الذكاء الإيراني الحاد والخبث الأنجلو-أمريكي الواسع والضياع الاستراتيجي العربي الرسمي

ا. د أحمد القطامين
معادلة قد تبدو غريبة لكنها في الواقع تعبير عن حالة المنطقة العربية التي ما فتأت تتفاقم فيها الأوضاع على الأصعدة كافة عاما بعد عام دون أمل في نهاية في الأفق المنظور. الإيرانيون حشروا في زاوية ضيفة فاستنهض ذلك أكثر حالات التصدي ذكاء وعمقا، والتحالف الأنجلو أمريكي يفعّل أقصى حالات الخبث الاستراتيجي الاستعماري قدرة على التخريب والعرب تائهون بين شعوب تعيش في حيرة شديدة من امرها غير قادرة على الفعل وانظمة استكانت لضعفها ودخلت في منطقة يسميها علم الادارة منطقة الراحة الآمنة التي عادة تتحقق نتيجة لعدم القدرة على فعل أي شئ خارج نطاق المتاح باقل الجهد مع إبعاد اَي شكل من أشكال التفكير الإبداعي القادر على خلق الحلول وتنفيذها لمواجهة الظروف الصعبة.
استراتيجية الصراع في منطقة الخليج على كافة محاورها سواء في اليمن أو في معادلة الصراع الأمريكي الإيراني في مياه الخليج الدافئة تبلورها إسرائيل وتمولها الدول العربية الخليجية وينفذها التحالف الأنجلو أمريكي على شكل حرب شرسة اقتصادية واستخباراتية ونفسية موجهة ضد إيران كنقطة استهداف أولى لكنها في الواقع لا تستهدف إيران فحسب بل تمثل عملية تجريف واسعة النطاق للمنطقة العربية برمتها أرضا وشعبا وحضارة وثقافة ابتداء من فلسطين وسوريا ولبنان والأردن كمرحلة أولى قبل أن تمتد إلى العالم العربي برمته ما فيه دول الخليج ومن ثم إلى العالم الإسلامي لاحتوائه بالكامل.
السياسات الأمريكية في المنطقة اتسمت على الدوام بالخبث واستغفال الأنظمة العربية الرسمية الهشة والخائفة والفاقدة للمشروعية الشعبية ترافقها موجات عاتية من الحروب النفسية والاقتصادية الموجهة ضد شعوب المنطقة بهدف تدميرها بهكذا نوع من الحروب الناعمة وذلك لعدم قدرة القوة الأمريكية على الدخول في حروب عسكرية مكلفة جدا.
إن من أخطر ما تواجهه الأمة الآن ليس إمكانية الحرب عليها بل غياب قدرة الشعوب على حلحلة الوضع السياسي المتحجر والضعيف وغير الشرعي والمرتبط مباشرة بمخططات الأعداء في بلادها. أمريكا غير قادرة على أن تشن حربا جديدة في المنطقة بل قادرة تماما على استخدام الأنظمة السياسية لتحقيق أهدافها دون أن تدفع أية كلفة لذلك ودون أن تفقد جنديا واحدا. فالأنظمة ليس فقط لا تفعل شيئا للدفاع عن بلادها بل تدعم وتمول مخططات أعدائها ضد بلدانها بكل ما يتطلبه ذلك من إمكانيات.
حالة نادرة في التاريخ.. ربما هي الحالة الأولى والأخيرة
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/07/15