كي لا يولد ألف بن لادن جديد
سعيد السريحي ..
نجحت أمريكا قبل خمس سنوات في تصفية بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وليس من المستبعد أن تنجح أمريكا قريبا في تصفية أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، غير أن ما نجحت فيه أمريكا وما يمكن لها أن تنجح فيه لا يمثل غير الجانب الأسهل في الحرب العالمية على الإرهاب، ذلك أن تصفية زعامات الجماعات والتنظيمات المتطرفة من شأنه أن يحيلهم إلى رموز ذات تأثير أقوى وأعنف ما لم تتم تصفية الفكر الذي تتبناه تلك الجماعات تكتسب منه قوتها وترسم بموجبه خططها وتحدد بناء عليه أهدافها وهو الجانب الأصعب في هذه الحرب العالمية على الإرهاب، كما أنه الجانب الذي لا يمكن لأمريكا أن تنجح في تحقيقه، ذلك أن جنود المارينز قادرون على قتل كافة زعامات الجماعات الإرهابية وليس بمقدور أحد منهم أن يقتل فكرة بثتها تلك الجماعات وتلقاها من آمن بها وصدقها واعتبرها عهدا بينه وبين من يعتبرهم وهما منه شهداء ضحوا بأرواحهم في سبيل ما آمنوا به وقاتلوا من أجله.
ليس بوسع أمريكا أن تجتث التطرف وما ينبني عليه من إرهاب، ذلك أن الحرب على التطرف والحيلولة دون تفريخه لجماعات إرهابية تتوالد وتتناسل في مختلف بقاع الأرض لا يمكن له أن يتحقق ما لم تكن هناك حرب موازية تهدف إلى تفكيك هذا الفكر المتطرف وكشف تهافته وفضح توظيفه للنصوص الدينية من أجل تحقيق مكاسب دنيوية تحقق لزعاماته ما يحلمون به من حكم للشعوب وسيطرة على مقدراتها.
هذه الحرب الموازية التي ينبغي أن يتم شنها على الفكر المتطرف هي مسؤولية علماء المسلمين من رجال الدين والمفكرين والفلاسفة ورجال الإعلام والتربويين وغيرهم ممن هم قادرون على إعادة تشكيل العقلية العربية والإسلامية وتمكينها من القدرة على معرفة الحقيقي من الزائف الذي يحيط بها وما لم ينهض هؤلاء بهذه المهمة فإن ألف بن لادن جديد سيولدون كلما قتل بن لادن قديم وألف بغدادي جديد سيخطب على المنابر كلما تمت تصفية بغدادي قديم.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/05/04