مُخطّط “خليجي” لغزو إيران بالقوارب و”حماس” إعلامي لشن الحرب عليها.. و”كوميديا السّياسة” في تهديدات ترامب ضِدّها!
خالد الجيوسي
تبدو التّهديدات الأمريكيّة، كتلك الإسرائيليّة، مُتعاظمة، بخُصوص شن الحرب على إيران، أو ذِراعها العسكريّ المُقاوم في لبنان “حزب الله”، أمريكا تُوحي بتحريك بوارجها، وحاملات طائراتها إلى الخليج، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذاته يصف إيران بأنها أظهرت تهديداً كبيراً أو هي مصدر هذا التّهديد، لكنّه يعود ويدعو قادة الجمهوريّة الإسلاميّة إلى الحِوار.
الرئيس الأمريكي بدون أدنى شك، يُحاول الظّهور مظهر المُتمكّن، بل ويتحدّث عن معلومات للصحافيين، لا يُمكن تصوّرها عن “تهديد” إيران، ولكن من دون الكشف عنها، وعن اندلاع مُواجهة عسكريّة، فهو لا يُريد قول “كلا”، لكنني آمل بألا يحصل ذلك.
هذه ليست لغة رجل واثق من انتصاره في الحرب، هذا في حال استطاع شنّها على إيران، وفي سياق آخر هذه لغة “استجداء”، فكيف لرئيس دولة عُظمى يأمر حاملات طائراته بالتوجّه إلى المنطقة، ثم يعود ويطلب منهم الاتّصال به، وهو لا يُريد الكثير، فقط لا يُريدهم الحُصول على السّلاح النووي، وكأنّ إيران لم تدخل مُفاوضات “طويلة وعريضة”، وانتهت بالاتّفاق مع إدارة الرئيس باراك أوباما، لكيّ يستقر العالم، وتحظى الجمهوريّة بالمُتوسّط من حُقوقها أو أكثر، في الجانب التّسليحي والتّدميري، لا التخلّي عنه، والوقوع في مطب من تخلّو سابقاً، والمُؤمن لا يُلدغ من الجُحر مرّتين.
السّاخر في كُل هذا، أو الفاضح، أنّ الرئيس ترامب يُعلنها صراحةً، ونحن نتحدّث عن غيرته الفاضحة من الإدارة السّابقة، وتحديداً حين يقول أنّ الإيرانيين يستمعون إلى وزير الخارجيّة الأمريكي الأسبق جون كيري، حيث يطلب منهم الأخير “عدم الاتصال”، أي عدم الاتصال مع الإدارة الحاليّة، إنها قمّة الكوميديا السياسيّة!
اللافت في ظِل هذا التّصعيد، والتّراجع الأمريكي، الذي يبدو أنه لن يُفضي إلى حرب، ذلك “التّهويل” الإعلامي الذي تُمارسه بعض الصّحف الخليجيّة، وعناوينها العريضة التي “تُبشّر” مُواطنيها باقتراب اندلاع الحرب مع إيران، مع الإشارة إلى اتّخاذ كُل الحيطة والحذر، والدعاء ببقاء الأوطان “الخليجيّة” في سلام وأمان، ونحن هُنا أمام تساؤلين، هل تُصدّق بعض دول الخليج مع هذا التّهويل أنّ تلك الحرب يُمكن أن تقضي على إيران عسكريّاً، كما لو كانت أمريكا بنُزهة، والتّساؤل، هل يُمكن أن تمضي هذه الحرب، بدون التعرّض للمصالح الخليجيّة، وأمنها وأمانها، من المُفيد التّذكير أنّ القواعد الأمريكيّة تتواجد على الأراضي الخليجيّة، إن كانت بعض حُكومات تلك الدول تُريد “تحييد” نفسها، فعليها المُسارعة “بطرد” الأمريكيين من قواعدها.
لعلّ الأكثر منطقيّةً وصواباً بين كُل هذا “الحماس” الخليجي، تصريحات وزير الخارجيّة القطري السابق حمد بن جاسم، التي استبعد فيها حُصول تصعيد عسكري مع إيران، وكُل هذا التّهويل هدفه إعادة الإيرانيين إلى مائدة المُفاوضات، ووصف حماسة دول الخليج أو “بعضها” بإلحاق هزيمة عسكريّة بالأحلام ذاتها قبل توقيع الاتفاق النووي، واصفاً إيّاها بالطّرف الثّانوي الذي يعمل بردّات الفِعل، وهو مُصيب تماماً فيما يقول، فالحماسة للحرب مع “الفُرس” لبعض تلك الدول يُمكن رصدها على شاشاتها، كما ذلك التحقيق لصحيفة “لوفيغارو الفرنسيّة، الذي كشف عن طلب زعيم خليجي، من جنرالاته تزويده بخُطّةٍ عسكريّةٍ لغزو إيران، بإنزال قوارب على الساحل الإيراني، ولعبة الفيديو الإلكترونيّة السعوديّة التي عرضت مشاهد تُحاكي سُقوط العاصمة طِهران، كما القبض على الجنرال قاسم سليماني، والتي تم تقديمها تدخل في ذلك الإطار، ولعلّ من المُفيد أن يُنظَر إلى التردّد الأمريكي قبل الإقدام على ذلك “الغزو”، وهي دولة عُظمى قبل شنّها الحرب على الإيرانيين، لكن الصحيفة لا تستبعد السيناريو الأسوأ في ظِل تحالف سعودي، إماراتي، أمريكي، إسرائيلي ضِد إيران.
إسرائيل هي الأخرى، تنضم إلى جوقة “المُتحمّسين” بالحرب على إيران، وتُحاول مُمارسة إيحاءً إعلاميّاً، بأنّها المُسيطر في الجانب الآخر للوجه الإيراني، ألا وهو “حزب الله”، وزعيمه السيّد حسن نصر الله، حيث تتكرّر تصريحات قُدرتها على اغتيال الرجل، وأنّ الأمين العام للحزب وعلى لسان قائد سلاح الجو، تومر بار، كان داخل بؤرة الاستهداف، حيث كان الطيارين قريبين جدّاً من تنفيذ مُهمّة اغتياله، لكن دائماً ما تكون الظّروف، وللمُصادفة، في غير خدمة “العدو”، غير القادر أساساً على معرفة مكانه، لكي يستطيع تصفيته، وهو الذي تبيّن أنه لا يعيش تحت الأرض، حسب تصريحات ابنة نصر الله.
أضيف بتاريخ :2019/05/12