يا وزير المياه .. لا تكتموا الشهادة
محمد بن سليمان الأحيدب ..
جميل أن يستهل وزير المياه والكهرباء حواره المتلفز في برنامج (ساعة حوار) مستشهدا بحث تعاليم الدين الإسلامي الحنيف على عدم الإسراف، لكن الدين لم يحدد قناة واحدة من قنوات الإسراف ويركز عليها ويهمل سواها، ففي الماء مثلا لم يحدد إسراف المستهلك فقط، فإهدار الماء عبر أنابيب مكسورة لا يبادر بإصلاحها أو عبر تسريب شبكات لعشرات السنين هو أمر أشد من الإسراف ويصل لمرحلة عدم تقدير النعمة والتبذير المقيت والهدر بإهمال.
الوزير خلال حديثه ذكر (السيفون) أكثر من سبع مرات ولم يذكر المسبح ولا مرة واحدة!، واستشهد برسوم توضيحية فيها تكرر (السيفون) في ثماني صور ولم يظهر المسبح في رسمة واحدة، وتحدث عن مواصفات فرضها وسيكرر التشدد فيها ولم يذكر شيئا عن مواصفات للمسبح تقلل الهدر، وقاس (السيفون) بما يعادله من قوارير ماء صحي سعة لتر ونصف فتمنيت لو أنه كان منصفا منطقيا وواقعيا فقاس المسبح بما يعادله من مئات (السيفونات).
استغرب أن يتحدث وزير مياه عن هدر نعمة الماء ويتجاهل أهم صور الهدر، مثل انكسار الأنابيب و تغيير المسابح وسقيا المسطحات الخضراء والاستراحات والقصور بأنابيب تصل سعتها إلى ٨ بوصات ففي ذلك تجاهل غير علمي وعدم شمولية في تعداد صور الهدر وتحيز للرأي الواحد، وهذا التحيز يمقته بل يحتقره الأكاديميون وأهل الدراسات العلمية فلا يحترمون الدراسات المتحيزة والأرقام المنحازة.
رحم الله الدكتور غازي القصيبي فعندما كان وزيرا للمياه لم يكن يبدأ بالمواطن الضعيف الأقل استهلاكا، بل كان يستهدف الهامور الأكثر هدرا.
شخصيا، لا أرى جدوى من الحوارات التي يشترط فيها الضيف أن يكون وحيدا ولا أرى فيها أدنى مهنية، فطابعها المراوغة دون وجود من يقارع الوزير الحجة!، لذا فإن أول حوار مع وزير المياه بعد حالة الغضب من فواتيره النارية لم يجب على أهم الأسئلة وهي: ما تفسير الوزير لفواتير شقق صغيرة وصلت ألفي ريال لشهر؟! ، ولماذا أقفلت الشركة إمكانية الدخول للفواتير عن طريق النت؟، ولماذا تجاهل الوزير صور الهدر الأكبر (مسابح، مواسير مكسورة، تسريب شبكات وسقيا مسطحات)؟.
عودة لديننا الإسلامي الحنيف، فعلى من يحتج به أن لا يكتم الشهادة (ولا تكتموا الشهادة)، وأن يتحدث بصراحة المسؤول الصريح عن كل صور الهدر مما يسدد ولا يسدد.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/03/29