هل ينجح الرئيس الجديد في تقويم المسار الأميركي خاصة الشرق أوسطي؟
عمر عبد القادر غندور
سبق وتحدثنا في مقالات سابقة أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يدع الانتخابات الأميركية تمرّ على خير ملوّحاً باستحضار الحروب وعظائم الأمور وانه لن يغادر البيت الأبيض ويسلم مقاليد الحكم للرئيس المنتخب، ورفع عقيرته بألفاظ ومفردات لا تليق برئيس أعظم دولة في العالم… كسرقة الفوز والتزوير واستحضار الأصوات من خارج السياق والتزوير والغش والتشكيك، وغير ذلك من فجور وصلافة ووقاحة تعبّر عن شخصية هذا الرئيس العنصري الشعبوي المتعجرف والحاقد، حتى يكاد يفضل الموت على خسارته للموقع الذي استخدمه للإساءة للآخرين وأذية الشعوب وفي مقدّمها شعب فلسطين الجريح…
صحيح انّ أيّ رئيس جديد للولايات المتحدة لا يُسمح له بالتغريد خارج الأهداف الحيوية لدولة تؤكد للعالم أنها الدولة الأعظم المهيمنة على الشؤون الدولية وتوسيع الاستراتيجية وتأكيد الاستثنائية العسكرية الأقوى والحروب الاستباقية والسيطرة على ثروات العالم وحماية دولة الاحتلال في فلسطين، إلا أنه يستطيع أن يكون حاكماً بقفازات بيض يستمع الى الآخرين بتهذيب، وليس رئيساً فظاً فاجراً كمرابٍ على طاولة القمار.
لذلك على الرئيس جو بايدن أن يلملم ما خرّبه سلفه في مجال الانقسامات داخل الأسرة الأميركية، وهو ما هدّد بالحرب الأهلية بين السود والبيض إذا ما سقط في الانتخابات، في حين أخفق في مواجهة وباء كورونا، وتوفير الرعاية الصحية لعامة الأميركيين وهي الرعاية التي بدأها الرئيس السابق أوباما ولم يكملها. وفي المجال الخارجي تحوّل الجيش الأميركي في عهد ترامب إلى أداة لقمع الشعوب وإفقارها عبر سلاح العقوبات والقيام بالاغتيالات، والتنكر لمواثيق واتفاقيات أبرمتها الإدارة السابقة.
لذلك سمعنا الرئيس بايدن يقول في أول إطلالة جماهيرية في خطاب النصر، أنه سيعيد النظر في الكثير من الأحداث الخارجية التي قادها سلفه وفي مقدّمها إحياء الاتفاق النووي مع إيران شرط قيام إيران بالتزاماتها السابقة، وقال إنّ هناك طريقة ذكية للحفاظ على مصالحنا ووقف المشاركة في الحرب على اليمن، والعودة إلى التحقيقات بشأن قتل الصحافي السعودي في قنصلية بلاده في اسطنبول. ونقلت وسائل إعلامية عن الرئيس بايدن قوله: موت جمال خاشقجي لن يذهب سدى، ونحن مدينون لذكراه بالنضال من أجل عالم أكثر عدالة وحرية.
وانتقد بايدن عبر مركز أبحاث غير رسمي سياسة ترامب وقال في ذكرى مقتل خاشقجي: سأدافع عن حق النشطاء والمعارضين السياسيين والصحافيين حول العالم في التعبير عن آرائهم بحرية دون خوف.
كما وعد بايدن بمراجعة العلاقات مع السعودية وإنهاء الدعم الأميركي للحملة التي تقودها الرياض ضدّ الحوثيين.
وفي هذا الصدد يقول المحلل الاستراتيجي ارون ديفيد ميلر في مقال نشر على موقع «فورن بوليسي» بعنوان «أسوأ كوابيس السعودية» انّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لديه كلّ الأسباب لكي يقلق من وصول بايدن إلى البيت الأبيض مشيراً الى أنّ المملكة السعودية «دولة منبوذة» ودعا الى إنهاء الحرب «الكارثية» في اليمن كما أكد انّ أولويتنا في الشرق الأوسط يجب ان نحدّدها في واشنطن لا في الرياض.
وأوردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية صباح أمس الخبر التالي: على مدار أربعة أعوام هي فترة بقاء رجل الأعمال الجمهوري دونالد ترامب في البيت الأبيض، تغيّرت كثيراً خريطة القوى السياسية في الشرق الأوسط، ويُتوقع أن تشهد المنطقة تحوّلات جديدة.
ولم تكن الانتخابات الأميركية حدثاً داخلياً، بل تابعها سكان العالم وحكومات الشرق الأوسط التي تغيّرت خريطة القوى السياسية فيها كثيراً خلال أربعة أعوام أمضاها رجل الأعمال الجمهوري دونالد ترامب في البيت الأبيض فما الذي يمكن ان يحدث بعد انتخاب الديمقراطي جو بايدن الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة.
والآن بعد أن تبيّنت النتائج ووصل الى البيت الأبيض رئيس جديد ونظراً لأهمية الدور الأميركي، نتمنّى أن يصحّح الرئيس بايدن كلّ ما هو متناقض مع العدالة والأمن وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وإعادة ما استلب منها بغير حقّ وفي مقدّمها حقوق الفلسطينيين باسترجاع ارضهم وقيام دولتهم المستقلة.
ويبقى الرئيس الأميركي، أيّ رئيس كان، أن يفي بوعوده واحترامه لحقوق الآخرين وسلام على من اتبع الهدى.
جريدة البناء
أضيف بتاريخ :2020/11/10