الاقتصاد يحتاج إلى علاج جذري
منصور الجمري ..
المؤتمر الدولي السنوي الخامس عشر لمنظمة اقتصاديي الشرق الأوسط الذي استضافه معهد الدوحة للدراسات العليا ناقش على مدى ثلاثة أيام تأثير الصدمات النفطية على النمو الاقتصادي في المنطقة، وأثر أسعار النفط على دورة الاقتصاد، والكيفية التي تتفاعل بها التنمية الاقتصادية مع أسعار النفط في ظل ظروف السوق المختلفة. واختتم المؤتمر أعماله أمس بالدعوة إلى الحَدّ من رهن اقتصاديات دول المنطقة للنفط، وذلك من خلال تنويع القطاعات الاقتصادية ومصادر الدخل.
أسعار النفط العالمية تراجعت أكثر من 60 في المئة منذ منتصف العام 2014، ولا تلوح في الأفق مؤشرات لعودة الأسعار المرتفعة التي كانت تحمي الوضع الاقتصادي والسياسي بالشكل الذي كان يتوفر في السابق. والمشكلة أنّ دخل الحكومات يعتمد على ما يتوافر من صادرات النفط بأكثر من 80 في المئة، وإجراءات خفض أو إزالة الدعم لن تتمكن من سد كامل العجز. كما أن استحداث ضرائب لن يمر بسهولة؛ لأنّ العقد الاجتماعي الضمني (غير المكتوب) يوحي بأنّ على الدولة أن توفر خدمات للمواطنين مقابل القبول بطبيعة العلاقة القائمة حاليّاً بين الدولة والمجتمع.
إنّ الاستجابة لدعوة تنويع مصادر الدخل تحتاج إلى تطوير التعليم والابتكار في دول المنطقة من أجل بناء اقتصاد قائم على المعرفة، وهذا يتطلب مناهج وكفاءات مختلفة كثيراً عن ما هو معمول بها حاليّاً. كما أنّ التوجُّه لتنويع الاقتصاد يتطلب فسح المجال لبيئة استثمارية تشجع على الإبداع وتسمح للطاقات أن تنطلق من خلال أطُر تشريعية متطورة، واعتماداً على بنية تحتية من الاتصالات والمواصلات والشحن والطاقة والمياه والخدمات، بما يؤهل الكوادر الوطنية لإنتاج السلع والخدمات بحسب المواصفات التنافسية العالمية.
حاليّاً، فإنّ لدينا قوى وطنية ليست على مستوى عال في الإنتاجية، وهي تعمل في القطاع العام في معظم بلدان المنطقة. أمّا القطاع الخاص فهو يعتمد على استيراد اليد العاملة الرخيصة من دول شبه القارة الهندية ودول أخرى مشابهة، وهذه الأيدي العاملة لا تفسح المجال لتطوير تقني يتناسب مع متطلبات الاقتصاد المعرفي.
المشكلة كان يمكن التغاضي عنها في الماضي، ولكن المصدر الأساس للاقتصاد (النفط) أصبح منخفضاً أو متقلباً، وبالتالي فإنّ الحاجة أصبحت ماسّة للبدء بخطوات فعلية نحو الصعود باقتصاد بلداننا، تماماً كما فعلت سنغافورة وغيرها من الدول من أجل تطوير قدرات المواطنين وإدخالهم في سوق اقتصادية معرفية ملائمة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/03/26