لماذا يغيب خبراء المياه السعوديون عن المشهد؟
خالد عبدالرحيم المعينا ..
أثارت تصريحات وزير المياه جدلا مجتمعيا واسعا خصوصا طلبه إلى المحتجين على ارتفاع فاتورة المياه باللجوء إلى حفر الآبار.
وكانت تصريحات سابقة لوزير الإسكان قد أثارت الكثير من الجدل والتساؤلات.
والملاحظ في هذه الأيام أن بعض الناس قد وجدوا مساحة لحرية التعبير عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت لهم الفرصة للانتقاد والسخرية دون أن يقدموا حلولا معقولة للمشكلات.
نعم، هناك هدر كبير للماء وقد قال لي خبيران سعوديان في مجال المياه إن نحو 40 إلى 50% من المياه المحلاة تذهب هدرا عن طريق السايفونات.
وأود أن أتوجه للناس الذين تندروا بفاتورة المياه الجديدة وأطلقوا النكات وانغمسوا في الكوميديا السوداء إن كانوا قد أخذوا وضع المياه في بلادنا على محمل الجد.
وإننا –لا سمح الله- سنواجه مشكلة كبيرة في السنوات القادمة إذا لم نكن مستعدين لشح المياه ونضوبها وتركنا الصنابير مفتوحة واستغرقنا في النوم المريح فالحكومة ستعمل كل شيء وهي ستوفر لنا المياه بينما نقف نحن مكتوفي الأيدي.
وندرة المياه وشحها يشكل تهديدا حقيقيا للأجيال القادمة بصفة خاصة لذا علينا أن نتداركه من الآن.
إن المياه تكلفنا بلايين الريالات ومع ذلك فنحن مطمئنون أنها ستجيء لنا بأي وسيلة كانت حتى لو أهدرناها بدون محاسبة من ضمير.
إننا نستخدم المياه وكأن الأمازون، ونهر النيل، والجانج، والمسيسبي تجري بجوار منازلنا.
ونحن نستخدم هذا السائل الحيوي الذي جعل الله منه كل شيء حي وكأن لدينا أمطار المنسون التي تصب على دول شبه القارة الهندية ستة شهور متواصلة.
والسؤال المشروع الذي يطرح نفسه هنا: هل فكرنا، فرادى أو مجتمعين، ماذا يمكن أن نفعل إزاء هذا الأمر؟ هل فكر أي أحد منا كيف يمكن أن نحافظ على المياه؟ هل علمنا أولادنا مخاطر هدر المياه؟
الإجابة بالقطع لا لكن كل هذه التساؤلات وجلد الذات لا تعفي وزارة المياه والشركة الوطنية للمياه من مسؤوليتهما.
فلا الوزارة ولا الشركة قامتا بما يكفي لإدارة المياه بشكل فعال فعدد من الخبراء السعوديين يجلسون خارج إدارة الوزارة وخارج مجلس إدارة الشركة بينما أتيحت هذه الفرصة لأشخاص أقل خبرة وتأهيلا مما يدل على عدم المبالاة والاهتمام.
وسؤالي لشركة المياه: لماذا لا تستقطبي عددا من الخبراء السعوديين من الرجال والنساء في مجلس الإدارة؟ وبقراءتي لأسماء أعضاء المجلس أجد فيهم أناسا ليست لهم علاقة بالمياه.
وفي هذا الإطار، فنحن في حاجة لعمل شيء فورا فالمياه هي عصب الحياة والأمن المائي أخطر وأكبر أثرا إذا لم يكن مساويا في خطورته للإرهاب.
ونحن المواطنين المعنيين على أهبة الاستعداد لمقابلة وزير المياه والمدير الرئيس التنفيذي للشركة في جلسة لقدح الأذهان من أجل الوصول إلى حلول معقولة لمشكلة المياه.
ونحن أيضا نحتاج إلى حملات توعية مكثفة من أجل إيجاد برنامج فاعل للمحافظة على المياه.
وهنا يمكن لأئمة المساجد والخطباء أن يركزوا على سلامة البيئة والمحافظة على المياه وإرشاد المصلين للوسائل التي يمكن بها أن نحافظ على مياهنا للأجيال الحالية والمستقبلية.
وأقول للوزير ومدير الشركة إن الكرة في ملعبكم والدور عليكم للتحرك.
ولعلي قبل أن أختم أسأل سؤالا يلح على صدري كثيرا: أين مجلس الشورى، وهو برلمان الأمة المسؤول عن مراقبة الأداء التنفيذي، من رفع فاتورة المياه بشكل عشوائي ومفاجئ للمستهلكين؟
لماذا ظل المجلس صامتا حتى الآن عن موضوع يشغل بال المواطنين؟
لقد قال الوزير في أحد تصريحاته إن الأمر لم يكن يحتاج إلى العرض على مجلس الشورى فهل يوافقه المجلس على هذا الرأي؟
وأين جمعية حماية المستهلك؟ لماذا كل هذا السكوت على هذا الأمر؟ من تحمون أنتم؟
وإنصافا للوزير أذكر أنه قال إن حملات التوعية التي استمرت لأكثر من عشر سنوات لم تجد نفعا.
لكن هل يكون الحل في رفع فاتورة المياه أم مزيد من التوعية والإجراءات التي توقف الهدر وتحافظ على المياه؟
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/04/08