التقارير

تقرير خاص: هزيمة ’ #داعش’ من #العراق إلى #سوريا.. الأسباب والتداعيات

 

خسائر كبيرة وضربات موجعة تلقاها تنظيم "داعش" الإرهابي في الفترة الأخيرة وتراجعات واضحة للتنظيم لا سيما في العراق وسوريا وحتى على الحدود مع لبنان، وصولا إلى ليبيا.

 

ففي العراق فقد التنظيم مساحات شاسعة مما سبق أن سيطر عليها في محافظة الموصل، وفي سوريا بات التنظيم مكبلا ومطوقا من أكثر من جهة بالإضافة إلى فقدانه مناطق سبق أن سيطر عليها في محافظات الوسط والشمال وصولا إلى الحدود العراقية، وفي لبنان فككت العديد من "الخلايا النائمة" للتنظيم التي كانت تهدف لزعزعة الاستقرار ناهيك عن ضربات متتالية تلقاها من الجيش والمقاومة في جرود رأس بعلبك وجرد القاع وحتى داخل بلدة عرسال وجرودها، كما فقد التنظيم السيطرة على مساحات من جرود عرسال لصالح "جبهة النصرة" بعد عمليات "كر وفر" بين الفصيلين الإرهابيين.

 

 فعالية الدور الروسي في ضرب "داعش"

كل تلك الأحداث ترافقت مع مزيد من الحشود الدولية التي تعلن نيتها مكافحة "داعش" بعد قيامه بعمليات إرهابية في العديد من الدول من تركيا إلى أوروبا وصولا إلى أفغانستان وما أعلن عن تفجيرات استهدفت المملكة السعودية، كلها استدعت استنفارا دوليا ليس فقط لمحاربة "داعش" بل للقضاء عليه، بالإضافة إلى فعالية التدخل الجوي الروسي الذي سبق باقي الدول للقضاء على التنظيم عبر شل وقطع الإمدادات اللوجستية والعسكرية ووسائل دعمه.

 

فكيف باتت اليوم صورة "داعش" وهل هو يتجه فعلا إلى الانهيار والهزيمة بشكل نهائي؟ وما هل الأسباب الحقيقية لذلك؟ وهل هي أسباب ساهم بها المجتمع الدولي مجتمعا وبدوافع واحدة أم متعددة؟ وماذا يعني انهيار "داعش" واضمحلاله في العراق أو سوريا حيث الثقل ومركز التنظيم وما أثر ذلك على باقي فروع التنظيم على المستوى الإقليمي والدولي؟ فماهي تداعيات هزيمة أو انهيار تنظيم "داعش"؟

 

 "داعش" وأسباب الهزيمة

بحسب مصادر متابعة لشؤون الجماعات الإرهابية فأن أسباب الهزائم التي يتلقاها "داعش" عديدة، منها:

 

- قوة وصلابة المحور الذي يقاتل "داعش" من العراق إلى سوريا والمتمثل بشكل أساسي في الحشد الشعبي والجيش العراقي أو الجيش السوري وفصائل المقاومة بالإضافة إلى الدعم الإيراني الكبير والدور الروسي الذي شكل نقطة فاصلة لهزيمة التنظيم لا سيما في سوريا ما أثر بشكل كبير ومهد لهزيمته في العراق.

 

- تلقي التنظيم ضربات قوية في العراق وسوريا، فالمصادر تعتبر أن "داعش" يكاد ينتهي في العراق وهو سيصل عاجلا أم آجلا إلى هذه النتيجة، كما أن التنظيم عاجز في سوريا عن تحقيق أي شي جديد وهو إلى انحسار ملحوظ هناك.

 

- مقتل معظم قادة التنظيم الكبار أو المخضرمين في العمل "الجهادي" أو العسكري ممن عملوا في أفغانستان والعراق بعد الغزو الأمريكي، ومن يقود اليوم "داعش" معظمهم هم من المستجدين على العمل العسكري أو القيادي للفصائل الإرهابية.

 

- وقف الدعم عن التنظيم من قبل العديد من الأطراف التي ساهمت بإيجاده للقيام بأجندة مطلوبة منه ولتحقيق أهداف معينة لها في المنطقة، وبعض هذه الأطراف قد يكون وصل إلى قناعة بانتهاء دور "داعش" مستقبليا وربما لذلك ستساهم هذه الأطراف بإطلاق "رصاصات الرحمة" عليه للاستثمار في رحيله والقضاء على وجوده بما يخدم مصالحها.

 

- سوء تصرفات "داعش" وعدم تعاطيها بأي نوع من الليونة أو المرونة مع أحد حتى مع عامة الناس أو العشائر السورية والعراقية في المناطق التي سيطر عليها، ما جعل السواد الأعظم من الناس ينفرون منه ولا يعطوه الأمان عندما بات بحاجة إلى الدعم والمساعدة.

 

- في الأساس عند إطلاق الأحداث الوقائع تظهر أن "داعش" لم يربح من خلال المعارك العسكرية، إنما هو قد سيطر على "الخواصر الرخوة" في العراق أو سوريا عبر الدعم الإستخباراتي من بعض الدول أو التفوق الإعلامي والنفسي، هذا ما تجلى عبر انسحابات أو استسلامات من دون أي مواجهة، فـ"داعش" مثلا سيطر في الرقة ودير الزور من خلال انسحاب الفصائل الإرهابية الأخرى من هذه المناطق تحت ذرائع عديدة(منها أنهم أخوة في المنهج ولا يريدون قتال داعش كما فعل أحرار الشام وجبهة النصرة).

 

- حصول انقسامات كبيرة داخل التنظيم نتيجة صراعات على المناصب أو المكاسب وتوزيع الغنائم.

 

- حصول عمليات فرار كبيرة للعناصر من صفوف التنظيم هربا من القتال والإعدامات الداخلية، بعدما وجد الكثير من هؤلاء أنه: إما قد تم التغرير بهم، وإما أن ما توقعوه عن قوة "داعش" ما هو إلا وهم في وهم.

 

 تداعيات ونتائج هزيمة "داعش"

وبالتأكيد أن هزيمة "داعش" وأفوله عن الساحة الإقليمية والدولية سيؤدي إلى إحداث نتائج معينة باعتبار أن التنظيم الإرهابي قد نال حيزا معينا من الاهتمام الدولي فهو الذي شغل الجميع بجرائمه الإرهابية المتنقلة عبر القارات، فما هي التداعيات المتوقعة لهزيمته؟

 

تتحدث المصادر عن العديد من التداعيات لهزيمة "داعش" منها:

 

-  أن هناك من سيسد الفراغ بدل "داعش"، وسيكون ذلك إما عبر عودة الشرعية المتمثلة بالدولة وقواها العسكرية والأمنية في المناطق التي سيطر عليها في العراق، وعلى أجزاء مهمة من المناطق في سوريا، وإما عبر سيطرة الفصائل الإرهابية الأخرى(المدعومة من بعض الدول التي أوجدت "داعش" أصلا) على بعض المساحات في سوريا.

 

- قيام بعض الأفراد في العالم بأسره بعمليات فردية والادعاء أن التنظيم الإرهابي يقوم بها، على شاكلة إمكانية وجود بعض "الخلايا النائمة" أو بقايا هذه الخلايا التي قد تدعي أنها ستأخذ بالثأر ولكن مع الوقت ستضمحل هذه الخلايا كما حصل مع "التنظيم الأم".

 

- عودة الكثير من العناصر الإرهابية الأجنبية التي كانت في صفوف "داعش" إلى بلدانهم ما يعني أنهم قد يقومون بمبادرات فردية إرهابية تحت مسميات تنظيم "داعش" أو أي مسمى آخر، ولذلك ستسعى الدول إلى القضاء على كل العناصر الإرهابية لا سيما الأجنبية والغربية منها في أماكن تواجدهم لمنعهم من العودة إلى ديارهم.

 

-غياب "داعش" عن أية عملية سياسية مفترضة للحل في سوريا باعتبار أن التنظيم الإرهابي لم يحسب أي حساب لـ"خط الرجعة" سياسيا، وهذا ما سيؤدي إلى تأثر الدول الداعمة للتنظيم حيث ستدفع الأثمان السياسية وستخسر ربما بعضا من حضورها في العملية السياسية السورية، اللهم إلا إذا دخلت في هذه العملية المفترضة عبر فصائل إرهابية أخرى ستلبس "اللبوس السياسي" وتمارس الخداع للدول والرأي العام الإقليمي والدولي.

 

- فشل رهان بعض الدول على هذا التنظيم الإرهابي، ما يعني فشل المشروع الإقليمي لبعض المدارس الفكرية المصدرة للإرهاب والتكفير وبالأخص المدرسة الوهابية التي من الممكن أن تحاول الاستمرار عبر فصائل إرهابية أخرى في سوريا وغيرها من الدول.

 

بالتأكيد أن مشروع الذبح والقتل والإرهاب وإلغاء الآخر هو مشروع غير قابل للحياة إطلاقا، وهذا ما أثبتته وقائع التاريخ والحاضر من أفغانستان وباكستان وصولا إلى العراق وسوريا، لذلك يبقى الرهان الصحيح والناجع لكل المشاكل والاختلافات أيا كانت هو سياسة الحوار وقبول الآخر والبحث عن حلول سياسية لكل الملفات العالقة في المنطقة والعالم.

أضيف بتاريخ :2016/08/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد