المسلم الجديد-القديم
منصور الجمري ..
العالم يشهد انطلاق موجة جديدة، ربما يكون عنوانها «المسلم الجديد-القديم»... إنه المسلم المتعايش مع الآخر، والمعتدل، والإيجابي، المنطلق نحو الحياة، والمشارك في الحضارة، الملهم للآخرين، الواثق من هويته، والمعتز بأصله، ولكنه أيضاً غير منغلق على الماضي، وليس مسجوناً لأحقاد جاهلية... هذا المسلم «جديد» من ناحية؛ لأنه يشرق بمعاني تبدو وكأنها جديدة للإسلام. ولكنه «قديم» من ناحية أخرى؛ لأن هذا هو الإسلام الذي أنزله الله رحمة للعالمين، وليس نقمة وبلاءً.
في الشهر الماضي، شهد العالم أنموذجاً من هذا «المسلم الجديد-القديم»، في شخصية صادق خان الذي انتخبه البريطانيون في لندن عمدة لهم؛ لأنه ألهمهم وأعطاهم رؤية مختلفة سيعمل على تنفيذها لتطوير أهم مدينة في العالم الغربي... والملاحظ أنه لم يستطع أحد أن يشوِّه سمعته ويربطه بالمتوحشين الذين يسعون إلى إعادة الناس إلى عصور الجهل باسم الدين الإسلامي، بل استطاع صادق خان أن يدحر تلك الممارسات الظلامية التي تجتاح مناطق واسعة من العالم، ظلماً، باسم الإسلام.
ثم جاءت وفاة بطل الملاكمة، نصير الحقوق المدنية، الكوميدي، ملهم الشباب والفقراء والمعدومين، محمد علي كلاي... وكانت جنازته في مسقط رأسه بمدينة لويفيل في ولاية كنتاكي الأميركية (يوم الجمعة 10 يونيو/ حزيران 2016) نمطاً مختلفاً للمسلم الجديد-القديم... ذلك المسلم الذي يستطيع أن يجمع أهم المشاهير بعامّة الناس، وأن يجمع ممثلين عن كل الأديان ومكونات المجتمع المتنوِّع، ليرسلوا رسائل الخير التي تجتمع عليها البشرية. وحسناً فعلت عائلة كلاي عندما استبعدت كل ما يسمم منطقة الشرق الأوسط من خطب ومشاركات؛ لأنها هي ذاتها التي حوّلت بلدان المسلمين إلى مناطق موبوءة، وموسومة بمظاهر الخراب العمراني والتدمير الإنساني.
المسلم الجديد-القديم، من أمثال صادق خان ومحمد علي كلاي، وغيرهما، هم الذين يحسنون صورة الإسلام في العالم؛ لأنهم وأمثالهم يثبتون بطلان الجهل والتوحش والخرافات والمعاداة للبشرية، والتي تتحرّك حالياً - مع الأسف - باسم الإسلام.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/06/12