أن تكون تفليسة الولايات المتحدة على يديه .

إن هناك توازن رعب وليس توازن ردع بين إيران والقوة التي تدعمها وبين الولايات المتحدة وحلفائها ممن تدفعهم ليكونوا وقوداً لحروبها ومصالحها من حيث يعلمون أو لا يعملون . لن تقبل إيران بتصفير صادراتها النفطية . وإذا اشتعلت الاشتباكات العسكرية فمن البديهي أن قوة الولايات المتحدة هي الأعتى في التاريخ لكنها وبالرغم من ذلك فقد هُزمت في كل حروبها في القرن الواحد والعشرين وفشلت سياسة عولمتها الاقتصادية حتى في الداخل الأمريكي، مما جعلها تتراجع عنها بقوانينها الحمائية المفروضة حتى على حلفائها. وهي تستطيع أن تلحق أضراراً بالغة بإيران ولكن تستطيع إيران أيضاً إلحاق أضرار لا تقل عن الأضرار التي تلحق بها . فيما لو سمح أخوتنا في  دول الخليج  العربي أن تصبح بلادهم مسرحاً لعمليات الاعتداء على إيران فإن منشآتها النفطية ستكون عرضة للدمار، وعود كبريت يمكن أن يمثل كارثة لمنشآت النفط فما بالنا بالصواريخ . وستتعرض منشآتها الأخرى كمحطات تحلية مياه الشرب من البحر فمن أين ستأتي مياه  الشرب بعد ذلك؟ وأقول هنا واكرر: لا سمح الله .

أما إغلاق مضيق هرمز فلا تستطيع مدمرات العالم كلها وحاملات طائراته أن تمنع ذلك حتى رجالات عصابات فما بالك بجيوش وميليشيات؟.

قد ينتج عن إغلاق مضيق هرمز أو إلحاق الضرر بالمنشآت النفطية الخليجية ما يسبب أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة ولا يمكن السيطرة على نتائجها المدمرة.  فالولايات المتحدة ما زالت تستورد أكثر من 5 مليون برميل باليوم من النفط وإصلاح منشآت النفط سيستغرق وقتاً أكثر بكثير مما يستطيع الاقتصاد العالمي أن يتحمله. مما قد يتسبب من انهيار النظام الاقتصادي بل والرأسمالي العالمي برمته.

أما رأس الكلب نتنياهو فسيصبح نصف شعبه في الطرف الأخر من البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي بعد أول صاروخ يتم إطلاقه على كيانه . قد لا يكون من الخطأ استذكار ما قاله الشيخ حسن نصر الله بأن الحرب القادمة ستكون برية أيضاً وستساهم بها حشود شعبية بعشرات الآلاف .

في حال وقوع اشتباكات عسكرية اغلب الظن أن نتائجها ستكون كارثية لكن سينتج عنها دفن النظام الرسمي العربي ونشوء نظام عربي ونظام عالمي جديدين .

صفقة القرن هي بداية تنفيذ مشروع إعادة جغرافيا منطقتنا وبداية مشروع إسرائيل الكبرى . لكنها في النهاية وبعد دمار كبير ستؤول إلى زوال إسرائيل الصغرى والى جغرافيا وسياسة جديدة في منطقتنا .

الأيام القادمة خطيرة بكافة المقاييس حيث أن الخطأ في الحسابات أو النتائج عن قانون العواقب غير المحسوبة ستقود إلى حسابات خاطئة ومدمرة .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/05/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد