آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فارس هاني التركي
عن الكاتب :
عضو لجنة شباب الأعمال - كاتب اقتصادي سعودي

بريطانيا العظمى والخروج العظيم

 

فارس هاني التركي ..

طغى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الأخبار مؤخرا. الاتحاد الأوروبي الذي نشأت فكرته بعد الحرب العالمية الثانية باعتبار أنه في حال كانت هناك روابط ومصالح اقتصادية بين بعض الدول فإن احتمالية نشوء حرب بينها تكون ضئيلة جدا. فكانت البداية اتفاقيات تجارية محدودة انتهت إلى اتحاد عملاق يضم 28 دولة، له برلمان موحد يشرع ويسن القوانين الملزمة لجميع الأعضاء.

 

دخول بريطانيا كان على مضض وأصرت على عدم توقيع اتفاقية اليورو (العملة الموحدة) وكذلك على اتفاقية الشنجن (الفيزا الموحدة) ولكنها ظلت عضوا مهما وداعما لكل سياسات الاتحاد، ولكن بعد العديد من التحديات والمصاعب الاقتصادية التي واجهتها بريطانيا خلال السنوات الأخيرة كان السؤال المطروح في الشارع البريطاني عن جدوى الانضمام للاتحاد الأوروبي، وأصبح الشارع البريطاني يرى أن الاتحاد الأوروبي عائق أمام تقدمهم وازدهارهم اقتصاديا واجتماعيا، فما كان من الحكومة سوى طرح قرار الاستمرار في هذا الاتحاد للاستفتاء العام، وكانت النتيجة صادمة للعالم.

 

الأسباب كثيرة، أهمها وقف تدفق العمالة من أوروبا الشرقية والمتاح لمواطني دولها الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دخول بريطانيا والعمل فيها دون أي قيود، إذ يعتقد البريطانيون أنهم زاحموهم على الوظائف لتدني أجورهم مما زاد البطالة لديهم. السبب الثاني هو القوانين التنظيمية التي يفرضها البرلمان الأوروبي في الزراعة والاتصالات والمواصلات وغيرها والتي يعتقد البريطانيون أنها عائق أمام نموهم وازدهارهم اقتصاديا. من الأسباب كذلك ارتفاع مبالغ الدعم التي تدفعها بريطانيا للاتحاد الأوروبي دون مردود حقيقي، حيث إنها تذهب معونات للأعضاء المتعثرين كاليونان.

 

تطور الاتحاد الأوروبي المذهل وتحوله لكيان قوي يفرض سياسات محددة على الأعضاء وذلك شكل قلقا كبيرا على البريطانيين كونهم يعتزون بتاريخهم واستقلاليتهم بشكل كبير، ولا يرغبون أن يكونوا تبعا لأحد، وأن بلادهم من القوى العظمى وخامس أكبر اقتصاد في العالم.

 

الخروج بالتأكيد ليس وليد اللحظة ولن يكون فوريا خلال أيام بل سيكون خلال سنتين أو ثلاث سنوات، إذ سيتعين على بريطانيا مراجعة جميع الاتفاقيات الأوروبية في المجالات كافة. وستحدد نتائج هذه المفاوضات شكل المرحلة القادمة ومصير الأوروبيين داخل بريطانيا ومصير البريطانيين داخل أوروبا وكيفية التنقل.

الأمور غير واضحة والضبابية العالية هي سبب تأثر الباوند، ولكن مبدئيا الباوند الضعيف سوف يغري السياح وسوف يرفع من معدلات السياحة في بريطانيا، فيما ستواجه الحكومة البريطانية تحديا كبيرا في السيطرة على موجات العنصرية الجديدة ضد الأجانب والتي ظهرت فور الانفصال.

 

العالم وأسواق المال سوف يراقبون بقلق أداء الاقتصاد البريطاني فنجاحه سوف يغري اليونان وإسبانيا والبرتغال للخروج، وهل تستطيع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا الاستمرار في قيادة أوروبا أم إن هذه هي بداية التفكك والعودة لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/07/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد