ماذا تريد أمريكا من إيران؟
د. محجوب أحمد قاهري
ماذا تريد أمريكا من إيران؟ لا شكّ بأنّ الجواب أوضح من كل تساؤل، أنها تريد إيران ضعيفة وتابعة.. تريد دولا بلا مخالب بجوار إسرائيل، تريد أمن هذه الدولة المزروعة في غير موضعها.
وضع الكيان الصهيوني في جسد الأمة العربية يشبه تماما زرع عضو كائن في جسد كائن أخر. في مثل هذه الحالات يعمل الطبيب على خصي مناعة المتلقي ليعيش العضو المزروع! وهو الشرط الأهم ليعيش العضو الغريب.. هذا ما يحدث تماما مع هذه الأمة، فقد ضربت في مناعتها، وهويّتها، ودينها وانتمائها. إلا إيران فكلما اقتربت منها أمريكا وصهيونيتها زادها ذلك مناعة وقوّة، وزاد “الطبيب” الأمريكي نغصا وتعنتا!
بالأمس كتبت مقالا عن إيران في هذه الصحيفة المحترمة، المقال بعنوان “إيران لن يسقطها الخارج”، وكان المهمّ في مقالي أنّ الداخل الإيراني متماسك، مع الدعوة إلى مزيد الحذر حتى لا تتأثّر مناعة هذا الشعب العظيم. إلاّ أن ردودا كثيرة وردتني متّهمة إيران “بالعمالة إلى أمريكا وإسرائيل”. وكلّ شرب من نبع ليدلّل على هذه “العمالة”.
وكان ردي واضحا، إيران لم ولن تكون “عميلة” لأمريكا وإسرائيل. فمن يقنعني بأنّ ثورة إيران لم يكن جوهرها الانقلاب على أمريكا؟ أوّل مفاتيحها كان طرد الشاه ابن أمريكا واحتلال السفارة الامريكية بطهران. وأوّل شعاراتها كان الموت لأمريكا. وأوّل الردود عليها كان تسخير صدام حسين للقضاء عليها في بداياتها. وأوّل الإجراءات ضدّ شعبها كان حصار جائر وعقوبات اقتصادية تقسم الظهر، ازدادت حدّتها مع مرور الزمن.
ومن يصدّق بأنّ إيران التي تدعم حزب الله وحماس والجهاد اللذّان يصفعان الخدّ الأيمن والخدّ الايسر لإسرائيل كلما سنحت الفرصة هي عميل للصهاينة! ومن يصدّق بأن إسرائيل وأمريكا اللذّان يكفران بحسن نصر الله ومجاهدي المقاومة الفلسطينية هم أصدقاء لمن يدعمهم، لإيران. الفكرة الخائبة التي لازالت تسكن أدمغة بعض العرب هي ان إيران عميل لإسرائيل، وربّما هؤلاء يعتقدون ذلك لتبرير عمالتهم، لا أكثر ولا أقل.
إيران دولة قوية. مشروعها الفكري، حتى وأن كان ثيوقراطيا فهو جامع لأغلبية شعبيها، ضمن فكرة منظمة وعداء واضح للصهيونية وللأمريكان. ومشروعها العسكري جعلها قوّة عسكرية ذاتية لا يستهان بها، فيكفي امتلاكها لسبع مجموعات صناعية كبرى تنتج أغلب أنواع الأسلحة، بما فيها ما قد يكون خطوة نحو امتلاك القنبلة النووية. ومشروعها الاقتصادي الذي صمد لأكثر من أربعين سنة دون أن يجوع شعبها هو العنصر الأقوى في عماد الدولة الإيرانية. الفكرة المدعومة بالإرادة وقوّة السلاح والاقتصاد المستقر جعلوا من إيران الدولة التي تخشاها الصهيونية وأمريكا. وبهذا سوف لن تغمض إسرائيل عينا إلى أن يتحقق حلمها في كسر القوة الوحيدة الباقية والمعادية لها.
بالأمس عاد الرئيس ترامب ليقول بأنه يرغب في موافقة إيران على الدخول في حوار مباشر حول اتفاق نووي جديد. ترامب لا يريد منع إيران فقط من امتلاك القنبلة النووية مثلما كان مضمون الاتفاق الأوّل الذي خرج منه. ترامب يريد أن يقلّم اظافر إيران ويمنعها من صناعة الصواريخ البالستية، التي قد تهدّد أمن إسرائيل. أنهم يريدون إيران بلا مخالب. يريدون إيران دولة ضعيفة مخصيّة مناعتها، ليعيش الكيان الغاصب، ليهنأ الصهاينة.
وأمّا العرب في الخليج، كما قال بعضهم، سيقفون جنبا إلى جنب مع “أبناء عمومتهم” الصهاينة ضدّ إيران. سيتحوّلون مع مرور الوقت إلى رعايا في بلدانهم. فالعالم عالم الأقوياء فقط.
المراجعات التي أطلقها الشيخان عائض القرني وسلمان العودة عقب فترة سجنهم في التسعينات أثارت الكثير من الجدل وكان لها تأثير رغم كونها تمت في السجن إلا أن الظروف التي كانت سائدة في السعودية حينها كانت أجواء فيها هامش لابأس به من الحرية والأمان مقارنة بما يحدث اليوم ولذا أثرت في الناس وتناولها كثيرون بالدراسة والنقاش أما الأجواء اليوم فهي غير صحية وأي مراجعات تتم حاليا هي تحت الضغط والإكراه والمطلوب من النخبة العربية والإسلامية تناول حديث الشيخ عائض القرني في سياق الوضع العام في السعودية والتغييرات التي تمر بها وهذا رأيي في الأمر والله المستعان .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/05/12