تعميق !!
طلال القشقري ..
نشرت جريدة المدينة مؤخراً أنه بعد انتقاد مواطنين لمجلس جدّة البلدي على ترْكِه الزيارة الميدانية لمشروعات الأمانة المتعثّرة، والأحياء التي تكثر فيها النفايات والحُفر وأعمدة الإنارة المُتعطّلة، والمطاعم والمسالخ والأسواق العاجّة بالمخالفات الصحية، ممّا هي من اختصاصه، وزيارته بدلاً منها لشركة المياه ـ التي لا سُلْطة له عليها ـ ومرّتيْن خلال أسبوع واحد، ردّ رئيس المجلس بأنّ الزيارة للشركة كانت لـ «تعميق» العلاقة معها!.
واستخدام الرئيس لمُفردة «تعميق» لم يُلْفِت نظري فحسْب، بل زاد قولوني العصبي رهقاً، لأنّ بعض مسئولينا ينتقون مُفردات لغوية راقية ضمن تصريحاتهم، قد يعجز سيبويه نفسه عن استخدامها، تهرّباً منهم من صُلْب الموضوع الذي تمّ انتقادهم لأجله!.
عموماً ذروني أحلّل هذا «التعميق»، إذ كأنّي بالرئيس يريد أن يقول أنه يغوص في أعماق بحر العلاقة مع الشركة بدلاً من إبقائها على السطح عائمة، وهذا جيد، لكني أسأله: أليس تعميق العلاقة مع الأمانة أولى؟ فـ ٩٩،٩٩ ٪ من أعمالها تخصّ المجلس؟ أنا أعلم أنّ العلاقة بين المجلس والأمانة قائمة نظرياً على سُلْطَة مراقبة من الأول للثانية لتحسين أدائها، بينما هي فعلياً قاعدة فقط على سَلَطَة اجتماعات يعقدها المجلس مع نفسه أو مع الأمانة، ويُوعز للصحافة بالتقاط صور بانورامية جميلة لها، ليُعطي انطباعاً عن حلّه لمشكلات جدّة، ولنُفاجأ أنّ المشكلات تزداد كماً ونوعاً ولا تنقص، الأمر الذي يدلّ على تعميق علاقة مع شركة المياه هو غير عاجل وغير مهم، وتسطيح علاقة مع الأمانة رغم أنه عاجل ومهم!.
إنّ مُفردة «التعميق» رائعة، لكنّ خدمات المجلس لجدّة ليست رائعة، وهي ما زالت دون تطلّعات أهل جدّة وزُوّارها وسُيّاحها!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/06/11