أميركا تستعد لجولة جديدة من ابتزاز السعودية.. قانون جاستا جديد ضد السعودية اسمه “قانون المحاسبة”
د. محمد حيدر
يلوح في الافق موجة جديدة من الابتزاز للسعودية وحتى بعض الدول العربية الأخرى مثل الإمارات وقطر ايضا. وترامب لن يثني عزيمته عن محاولاتها المتكررة في عمليات الابتزاز الدولي التي يقوم بها معتمدا على مباديء اخترعها الأميركي ليوهم العالم أنه سيدهم وقائدهم وملهمهم ولذا فإن مصالحه فوق مصالحهم ومن يتعدى على هذه المصالح سواء كانت فوق الأراضي الأميركية أو في أي منطقة من العالم فهي نفوذه وفيها مصالحه تماما كما يفعل الكلب عندما يبول في عدد من الأماكن كي يحدد فيها منطقة نفوذه ليقول للناس أن هذه هي حدودي وكذا يفعل الأمريكي بالعرب وغير العالم فيبول عليهم اين يشاء وانى يشاء ويبتزهم وينهب ثرواتهم بحجة حمايته لهم.
هذا هو منطق الولايات المتحدة ومن قبلها الامبراطوريات التي كانت قائمة من قبل سواء كانت الامبراطورية البريطانية أو النفوذ الاسباني الذي امتد الى عمق الولايات المتحدة وشرق اسيا او النفوذ البرتغالي الذي كان يحتل كثيرا من بلاد العالم. هذا هو منطق النهب والسرقة حتى لو كلف مئات الملايين من البشر سواء في استراليا أو العالم العربي او في شرق اسيا وغربها أو حتى في الولايات المتحدة التي ابادت عشرات الملايين من السكان الاصليين لتتربع على عرش اللصوصية العالمية.
هذا منطق الدول المتغطرسة وهذا منطق الصمت عند المخذول والخائف على عرشه يدفع الجزية عن يد وهو صاغر. هذا ما تقوم به اليوم الولايات المتحدة الاميركية بعد أن نجحت بقانون جاستا الأول لتستعد الآن بالمسلسل الاخر من قانون جاستا الثاني وقد اسموه قانون المحاسبة.
محاسبة من ؟ محاسبة كل من تسول له نفسه برفع راسه بوجه أمريكا وزبانيتها والمتسصغرين من الدول التي تمتطيهم وتسلب أموالهم وثرواتهم وتوحي لهم بأنها من يحميهم ونسي ملوك وروءسا العرب والمسلمين قاطبة أن هناك ربا لكل بيت يحميه وليس ترامب ولا من قبله ولا من بعده.
نعم هذا ما تستعد له أميركا قانون جاستا من نوع اخر يسمح لها باكمال مسلسل اللصوصية والابتزاز.
فقانون جاستا الأول ينص بكل وضوح على مواجهة الإرهاب الدولي الذي اعتبره هذا القانون انه “مشكلة خطيرة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية”. واعتبرت مادته الثانية “أن الإرهاب الدولي يؤثر سلباً على حركة التجارة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره يلحق ضرراً بالتجارة الخارجية.
ويشجع أيضا قانون جاستا الافراد لتقديم الدعاوي ضد الاشخاص أو الدول التي تقدم الدعم للارهاب أو تساعدها.
أضف إلى ذلك يسقط قانون جستا هيبة الدول باعطاء حق الولايات المتحدة رفع الحصانه عن أي دولة تشك بأن لها علاقه بالارهاب ودعمه أو يقود إلى ذلك إضافة إلى أي مسؤول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا. ولذلك وفقاً للمادة (4) من هذا القانون تم تعديل الفصل (2333) من المادة (18) من القانون الأمريكي الخاصة بالحصانة السيادية للدول الأجنبية بإضافة النص التالي “يؤثر التعديل الذي تم في هذه المادة على حصانة الدول الأجنبية تحت أي قانون آخر ، وذلك حسب تعريف هذا التعبير الوارد بالمادة 1603 من الباب (28) من القانون الأمريكي.
وسمح قانون جاستا في نفس الاونه اعطاء الصلاحية للمدعي العام الأمريكي حق البت في القضايا وتاجيلها لمدة 180 يوما وإعادة تاجيلها إضافة إلى اعطاء صلاحية لوزير الخارجية إجراء أي مفاوضات مع أي دولة من شأنها أن تحل المشكلة العالقة معها ضمن ترتيبات يراها مناسبة للولايات المتحدة الاميركية ووقف المحاكمات نتيجة لهذه الاتفاقات أن تمت.
وبالتالي يشكل هذا القانون كل الأرضية القانونية التي تخول الولايات المتحدة مقاضاة أي فرد أو مؤسسة أو منظمة أو دولة في العالم بحجة الإرهاب أو دعمه.
لذلك فإنه يوفر كل الظروف المطلوبه للولايات المتحدة الأميركية لابتزاز من تراه مناسبا من دول أو موءسسات أو منظمات أو أفراد في العالم طبقا لمعايير تفرضها حتى لو كانت بعيدة عن القانون الدولي والمواثيق الدولية. ولهذا هي تستعد الان إلى حلقة أخرى من الابتزاز لدول ومنظمات ومؤسسات عالمية ومصارف وغيرها تحت ستار القانون ولذا فاول المستهدفين هو السعودية من دول الخليج.
قانون المحاسبة:
لقد صدق الكونغرس الامريكي يوم الاثنين الماضي بتاريخ 15 من الشهر الحالي على مشروع قانون من بندين يتعلقان بالسعوديه في شقه الاول يطالب فيه بفرض عقوبات على المسؤولين والمتورطين في قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعوديه في تركيا. ويتعلق الشق الثاني بتجاوزات السعودية في ملف حقوق الإنسان في السعودية.
والملفت للنظر أن التصويت حاز على أغلبية ساحقة في الكونغرس حيث صوت مع القانون 405 نواب مقابل 7 نواب ضده.
وان كان من دلالة بالشكل العام على هذا القانون فهو يعني اجماع من المشرع الاميركي على معاقبة السعوديه نفسها لا المتورطين في الجريمة فقط.
وكان عضو الكونغرس الأمريكي توم مالينوسكي قد تقدم بهذا المشروع مطالبا بفرض عقوبات على الضالعين في مقتل الصحفي خاشقجي إضافة إلى إدانة الشق الثاني من القانون حملات الاعتقال وانتهاك حقوق الناشطات السعوديات وتعرضهم لعمليات تعذيت وعدم اعطائهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.
والأخطر من ذلك في هذا القانون أنه يطلب من وكالة الاستخبارات المركزية أن تقر علانية وتحدد المسؤولية بالاعلان عن الاشخاص الضالعين في عملية قتل خاشقجي في القنصلية إضافة إلى فرض عقوبات عليهم.
وليس فقط عضو الكونغرس مالينوسكي الشخص الوحيد من المتنفذين في اروقة البيت الأبيض المطالب بتحديد المسوؤلية عن مقتل خاشقجي بل ادلى بذلك ايضا مايك بومبيو, مايك بومبيو, الذي طالب بالابلاغ عن مدى تورط قوات الأمن والجيش السعودي في عملية قتل خاشقجي وانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية الأمر الذي يمكن أن يعقد الامور أن ما فعلا نفذت وكالة الاستخبارات المركزية هذه المطالبات الأمر الذي سيشكل حرجا كبيرا لإدارة ترامب والعائلة المالكة السعوديه وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان حيث تتجه اصابع الاتهام له شخصيا بعملية قتل الصحفي خاشقجي.
وفيما يعتقد البعض أن هناك استحالة للموافقه على هذا القانون من قبل مجلس الشيوخ حاليا بسبب سيطرة الجمهوريين عليه الامر الذي يمكن أن يسبب لهم حرجا كبيرا مع الدولة السعودية وفض العلاقة الحميمة بين الرئيس ترامب والملك سلمان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لاقى الكثير من الحماية من قبل إدراة الرئيس ترامب والذي شكل له حرجا دوليا لهذه التغطية مما ادى الى مواقف سلبية من إدارة البيت الأبيض وتحديد الرئيس الأميركي ترامب.
ولعل موافقة الكونغرس الأمريكي على هذا القانون يعد نوعا ما استجابة وتناغما مع تقرير نشرته المفوضية الاممية لمجلس الانسان بشان مقتل خاشقجي مما اثار ردود فعل دولية واقليمية ضد السعوديه وادارة ترامب التي تسترت على الجريمة أو محاولة تغطية مسؤولية محمد بن سلمان في قضية الاغتيال.
وكانت مقررة الامم المتحدة الخاصه بقضايا الإعدام خارج القانون السيدة اغنيس كالامار, اعدت تقريرا من 101 صفحة حملت فيه السعودية مسؤولية اغتيال الصحفي خاشقجي او قتله عمدا في مقر القنصلية في تركيا. فيما أكدت المقررة كالامار أن لدى الأمم المتحدة أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار من بينهم ولي العهد للشكوك في ضلوعهم في عملية الاعداد لمقتل خاشقجي واعدامه خارج نطاق القانون. واشارة كالامار بكل وضوح في تقريرها أن العقوبات المتعلقة بمقتل الصحفي خاشقدي يجب أن تشمل ولي العهد السعودي وممتلكاته الشخصية في الخارج.
كما دعت المقررة الاممية إلى ضرورة مبادرة السعوديه للاعتراف بالجريمة والاعتذار من اسرة الصحفي خاشقجي امام الراي العام ودفع التعويضات لاسرته.
السؤال الأهم في هذه القضية لماذا يورط الكونغرس الاميركي نفسه في قضية لا علاقة له بها وجريمة ارتكبتها السعودية خارج أراضي الولايات المتحدة على عكس حادثة الحادي عشر من سبتمر ايلول التي اركتبت على اراضيها وادت لمقتل الالاف من الضحايا وعلى اثرها شنت اميركا كذريعة حروب في منطقة الشرق الاوسط حروب لم تنتهي لحد الان.
هل يحمل هذا القانون في طياتها نوايا لتهديدات جديدة في المنطقة تطال في مقدمتها المملكة العربية السعودية كونها هي المتورط في الجريمة؟ أم أن الولايات المتحدة ستخلق عدد من الذرائع لابتزاز السعودية مجددا كما فعلت في قضية قانون جاستا الذي جرم السعودية علنا وحدد حجم الاضرار المترتبة على هذا الهجوم ووجه أصابع الاتهام إلى كل من تثبت علاقته بالجريمة. وهل كان هناك متورط أكثر من السعودية في هذه الجريمة ؟
لقد استطاع الأمريكي أن ينتج قانون مثل قانون جاستا وكانت له الاعذار أن هذه الجريمة حدثت على اراضيه الامر الذي جعل الخصم خارج حلبة الصراع وأعلن انهزامه من المواجهة حتى قبل أن يصبح القانون حيز التنفيذ الأمر الذي دفع بالإدارة الاميركية فتح النيران على السعودية ومد يدها على مدخراته المالية في بنوك الولايات المتحدة وخارجها. وكان قانون جاستا اوجد حلا صغيرا في نهاية نص القانون باعطاء الصلاحية لوزير الخارجية القوة القانونية لاسقاط أي ادعاء على أي جهة لها علاقه بالجريمة شرط التفاهم على كيفية فض النزاع معها وبالاحرى الاتفاق على التعويضات خارج إطار القانون مقابل اسقاط الحقوق القانونية للمدعين في هذه القضية والتعويض علي الجميع طبقا لما تنص عليه شروط التفاوض مع المجرم أو المسؤول وهو السعودية.
أن قانون المحاسبة الجديد الذي صوت عليه الكونغرس الامريكي ليس في شكله ومحتواه الا نموذجا جديدا من الابتزاز القانوني الذي سيمارسه المشرع الأمريكي ضد السعودية ويستخدم كمنصة لوضع اليد على الكثير من الاموال والثروات السعودية للعائلة المالكة وامرائها وتجار المملكة ومستثمريها في كافة انحاء العالم وعدم التعامل معهم وانزال العقوبات على كل من تسول له نفسه بالتعاون معهم باي شكل من الأشكال.
هكذا تكون الولايات المتحده تشرع لقوانين قرصنة جديده تعمل من خلالها على نهب ثروات العالم بفرض هذه العقوبات والاستيلاء بحدة التجميد لهذه الأصول والثروات.
هل يستطيع السعودي الوقوف بوجه هكذا قوانين وهو متهم في جريمة هزت العالم باكمله ؟ هل يستطيع أن يقف أمام غطرسة الامريكي الذي يساعده ويغطي على جرائمة حينا وفضحه حينا اخر ليبقى تحت رحمة الأمريكي الذي يغطي على جرائمة؟
والسؤال الأكثر جدية هو ما يخبئة الأمريكي للسعودية في المستقبل وهل هناك قوانين أخرى يمكن أن تجرم أميركا من خلالها السعوديه وغيرها من دول العالم مثل الإمارات المتورطين بقتل مئات الالاف من المدنيين في اليمن على مراىء العالم أجمع؟ هل هناك ملفات لا تزال في اروقة المحاكم والمكاتب السياسية للبيت الأبيض على شاكلة قانون جاستا وقانون المحاسبة تمكن ترامب وغيره من مد يده على ثروات السعوديه ودول التحالف وقطر وتركيا وغيرها من الدول التي شاركت بقتل المدنيين والأبرياء في اليمن وهو موثق يوميا من قبل الولايات الأمتحدة الأمريكية بكل تفاصليه؟
إن لم تستطع السعودية وغيرها من دول المنطقة الحد من تسلط أمريكا عليها وعلى ثرواتها فان هذا سيعطي الأميركيين ورقة الترجيح في النزال والمواجهة بين دول الخليج عامة وأميركا فيما يختص بثرواتها وقدرتها التحكم بها مقابل زج الأمريكي هذه الدول في اروقة الابتزاز اللامنتهي إضافة إلى تمرير صفقات مشبوهة على المستوى القومي العربي والاسلامي مثل قضية فلسطين وصفقة القرن التي اجبرت من خلال ضغوطاتها عليها التنازل عن كثير من الحقوق في قضايا المنطقة لتصبح مهمشة حتى في مسالة المشاركة بهذه القضايا أن لم تكن على الحياد أو حتى الانحياز ضد هذه القضايا مثل صفقة القرن.
والأهم من ذلك هل تستطيع هذه الدول الخاضعة لإرادة الأميركيين أن ترفض هذا الواقع وتتخذ من كثير من الدول العربية والاقليمية الرافضة لموقف التخاذل اتجاها جديدا لها في نهج تعاملاتها معها وتضح حدا لتسلطها كما هي إيران حاليا والعراق وسوريا؟
هذا بالطبع يحتاج الى ظروف مختلفة, لكن هل يمكن لنا خلق فرص تغيير هذه الظروف لمواجهة امريكا وغطرستها أم أن عوامل اكتمال تحقيق هذه الظروف ليس مناسبا بعد
ووفقاً للمادة (4) من القانون فإنه تم بشكل عام تعديل الفصل (2333) من المادة (18) من القانون الأمريكي الخاصة بالحصانة السيادية للدول الأجنبية بإضافة النص التالي “يؤثر التعديل الذي تم في هذه المادة على حصانة الدول الأجنبية تحت أي قانون آخر ، وذلك حسب تعريف هذا التعبير الوارد بالمادة 1603 من الباب (28) من القانون الأمريكي.
وتحدثت المادة (5) من القانون عن وقف الدعاوى لحين انتهاء المفاوضات مع الدول، ويقول نصها:
تملك المحاكم سلطة قضائية حصرية للبت في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للقضاء الأمريكي، كما يحق للمدعي العام التدخل في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للسلطة القضائية للمحاكم الأمريكية، وذلك بغرض السعي لوقف الدعوى المدنية كلياً أو جزئياً.
ومنح القانون المحاكم الأمريكية حق وقف الدعوى ضد أي دولة أجنبية إذا ما شهد وزير الخارجية بأن الولايات المتحدة تشارك بنية حسنة مع الدولة الأجنبية المدعي عليها بغية التواصل إلى حلول للدعاوى المرفوعة على الدولة الأجنبية أو أي جهات أخرى مطلوب إيقاف الدعاوى المرفوعة بشأنها.
وحدد القانون مدة إيقاف الدعوى بأن لاتزيد عن 180 يوماً، كما يحق للمدعي العام مطالبة المحكمة بتمديد فترة إيقاف الدعوى لمدة 180 يوماً إضافية.
وفي المادة السادسة أكد القانون إنه في حال تبين أن نصوص القانون أو أي تعديل تم بموجبه أو أي شرط أو أي نص باطل ، تظل باقي أحكام القانون والتعديلات التي تتم بموجبه سارية، وعدم بطلان الأحكام على أي شخص آخر يمر في حالات مغايرة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/07/21