جغرافية الاعتداءات الاسرائيلية – الداعشية هي ذاتها (لبنان سوريا العراق).. ما هو البعد السياسي لتلك الاعتداءات؟
د . جواد الهنداوي
جهات و دول دَعمتْ ولا تزال تدعم الإرهاب ، في مقدمتها الكيان الاسرائيلي المُحتل ، و مَنْ يدعم هذا الكيان عسكرياً وسياسياً و دبلوماسياً . لا غرابة إذاً أن تستهدف إسرائيل و داعميها كُلُ مَنْ حارب و تصدى للإرهاب :الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في جنوب لبنان ، والجيش العربي السوري . و أنْ يبارك الرئيس ترامب المُهمات الإرهابية الجديدة لإسرائيل ، و أنْ يُعبّر وزير خارجية البحرين عن تفّهمه لهذه الاعتداءات و يجتهد في تبريرها ، ويرى فيها حقاً في الدفاع عن النفس ، وهذا ، على مايبدو ، قَدَرَ عِلمِهِ واستيعابهِ للمعنى القانوني لمصطلح ” الدفاع عن النفس ” .
جغرافية الاعتداءات الاسرائيلية (العراق ،جنوب لبنان ،سوريا ) هي ذاتها جغرافية ارهاب داعش . الفرق بين الأمس واليوم هو انه ،في الامس ، داعش يسير في هذه الجغرافية و خلفه إسرائيل و داعميها ، واليوم ، اسرائيل هي في المقدمة ، و خلفها داعميها و داعش و غيرهم . الفرق أيضاً هو احلال الطائرات المُسيّرة بدلاً من الذئاب المنفردة او الجماعات الإرهابية في الاغتيال و التفجير .
ربما بدأت إسرائيل الآن ، وبمساعدة امريكا ، وغير امريكا ، بتدريب مجاميع ارهابية على استخدام الطائرات المُسّيرة . لا نعلمْ لتاريخ اليوم مكان انطلاق الطائرات المُسيّرة التي هاجمت العراق او تلك التي هاجمت الضاحية الجنوبية في لبنان ! ولكن لم يعُدْ دور اسرائيل في الاعتداءات امر مُفترض او محلاً للشك ، لاسيما بعد تصريح نتنياهو الأخير بتاريخ ٢٠١٩/٨/٣٠، و الذي يعترف فيه بقيام اسرائيل بمهاجمة العراق . و بهذا الصدد ،نُشير أيضاً الى التقرير الذي نشرته صحيفة رأي اليوم الإلكترونية ، والذي يؤكد قيام اسرائيل بالهجوم على العراق ، و بالتعاون مع أكراد سوريا ، والمملكة العربية السعودية . ( انظر في ذلك ،جريدة رأي اليوم ،بتاريخ ٢٠١٩/٨/٣٠ ) .
.
اداة أخرى توظّفها إسرائيل وهي فئة العملاء و الخونة ، في الدول المُستهدفة ، وكما كان لداعش في الامس ” الخلايا النائمة ” ، لإسرائيل ،اليوم ، كما في الامس ، عملاء و خونة ، وستستخدمهم بقوة في العراق وفي لبنان وفي سوريا ، في التخريب وفي التجسس وفي تسهيل عمل الطائرات المُسيّرة .
تُوظّف اسرائيل أيضاً في تبرير اعتداءاتها و خرقّها لسيادة الدول ذريعة ” السلاح الإيراني ” في العراق و في سوريا وفي لبنان . وكأنَّ على هذه الدول الرضوخ و الانصياع لامر أمريكي اسرائيلي رجعي ،يقضي بعدم شراءها و حيزاتها لسلاح مصدره إيران ! اسرائيل و امريكا حريصتان على ان تكون الدول العربية ناقصة السيادة و متواطئة معها ،إمّا بصمتها على الاعتداء و التآمر ، و إمّا بالتعاون معها .
خوف و خشيّة اسرائيل في ازدياد يوماً بعد يوم ، مِنْ ان تقوم إيران بتزويد دول عربية بعض الأسلحة المتطورة التي تقوم بإنتاجها ، لا سيّما وان إيران لا تفرض شروط على بيع سلاحها ، تتعلق بأستخدام السلاح ، كتلك الشروط التي تفرضها الدول الأخرى ، وفي مقدمة تلك الشروط هو شرط عدم استخدام السلاح ضّدَ اسرائيل .
مِنْ غير المستبعد أبداً ان تقوم اسرائيل و علانيّة و بقوة بمهاجمة قواعد و مخازن عتاد لدي الجيش اليمني و أنصار الله ، ومن بين الأسباب هو أنَّ مصدر السلاح او مصدر الصواريخ هو إيران !
عدم الرّدْ سياسياً و دبلوماسياً و بقوة على هذه الاعتداءات الاسرائيلية و تركها بدون تحذير و إنذار سيشجع اسرائيل على الاستمرار في إهانة الدولة .
تتوخى اسرائيل أهداف سياسية و دبلوماسية لهذه الاعتداءات ،فما هي ؟
ذريعة اسرائيل للاعتداء هي الصواريخ الإيرانية ، وهي فقرة خلاف حاد بين إيران ،من جهة ،والدول الأوربية وأمريكا ،من جهة أخرى . تسعى اسرائيل جعل موضوع الصواريخ الإيرانية ملف كالملف النووي ، موضوع أقليمي و دولي ويهدد امن المنطقة و العالم ! لطالما طالبت الدول الأوربية ، وخاصة فرنسا ،إيران بقبول التفاوض على صواريخها ،و إيران قابلت و تقابل هذا الطلب بالرفض المطلقْ .
اسرائيل ، وبأعتداءاتها والتي ستسمر وخاصة في العراق ،تُريد إسماع العالم بمصطلح ” الصواريخ الإيرانية “. خطر الصواريخ الايرانيّة ” ،مثلما شهّرت و سوّقت لمصطلح ” الملف النووي ” .
اسرائيل تُريد إقناع العالم المتواطئ معها بأنَّ أمن المنطقة مرهون ليس فقط بالملف النووي ، وإنما أيضاً بموضوع الصواريخ الإيرانيّة .
العقيدة الصهيونيّة الإمبريالية الرجعية ترى ان امن واستقرار المنطقة يمّرُ عن طريق هيمنة اسرائيل وحقها في امتلاك ما تريده من سلاح نووي و غيره ، و من خلال دول عربية متواطئه مع اسرائيل او ناقصة السيادة ، ومن خلال دول إقليمية مُحاصّره وتحت ارهاب اقتصادي و مخالف للقوانين الدولية .
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/09/02