آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طالب الحسني
عن الكاتب :
كاتب وصحفي يمني

هل “الملك” سلمان مغيّب عن نتائج التدخل في اليمن؟!


طالب الحسني

تقتصر تصريحات “الملك” السعودي سلمان بن عبد العزيز عن اليمن على الخطابات الرسمية الجاهزة، وهي كالعادة تأتي في سطرين ولم تتغير منذ بداية التدخل العسكري الذي تقوده “بلاده” على الجارة الجنوبية التي تتحول تدريجيا رغم قساوة العدوان إلى قوة عسكرية عظمى، وهذا يعني الكثير من التغيّرات الجوسياسية في المنطقة .
السطور التي يقرأها “الملك ” عن اليمن وحرب نجله محمد بن سلمان  هناك  جامدة ولا تتناسب تماما مع نتائج هذه الحرب التي تدور للعام السادس على التوالي ويفترض سياسيا وعسكريا ومنطقيا أن تختلف وتتطور ، فالحرب ليست جامدة والنيران اليمنية وصلت في كثير من الهجمات إلى العاصمة السعودية الرياض ، وبحسب معطيات كثيرة ستكون أكثر دقة في المستقبل اذا ما علمنا أن القوة الصاروخية والمسيرات التي يملكها الجيش واللجان الشعبية التابعين للمجلس السياسي الأعلى في العاصمة صنعاء تتطور بشكل متسارع
غياب التجديد في خطاب “الملك” سلمان بشأن اليمن لاتعني  سوى أمرين اثنين:
إما أن “الملك” مغيّب وتصل إليه تقارير مغايرة للواقع ، كتلك التي تصورت أن الحرب ستكون خاطفة ولن تستغرق أسابيع وهاهي تجاوزت 2000 يوم،  أو أنه يفكر بنفس الطريقة التي يفكره بها ولي عهده وشقيقه الذي تولى ملف الحرب منذ وصوله إلى وزارة الدفاع، وفي الحالتين سيصبح من الصعب تلافي ما سيحدث في مستقبل البلدين “الجارين” وببساطة شديدة لم يعد بالامكان رؤية البلدين كما كانا في السابق، لقد تغير كل شيء، ذلك جزء طبيعي من حركة التاريخ وتقلب الأحوال ، فلم تعد المملكة هي المملكة التي كانت قبل 15 عاما على الأقل، ولم تعد اليمن هي البلد التي يفرض حكام السعودية عليه وصاية بضوء أخضر من الولايات المتحدة الامريكية، ومن اللافت هنا أن الحكام في صنعاء يكشفون وعبر قناة المسيرة عن وثائق خطيرة تؤكد آوامر السفير السعودي والآمريكي على الرئيسين السابقين صالح وهادي وتتعلق هذه الآوامر بتعيينات سيادية وتغييرات كبيرة في هيكلة الجيش
النتائج الأولية لهذا التدخل العسكري السعودي المدعوم من الولايات المتحدة الامريكية منذ مارس 2015 تقول أن المقاربات التي كانت تعتقد الرياض وواشنطن أنها ستصل إليها بالقوة العسكرية، جاءت بنتائج معاكسة وفات الوقت على تغيير المعادلات ان كانت عسكرية أو سياسية والتي أصبحت بشكل واضح تدفع بشكل كبير إلى تكوين قوة عسكرية صاروخية عملاقة وبخبرات يمنية بحتة بعد أن استفادوا من التجربة والخبرة والتقنية الإيرانية وهذا ما كشفه قائد الجيش الايراني قبل أيام.
قبل 4 سنوات كان بالامكان إجراء مقاربات عسكرية بين قوة العاصمة صنعاء وبين الجيش والمليشيات المسلحة التي تدعمها الرياض وأبوظبي للقتال ومحاولة الوصول إلى صنعاء، حينها كان يبدو الفارق محدود اذا أزحنا القوة العسكرية التي تملكها السعودية وحلفائها، اليوم ليس هناك وجه للمقارنة، الجيش الذي يقاتل لصالح المجلس السياسي الأعلى في العاصمة صنعاء أكثر قوة واكثر تنظيم وتماسك وتمكن خلال فترة وجيزة استعادة أهم المناطق شرق اليمن، نتحدث عن هنا عن مديرية نهم ومحافظة الجوف وجزء كبير من مديريات وحاميات محافظة مارب، وباتت هذه الاخيرة مطوقة ودخولها مسالة وقت، بينما يوضع تساؤل يطرحه انصار السعودية بشكل متكرر أين ذهب الجيش التي قالت انها تدربه وتعده منذ 5 سنوات؟
لقد تمكن انصار الله الحوثيين والمؤتمر الشعبي وبعض الاحزاب الحليفة لهم من تكوين قوة عسكرية هائلة عدد وعدة وتنظيم وترتيب وإعداد ، ومن يبحث بشكل أدق سيجد أنه وللمرة الأولى في تاريخ اليمن يبنى جيش وطني بعقيدة  قتالية ودون تعدد الولاءات والمصالح والانقسامات وهي الآفات التي كانت موجودة في الجيش السابق ولذلك ذاب في الأحداث التي أعقبت الحروب السابقة في اليمن منذو حرب 94 مرورا بحروب صعدة 2004-2009 ووصولا إلى أحداث 2011 العسكرية وصدام الرئيس السابق علي صالح وخصومه الاخوان والموالين لهم من العسكريين أمثال علي محسن .
هذا التغيير الكبير في الجيش سيعني أنه سيكون ضاربا في المستقبل ومتحررا من القيود التي كانت تأتي من الرياض وواشنطن واعترف بها صالح  خلال مقابلة مع قناة الميادين عام 2016 عندما أشار إلى أن الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز اغتاض وانزعج بعد أن شاهد عرضا عسكريا في الحديدة في العيد العاشر للوحدة اليمنية وكان حينها وليا للعهد.
هذا الجيش الجديد ولد في قلب العدوان التي تقوده السعودية بدعم أمريكي معلن وهذا يعني أنه خصم عنيد للملكة وشديد الولاء للقيادة الثورية والسياسية في اليمن ، من يقرأ علاقة اليمن بالسعودية منذ سبعينات القرن الماضي سيدرك إلى أي مدى هذا الملف حساس بالنسبة لحكام الرياض والخليج بشكل عام، فهم لم يكونوا راضين عن تطوير في المؤسسة العسكرية مع وجود نظام حليف فكيف أذا كان الحاكم اليوم هو أشد خصوم المملكة ؟ مع إدراك أن الاخيرة لا تستطيع تغيير هذه المعادلة ولا التأثير فيها.

صحيفة الرأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/09/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد