عن الحرب مع إيران.. سيناريو الرعب بقلم مايكل أورن؟
الدكتور محمد بكر
ليس مهماً كثيراً من هي الجهة التي سربت “سيناريو الرعب” لجهة الحرب الإسرائيلية المقبلة مع إيران كما جاء في مقال سفير دولة الاحتلال الأسبق في أميركا مايكل أورن، سواء أكان رئيس هيئة الأركان كوخافي أم رئيس الوزراء الصهيوني نفسه بنيامين نتنياهو، المهم هو إظهار المقال للقدرات العسكرية الاستراتيجية لإيران وحلفائها ،والرد المحتمل من حزب الله بمقدار أربعة آلاف صاروخ يومياً ،تكون كفيلة بانهيار منظومة القبة الحديدية كما قال أورن، الأكثر أهمية هو توقيت المقال في فترة حساسة وحرجة يمر فيها الكيان الصهيوني، يبدو رئيس الوزراء نتنياهو مثقلاً بالتحديات الداخلية المتعلقة بالفشل في تشكيل حكومة ائتلافية مع بني غانتس، وجملة الاتهامات الجنائية الكفيلة بوضعه خلف القضبان فيما لو فشل في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
سيناريو الحرب الذي طرحه أورن وشرحه لامكانية أن تُقدم إسرائيل على ضرب موقع حساس لإيران، ثم تبادر طهران بالرد على مقر الكريا ( رئاسة الأركان)، هو سيناريو مستبعد على المدى القريب، وذلك لسببين رئيسين :
_ ادراك إسرائيل مدى القدرات العسكرية التي يمتلكها الخصوم، ولاسيما أن الجبهة الأقل تسليحاً وردعاً في ميزان المواجهة وهي جبهة غزة قد كاثرت على لسان السنوار سقفاً عالياً جداً من أساليب المواجهة والردع سواء بالقدرة على استهداف إسرائيل أشهراً متعددة او امتلاكها لمئات الكمائن من جهة أخرى ، فكيف هي الحال اذاً بالنسبة لقدرة طهران ومخزونها الاستراتيجي من الصواريخ الأكثر فتكاً، من هنا نقرأ ونفهم ماقاله المحلل في هآرتس روغل ألفير بأن حرب 73 هي لعبة أطفال إذا ماقورنت بالحرب المقبلة مع إيران، وان الحديث يدور عن انتحار جماعي بدول الشرق الأوسط فيما لو نشبت هذه المواجهة.
– الحالة الداخلية الاسرائيلية المترهلة والطافحة بالتحديات ، التي تجعل الحديث عن مبادرة إسرائيلية لاستهداف إيران، أمراً خارج أطر الموضوعية والتفكير السليم، وتالياً ترتيب البيت الداخلي الاسرائيلي هو مُقدّم على سيناريو الحرب وذلك على المدى القريب بالحد الأدنى.
الأكثر منطقية هو ميل الكيان الصهيوني للاشتغال على سيناريوهات الحرب غير المباشرة مع إيران وذلك على أحد مستويين اثنين :
– الاشتغال على تفعيل وتنشيط حراك مطلبي إيراني داخلي كما حدث في لبنان والعراق.
– محاولة البناء على تيارات بعينها في الداخل الإيراني أو تنشيط خلايا مسلحة تبدو فيها عمليات مسلحة أو تفجيرات إرهابية تمهيداً لميلاد داعش بنسخته الايرانية، هي الأكثر رسوخاً في العقل السياسي لخصوم طهران.
المؤكد أن مقال مايكل أورن هو ذو هدف تكتيكي أكثر منه تصويراً لسيناريو حرب محتملة قريبة مع إيران، وذلك لتقديم صورة إلى الجمهور الاسرائيلي، ولتيارات سياسية في الداخل الإسرائيلي، لجهة خطورة المرحلة المقبلة وتحدياتها ، وتالياً الدفع نحو الإسراع بتشكيل حكومة توافقية ، وإنهاء حالة اللااستقرار السياسي الحاصلة.
المعركة المباشرة مع إيران هي لاشك حاضرة في الأجندات الإسرائيلية على المدى البعيد، لكنها تحتاج لمزيد من عوامل تعزيزها واظهارها إلى الواجهة، سواء بتمتين التحالفات الإسرائيلية العربية، أو استيلاد دعم دولي وتحديداً أميركي ،وهنا ينتظر الاسرائيلي وربما يشتغل على نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة ، يبدو في حضرتها ترامب “عكازاً متهالكة” كما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بعد التخلي عن الكرد واعلان الانسحاب العسكري من سورية.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/11/09