عن الأردن الذي يحرِص على “أمن الخليج” وينحسر دوره ولا يُغيّر حُلفاؤه.. ماذا ينتظر؟
خالد الجيوسي
لا تزال مُشاركة الأردن غير محسومة، في مؤتمر البحرين، الذي يتناول الشّق الاقتصادي المُتعلّق بشق الازدهار في الضفّة الغربيّة، بل إنّ القيادة الأردنيّة ونقلاً عن قناة “سي إن إن” أبلغت صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، أنها “لن تلتزم” بالحُضور إلى المُؤتمر، وعدم “الالتزام” لا يعني الرفض المُطلق للحُضور، وربّما يتّجه الأردن إلى حل وسط، وتمثيل بوفدٍ صغير.
الصحافة الأردنيّة بدورها، لا تزال وعلى مدار الأسابيع الماضية تطرح الخيارات المُتوافرة أمام المملكة الهاشميّة، للخُروح بأقل الأضرار، بل إنّ بعض الأصوات تقول إنّ المُناورة السياسيّة تتطلّب الحُضور في هذا الموقف، بل وتتعالى أصوات نيابيّة للمُفارقة، وتتحدّث عن فائدة للأردن من المُواققة على صفقة القرن، ولعلّ المُشاركة إذاً في مُؤتمر البحرين تحصيل حاصل.
الصحافة الإسرائيليّة بدورها، تشن هُجوماً لاذعاً على القيادة الأردنيّة، وتقول إنّ الحكم الملكي يتعرّض لهزّات داخليّة، ونقمة شعبيّة، وأنه يُحاول استرجاع ألقه، وأنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة ما عادت بحاجة الأردن الملكي، وأنّ إسرائيل ما عادت تُكلّف نفسها، فالوسيط ما عاد وسيطاً، والتعامل المُباشر بين إسرائيل، ودول الخليج، دفع بالجميع التخلّي عن الدور الأردني، الذي بدا أو أبدى غضبه من عدم معرفته بتفاصيل الصفقة الغامضة، بل إنّ بعض كتّاب السلطة الأردنيين، يتحدّثون عن مُشاركةٍ أردنيّةٍ إجباريّةٍ في مُؤتمر المنامة، لمعرفة تفاصيلٍ أكثر عن “صفقة القرن”.
الأردن لعلّه يُدرك صُعوبة هذا الطّرح، أو مُعادلة عدم تأثيره في الأقليم حيث كان على مدار سنوات، الوسيط بمُعاهدة سلام، بينه وبين العرب الآخرين، لكنّه اليوم يتم التخلّي عنه، بحُكم التواصل المُباشر، ولعلّ إعادة تذكير الأردن بجيشه، وقوّاته الأمنيّة، ودورهما في حفظ الأمن للمنطقة، ربّما هو الدليل على استشعار المملكة بهذا التهميش، وخِيار أخير للمُناورة، ومنع فرض كُل صفقات المنقطة على حسابه، من التوطين، والتجنيس، ونقل أهالي الضفّة الغربيّة إلى أراضيه، كما مُشاركته بحفظ “أمن الخليج”، الذي أعاد التذكير به العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في قمّة مكّة العربيّة الطارئة.
الأردن لا يتخلّى عن حُلفائه التقليديين، وحرصه على المُشاركة في قمّة مكّة، لهو مُحاولة مُتكرّرة منه لتذكيره بأهميّة تواجده على حدود الخليج، والعربيّة السعوديّة، والأخيرة لا تزال تعتبر هذا، من واجبات الأردن، التي تتمنّع عنه بالمُساعدات، بل وتُرفقهم بالجميل، رغم أنّ الأردن لا يزال مُتحفّظاً بعلاقاته مع إيران، ويتقدّم بخطوات مدروسة نحو قطر، وتركيا، إلا أنّ السعوديّة تطلب المزيد، على قاعدتها المشهورة: “إمّا معنا أو ضدنا”.
على الأردن باعتقادنا، أن يذهب بعيداً في علاقاته مع المحاور الأخرى بشكلٍ جاد، لا مُناور، وربّما ما كشفته صحيفة “التايمز” عن مصادر أردنيّة، أنّ علاقات الأردن تتوقّف على مصالحه، وهو ليس على خلاف مع تركيا، قطر، إيران، يجب أن يكون نهجاً واضحاً، وليس تسريبات صحافيّة خجولة، تتحدّث فيها ذات الصحيفة عن تخلّيه عن شركائه التقليديين، فيا يا تُرى ماذا قدّم هؤلاء (الشركاء) للأردن والأردنيين، غير السّير في طرق لغير مصالحهم، بل وكما يتردّد التآمر عليهم، ومع كُل هذا لا يزال يحرص الأردن على “أمنهم”، الأمر لم يعد يحتمل المُجاملات، فالصفقة كما يقول بعض الأردنيين، ستُغيّر الأردن الذي نعرفه، وكما يقول المثل: “يا روح ما بعدك روح”!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/06/02