«ورشة البحرين» بعيون الإسرائيليين: «سَكْرة» بحرارة 40 مئوية
بيروت حمود
«مع بيرة لبنانية في البحرين. شرق أوسط جديد»، هذا ما أُرفق بصورة شاركها صحافي إسرائيلي على صفحته في «تويتر» وهو يحمل زجاجة «Almaza» بيده. أمّا المكان، فهو فندق «فور سيزنز» في المنامة، حيث تُعقد ورشة «السلام من أجل الرخاء». زميلته، موفدة «هآرتس»، التقطت لنفسها «سيلفي» بالحجاب. واستاءت من خجل البحرينيين بإسرائيل، إذ لم يكتبوا اسم «بلدها» الذي يعقدون من أجله ورشة على تأشيرة الدخول، رغم الترحاب الذي حظيت به وزملاءها الإسرائيليين من المضيفين البحرينيين!
هي المرّة الأولى منذ 25 عاماً التي تسمح فيها البحرين لصحافيين إسرائيليين بدخول أراضيها. السبب المشاركة في التغطية الصحافية ونقل وقائع «المؤتمر الاقتصادي» الذي بادرت إليه الولايات المتحدة الأميركية على قاعدة «العصا والجزرة». الواقع على الأرض لا يختلف عمّا يريد المؤتمر تحقيقه، أقله في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة. فبينما تدور الأشغال والورش بين رجال الأعمال، تجبر سلطات الاحتلال مئات آلاف الفلسطينيين على الحصول على تصاريح العمل في مستوطناتها التي هي أراضيهم، وفي سبيل ذلك تنتشر مكاتب التنسيق الأمني والإدارة المدنية من جنين شمالاً حتى الخليل جنوباً، ولا ينقص سوى ورشة على مستوى دولي لتدعيم الجسور الممتدة منذ «أوسلو» بين رجال الأعمال والمستثمرين من الفلسطينيين والإسرائيليين!
تغريدة لباراك رابيد: «بيرة لبنانيّة في البحرين. شرق أوسط جديد» (من الويب)()
مع أن «الجنازة حامية والميّت كلب»، يبدو موفد «القناة الـ13» العبرية، باراك رابيد، الأكثر تفاؤلاً وحماسة بين كل المشاركين «المحبطين» في «ورشة المنامة». هو ليس كذلك، لأن الورشة تمثّل من وجهة نظره ولو شُعاعاً ضئيلاً في نهاية «النفق السياسي» المغلق منذ زمن بعيد، بل بسبب الرحلة «الشيّقة»، بل لأنه يُسافر لأول مرّة إلى البحرين، فساعةً يلتقط بعض المشاهد من فوق صحراء الجزيرة، وأخرى من فوق الخليج الفارسي، ومرّة من قاعة الاستقبال في مطار المنامة، وأخرى في بهو الفندق، وليس أخيراً توثيق سكرته بعد شربه البيرة اللبنانية (Almaza)، حالماً بـ«شرق أوسط جديد».
أمّا نوعا لنداو، موفدة صحيفة «هآرتس» إلى المؤتمر، فنقلت الأجواء من هناك: البحرين استعدت جيداً لاستقبال الإسرائيليين الذين يزورونها بـ«صورة طارئة» بمناسبة انعقاد الورشة الأميركية. لنداو بدت مستاءة، رغم ترحاب المضيفين البحرينيين بها وبزملائها، والسبب أن «المشاركين الذين ولدوا في القدس كُتب على تأشيرات الدخول أنهم ولدوا في فلسطين، أمّا مسقط رأس الإسرائيليين الآخرين، فحُذف حرصاً أمنياً زائداً». لكن الأميركيين الذي نظّموا المؤتمر أعدوا بطاقات تعريف بالمؤتمرين، أشارت إلى إسرائيل باللغة الإنكليزية «من دون تأتأة أو مواربة».
كان من الصعب تجاهل «مؤتمر السلام من أجل الازدهار» في مطار العاصمة. تشرح لنداو أن «عشرات اللافتات الضخمة نُصبت لتوجيه مئات المشاركين مباشرة إلى قاعة الاستقبال الخاصة التي أُعِدَّت حتى لا يُفوّت عن غير قصد أي نزيل أو ضيف، خاصة المجموعة الصغيرة من الإسرائيليين: رجال الأعمال والصحافيين الذين دخل بعضهم إلى البلاد بطريقة غير عادية للغاية وبجوازات سفر إسرائيلية»، على رغم أنْ لا علاقات علنية بين المنامة وتل أبيب. ممثلو السلطات البحرينية، أو من وصفتهم مندوبة «هآرتس» بـ«الرجال المرتدي العباءات البيضاء أو الزي التقليدي في البلاد»، رحبوا بالإسرائيليين الذين وصلوا تحت رعاية واشنطن. مع ذلك، بقي «التوتر عالياً»، وما يحدث من وجهة نظرها «يُدعى السلام البارد»، مع أن «حرارة الطقس في الخارج جاوزت الأربعين درجة مئوية». يبدو أن استياءها نابعٌ من توقعها أن كل شيء سيجري بصورة طبيعية، لكن «أحد المنظمين طلب من مُشارك إسرائيلي ألّا يتصل بهاتفه مرّة ثانية من رقمه الإسرائيلي، لأنه يحمل رقم دولة عربية (غير البحرين)».
الورشة، كما تراها لنداو، هي «تقديم رؤية طوباوية إلى الفلسطينيين تعرض عالماً أفضل، بشرط أن يقبلوا الاقتراح السياسي الذي يعتزم الأميركيون تقديمه إلى الطرفين بعد انتخابات الكنيست المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل». في المؤتمر الذي بدأ مساء أمس في فندق «فور سيزنز»، «لا يوجد ممثلون رسميون من الجانبين اللذين يفترض أن يتوصلا إلى اتفاق السلام»، كما أكدت «هآرتس»، مضيفة أن واشنطن فضلت بعد إعلان السلطة الفلسطينية رفضها المشاركة أنّ «من الأفضل ألا تمثّلَ إسرائيل رسمياً، خاصة بعد قرار إعادة الانتخاب الذي يجعل من الصعب على (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو المدعوم من شركائه في اليمين أن يعبّر عن دعمه لتسوية سياسيّة».
إذاً، من الذي يشارك من الأطراف المعنية؟ أساساً رجال الأعمال من القطاع الخاص، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة «نوكيا ــــ إسرائيل»، إريك طال، والمدير العام لـ«مركز شيبا الطبي»، يتسحاق كريس، والمنسق السابق لأعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة وغزة، يوآف مردخاي، والأخير يُشارك بصفته رجل أعمال، على رغم أنّ «من غير الواضح ما هي الأعمال التي يديرها ويشتغل فيها»، وفق الصحيفة. أمّا فلسطينياً، فرصد الصحافيون الإسرائيليون ضيفاً واحداً على الأقل: أشرف الجعبري، رجل أعمال من الخليل، وهو شخص مرفوض على الأقل بين مواطنيه أنفسهم. إضافة إلى ذلك، يُشارك في الحدث ممثلون رسميون من الدول العربية، من ضمنها السعودية والأردن ومصر والمغرب والإمارات وقطر، إلى جانب كبار رجال الأعمال العرب «الذين تتميز جيوبهم بالعمق الكافي لتطوير ثلاث دول إذا رغبوا في ذلك»، وفق لنداو.
صحيفة الأخبار اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/06/26