فتاوى .. البنشر !
صالح جريبيع الزهراني ..
استمعت إلى خطبة من ست دقائق لم أسمع فيها ربع دليل من قال الله وقال رسوله على تحريم قيادة المرأة للسيارة .. وقرأت مقالات ومقالات عن المفاسد المتوهمة بعد قيادة المرأة لسيارتها .. وكلها تنتهي ب ( ماذا لو بنشرت ؟! ) ( من سيصلح لها البنشر ؟! ) ( يمكن ابتزازها لإصلاح البنشر ) .. ولذلك اسمحوا لي أن أسمي هذه الفتاوى بفتاوى البنشر.
فتاوى البنشر تتجاهل خلوة السائق مع المرأة .. وتحرِّم الخلوة برجل أجنبي في نفس الوقت.
والقائمون على فتاوى البنشر ومؤيدوهم يعارضون إصدار قانون للتحرش بحجة أنه سيكون بمثابة تشريع للتحرش وتشجيع للنساء على التمرد..ثم يحذرون من حالة التحرش أثناء البنشر.
فتاوى البنشر لا تريد أن ترى ولا تريد أن تسمع ما يقع للنساء من مضايقات من سائقيهن ولا ما يقع من حالات تعدٍ واضح وهتك للعرض .. ثم يحذرون وينذرون من حالة البنشر.
فتاوى البنشر يهون عليها أن يذهب نصف راتب المرأة للسائق والليموزينات وأن تذهب روحها مع السائق المتهور وخاصة المعلمات .. ويصعب عليها أن تدفع المرأة 150 ريالاً ( لسطحة ) تسحب سيارتها في حالة البنشر.
فتاوى البنشر تتقبل أن يتفلت الموظفون من دوامهم كل يوم ( مرغمين ) لكي يحوموا على مدارس أبنائهم وبناتهم ليعيدوهم إلى المنزل مع ما يصاحب ذلك من هدر وتعطيل للمصالح .. ولكنهم لا يتقبلون أن تقوم الأم بذلك الدور لكي لا تتعرض سيارتها للبنشر .
فتاوى البنشر تحاول إقناعنا تلميحاً أو تصريحاً بأن نساءنا عبارة عن منحرفات مع وقف التنفيذ .. وأنه في حال السماح لهن بقيادة السيارة سيقمن بخيانتنا مع أول بنشري.
فتاوى البنشر تفترض أن السيارة لا يمكن أن تتحرك من مكانها إلا إذا كانت سائقتها متبرجة وفي كامل زينتها ( فل ميك أب ) ومتعطرة ومائلة ومميلة وكاشفة الوجه حاسرة الرأس .. مما سيغري البنشريين كثيراً.
فتاوى البنشر تفترض أن جميع السعوديات دون استثناء متزوجات وغنيات وملكات ولسن بحاجة للعمل ولا للسوق ولا للنزهة ولا حتى لزيارة المريض وعليهن البقاء في المنزل حتى لا تبنشر سياراتهن.
فتاوى البنشر وصلت إلى نتائج علمية مذهلة..منها تعرض مبايض المرأة للتلف بمجرد قيادتها للسيارة .. كما وصلوا إلى نتائج تتعلق بعلم النفس والاجتماع والتربية وبدأوا يسردون ما يرونه من ( المسلَّمات ) كالتحلل والانفلات ودمار الأسرة وكثرة الطلاق .. والمشكلة الوحيدة أن هذه النتائج استنبطت من واقع افتراضي لم يحصل بعد .. ولكن لأنهم كرماء أعطونا نتائج من ( كيسهم ) مثل حكاية البنشر تماماً.
وبعد قراءتي لمجموعة فتاوى البنشر وصلت إلى حقيقة علمية ( من كيسي ) مفادها : أن سيارات الإماراتيات والكويتيات والعمانيات والمصريات واليمنيات وكل نساء العالم لا تبنشر .. ولذلك فإن النساء هناك يقدن السيارات بشكل طبيعي ولا يتعرضن لتحرش البنشريين.
ولذلك فإنني أتمنى من وزارة التجارة استيراد سيارات مجنزرة لتقودها نساؤنا سداً لذريعة البنشر.
وفي حال تعثر ذلك..فإنني أناشد وزارة المواصلات بإنشاء طرق خاصة بالحمير والبغال والجمال لكي تداوم النساء على ظهورها كما كن يفعلن عبر التاريخ .. بعد دراسة الأمر مع أصحاب فتاوى البنشر وخبراء طرق الأنعام لمعرفة الموقف وما ينبغي اتخاذه في حال بنشر الجمل بمسمار أو زجاج أو خلافه..ويمكن الاستعانة بمهندسين من طالبان للاستفادة من خبرتهم في ذلك.
صحيفة أنحاء
أضيف بتاريخ :2016/04/24