ماذا لو ثبت أن كورونا كان نتيجة هجوم بيولوجي أميركي؟
أحمد عبد الرحمن
لو توفرت الأدلة الدامغة والمثبتة علمياً أو حتى استخبارياً لتأكيد هذه النظرية، فذلك يعني إعلان حرب بكل ما للكلمة من معنى.
كانت بليغة إشارة المرشد الإيراني السيد علي خامنئي في 12 آذار/مارس الحالي في تعقيبه على انتشار فيروس كورونا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ففي سياق بيانه الذي أوعز فيه إلى هيئة الأركان العامة في الجيش الإيراني ببناء مقر صحي وعلاجي للحد من تفشي الوباء، قال: "مع أخذ الأدلة التي تُثبت أن كورونا يمكن أن يكون هجوماً بيولوجياً بعين الاعتبار، فإن هذا المقر يمكنه أن يكتسي بطابع مناورة دفاع بيولوجي أيضاً، ويعزز الاقتدار الوطني".
وعلى الجانب الآخر، كانت تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية واضحة، عندما أشار إلى احتمال ضلوع المخابرات الأميركية صراحةً بنقل فيروس كورونا إلى مدينة "ووهان" الصينية، البؤرة الأولى لهذا الوباء القاتل، والتي أدت لاحقاً إلى انتشاره في معظم دول العالم.
هاتان الإشارتان الواردتان من ألدّ أعداء أميركا سياسياً واقتصادياً، تضيفان مزيداً من الشكّ الأقرب إلى الحقيقة حول كون هذا الوباء الذي هزّ أرجاء العالم من دون مقدمات عبارة عن هجوم بيولوجي شنّته الدولة الأقوى في العالم، والأكثر تنكّراً لحقوق الإنسان ضدّ منافسيها، وبالتحديد الصين وإيران، للحدّ من طموحاتهما على المستويين العسكري والاقتصادي.
هذه الدولة المارقة "أميركا" التي استخدمت السلاح النووي سابقاً ضد اليابان، واستعملت، وما زالت، الأسلحة المحرّمة دولياً ضد كل من يعارضها أو يقف في وجه سياساتها التوسعية أو أطماعها الاستعمارية، ليس غريباً عليها أن تقوم بمثل هذا الهجوم، حتى لو أدى إلى موت مئات الآلاف من المدنيين، ومن بينهم أميركيون.
ولو عدنا في عجالة إلى أرشيف جرائم هذه الدّولة التي قامت على القتل والإرهاب، فسنجد أنها أسّست إمبراطوريتها على جثث مئات الآلاف من الهنود الحمر، "أصحاب الأرض الأصليين"، منذ القرن السابع عشر، وكانت أول من استخدم السلاح النووي في تاريخ البشرية، إذ قتلت في 6 آب/أغسطس 1945 حوالى 140000 مواطن ياباني، عندما قصفت مدينة "هيروشيما" بقنبلة نووية أسمتها "الولد الصغير"، وقتلت 80000 آخرين في "ناغازاكي" بقنبلة مشابهة أسمتها "الرجل البدين".
أما في العراق، فقد قتلت القوات الأميركية منذ احتلالها هذا البلد العربي المسلم في العام 2003، تحت ذرائع ومبررات واهية ثبت كذبها لاحقاً، حوالى 600000 مواطن عراقي، بحسب بعض التقديرات، ويذهب بعض المؤرخين إلى أنّ العدد ربما يفوق مليون مواطن على أقل تقدير.
أضف إلى ذلك تلك الجرائم الَّتي ارتكبت في فلسطين ولبنان وأفغانستان واليمن وسوريا وليبيا والسودان، سواء بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء تلك الدولة المجرمة وحلفائها.
هذا التاريخ الدّموي للولايات المتحدة الأميركية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، يجعل العديد من المراقبين والمتابعين، ونحن منهم، يعتقدون أن ما يجري اليوم من انتشار مخيف لهذا الوباء هو عبارة عن عمل منظَّم ومدروس ومخطط له بعناية، وبالتالي، فإنَّ هذا العمل، بغض النظر عن شكله أو طريقة تنفيذه أو السلاح المستخدم فيه، هو عمل عسكري حربي بامتياز، لأنه يؤدي إلى قتل الناس، وضرب الاقتصاد، وإثارة الرعب والخوف، ولو توفرت الأدلة الدامغة والمثبتة علمياً أو حتى استخبارياً لتأكيد هذه النظرية، فذلك يعني إعلان حرب بكل ما للكلمة من معنى!
وهنا يأتي السؤال الصعب الذي يحتاج بالتأكيد إلى إجابة أكثر صعوبة: ماذا ستفعل تلك الدول التي استهدفت بشكل مباشر ومقصود ومخطّط له من خلال هذا الوباء "الهجوم"؟ وكيف سيكون ردّ فعلها في ضوء موازين القوى السائدة الآن في عالمنا، والتي تقوم على مبدأ "الغلبة للأقوى"؟! وهل ستبادر إلى الرد على هذه الحرب المفروضة بالأدوات نفسها، إن كانت تمتلكها، أو أنها ردَّت بالفعل من دون إعلان رسمي، وبالسلاح نفسه والطريقة نفسها، وما يحدث في أميركا يؤكد ذلك؟
في بعض الحروب التي تُخاض في الخفاء، وتتميَّز بقدر كبير من السرية والكتمان، لا يتمّ كشف التفاصيل إلا بعد 20 أو 30 عاماً من وقوعها. ويبدو أننا أمام مشهد مشابه إلى حدّ كبير، فما يجري الآن ربما يكون أحد فصول تلك الحرب، ولا نعلم بالتحديد موعد كشف النقاب عنها أو على أقل تقدير عن جزء منها.
ولكن ما نعلمه بالتأكيد، بناءً على تجارب الماضي واستحضار التاريخ، أنَّ من يملك خيار بدء الحرب، لا يملك بالضرورة خيار إنهائها، وأن اللعب بالنار لا بدّ من أن يحرق بعض أصابع اللاعبين، إن لم يكن كلّها.
لصالح موقع الميادين نت
أضيف بتاريخ :2020/03/23