مأزق التعليم وغياب القياس
عيسى الحليان
يروي أحد كبار رجال التربية والتعليم أن رئيس المؤسسة المانحة لشهادات الجودة «الآيزو» قال له إن بوسعه أن يعطي مصنعا للسيراميك شهادة للجودة في صناعة السيارات لأنه لا يقوم بتقييم المصنوع نفسه ولكن يقوم بتقييم أساليب الصناعة والإدارة وذلك وفقا لمعايير ثابتة وموضوعة سلفا.
وهذا ما يعطي انطباعا مخالفا وأحيانا سالبا لشهادات «الآيزو» لاختلاف ثقافة المفهوم والمحتوى في أدبياتنا بالنسبة لهذه الشهادات وخلطها بالجوائز التي عادة ما تمنح للمنتج نفسه.
وفي تقييم المنتج التعليمي، يمكننا القول بداهة إنه لن تقوم للتعليم قائمة في مسألة الجودة ما لم يكن هناك وسائل قياس وتقويم معتمدة ومحايدة من خارج المنظومة التعليمية، فطريقنا إلى تطوير التعليم بتطوير أساليبه وطرائقه لن تتم إلا من خلال اختبار المنتج ذاته والوقوف على مستواه عن طريق أساليب قياس موضوعية تعلن للملأ لتحدث صدمة تعليمية واجتماعية لعلها تحدث لحظة التغيير التاريخي ومصدر الإلهام في عملية التطوير بدلا من التغطية على هذا الواقع التعليمي الأليم والتستر عليه وإخفاء عيوبه ما أمكن ذلك وهو ما ساهم في توسيع هذا الخرق مع الزمن، ولذلك فمن غير اعتماد هذه المؤشرات ووسائل القياس المعتمدة عالميا نستطيع القول إن لحظة التغيير لم تحن بعد ولن يحدث أي تطور حقيقي وملموس في نظامنا التعليمي، وطالما أبقينا الأمور على ما هي عليه فكأننا نقول لمؤسساتنا التعليمية أبقوا أنتم على ما أنتم عليه أيضا.
تعاقب على وزارة التعليم جملة من الوزراء من ذوي الثقافات والانتماءات الفكرية التعليمية والاجتماعية المتفاوتة وكانت نزعة كل منهم تطويرية أخاذة وشعارهم واحد لم يتغير وهو التطوير ولا غير التطوير، لكن هذا كان الجانب الوحيد الذي لم يتحقق ولم تصل هذه اليافطات المرفوعة إلى المدارس أو تقترب من بواباتها قط، وهو ما يعكس اضمحلال دور الوزير بصرف النظر عن الكفاءة أو الخبرة وأن ما يطرح قبل عملية التوزير شيء، وما يتحقق بعده شيء آخر تماما.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/03/22