صنع المشكلة والبحث عن الحل... الشورى أنموذجا
مانع اليامي ..
من وقت طويل والحديث يدور عن نظام التقاعد وشؤون المتقاعدين وتنتهي الأمور إلى أخبار تتبلور على هامشها بعض الآمال والتمنيات، وأحيانا يخيم الإحباط على الشارع، هذا هو الغالب. الأكيد أن لدينا أكثر من نظام تقاعدي وهذا مفروض بطبيعة تنوع الأنظمة الوظيفية. في السياق التاريخي لهذه الأنظمة يبدو لي أن نظام تقاعد العاملين الخاضعين لنظام العمل من أقل الأنظمة التقاعدية حظا في المراجعة والتطوير، رغم التغيرات والتحديات التي واجهت وتواجه نظام العمل والعمال، وبالذات ما يتعلق بنظام التقاعد المبكر، حيث يشترط النظام مضي ثلاثمائة شهر أي 25 عاما خدمة كشرط أساسي للحصول على التقاعد المبكر.
في هذا الشأن قلت في مقال سابق ما معناه أن هذه الفئة أكثر من غيرها شقاء وعناء، فهم العاملون في المصانع والمعامل والمستشفيات والأكثر صلة بالأعمال الميدانية المتعبة الأكثر عرضة للأخطار المهنية، ومع هذا وغيره من التحديات لم يحرك ساكنا وبقي الحال على ما هو عليه.
من المفترض أن يمتد النظر في تحسين أي نظام وظيفي أو تطويره ليغطي النظام التقاعدي المتصل به، طالما هناك تنوع في الأنظمة التقاعدية وطالما أن الأصل هو أن تتسع دوائر التوظيف في القطاع الخاص حيث يسود نظام العمل؛ لتقليل الضغط على القطاع العام في ظل النظرية الاقتصادية المائلة لهذا المبدأ والمؤكدة عليه كخطوة أساسية في سبيل السيطرة على البطالة وكاستراتيجية للتحول إلى اقتصاد وطني فاعل. لربما أن خروج نظام تبادل المنافع انطلق من هذا الأساس غير أن ما وراء الانطلاق هو الأهم. والواقع يقول إن التساؤلات قائمة، بل تقوم وتقعد حول هذا النظام ليس في شأنه الكلي بل حول بعض ثغراته أو لنقل تعقيداته التي يحسب البعض أنها شوهت صورته ودفعت بالتذمر في كل ناحية.
اليوم مجلس الشورى يتعثر في رؤيته، وله أن يتأمل مخرجاته ويفحص نفسه على ضوء ما بين يديه حول نظام تبادل المنافع الذي خرج من تحت القبة البرلمانية الكبيرة كما يقول غالب الظن، وهو محمل بشرط ثقيل جثم على صدر هذا النظام وغير لونه أيضا، رفع الصوت في الشارع، بل وهز صورة الثقة في كفاءة الدائرة المختصة ليعرّض المجلس بكله للنقد الشعبي؛ لمباركته تقييد ضم مدد الاشتراكات بين أنظمة التقاعد المدني بفترة زمنية محددة لا تتجاوز سنتين من نفاذ النظام الصادر عام 1424 لمن هم على رأس العمل أو لمن انتهت مدد اشتراكهم، ما يعني صراحة عدم قبول المطالبة بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة، وهذا ما حدث على أرض الواقع ولا يزال.
غدا أو بعد غد سيواجه المجلس مشكلة أخرى، الناس الذين صفوا مستحقاتهم قبل صدور نظام تبادل المنافع ما هو ذنبهم الذي يمنعهم من الاستفادة من ضم مدد اشتراكهم إذا أعادوا للخزينة العامة ما سبق صرفه لهم مقابلها، لا سيما أن خروج هذا النظام كان خارج «حساباتهم «بل و»علمهم المسبق» وإلا لما فعلوا إطلاقا.
من المعيب ألا يحسم مجلس الشورى هذه المسائل المتصلة جدا بحقوق الناس ومستقبل أسرهم بعدالة. انتهى وبكم يتجدد اللقاء.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/04/03