تقرير خاص: #الاقتصاد_السعودي يترنح.. بين سوء الإدارة والمصالح الشخصية!
لم تعد المملكة السعودية تلك الواحة المليئة بالخيرات كما كان يرسمها الناس في عقولهم ومخيلاتهم، فيأتون إليها فرادى وجماعات للكسب وتحصيل الرزق تحسيناً لأوضاعهم المعيشية في بلدانهم أو سعياً لاستثمارات تزيد من ثروات الأغنياء منهم، كما لم يعد الإنسان في المملكة محسوداً بشكل مطلق على ما هو عليه في بلده، ففي العام 2016 نرى نسب البطالة والفقر والمشاكل الاقتصادية تزداد في مملكة النفط.
والمشاكل الاقتصادية التي تتوالى على المملكة عديدة ومتنوعة فمن طرد آلاف العمال الأجانب من عملهم في شركات كبرى في البلاد إلى تعثر العديد من هذه الشركات العملاقة التي طالما شكلت رافعة لاقتصاد المملكة والأداة التنفيذية للسلطة، بالإضافة إلى إثقال الخزينة العامة بأعباء إضافية بسبب الحروب المباشرة وغير المباشرة التي تخوضها السلطة الحاكمة من اليمن إلى سوريا، ولكن يبقى أبرز المشاكل هو تدهور أسعار النفط عالميا، الذي استخدمته الرياض للضغط على خصومها فارتد سلبا عليها بكل المعايير.
أسوأ المراحل.. والآتي؟؟
انخفاض أسعار النفط جعل اقتصاد المملكة يمر في أسوأ أيامه وإن كان هناك من يحاول الترويج أن الرياض تمتلك احتياطات نفطية عالية جداً تستطيع من خلالها أن تغطي الخسائر أو العجز في ميزانها التجاري، إلا أن امتلاك المملكة لاحتياطات مالية لا يعني أنها ستقدر فعلأ على مواجهة الأزمة طويلاً، فمع مرور الوقت ويوماً بعد يوم تزداد الخسائر، خاصة مع البدء بتطبيق "رؤية 2030" التي ستزيد من هذه الخسائر باعتبار أنها ستعمل على بيع أصول المملكة كما سترهقها بدفوعات جديدة وضخمة جداً، ناهيك عما تريد أن تقدمه المملكة السعودية لمصر بعد الاتفاقيات التي وقعها الملك سلمان خلال زيارته الأخيرة لمصر.
وحول ذلك أوضحت مصادر متابعة للاقتصاد السعودي أن "المملكة لن تخرج من أزمتها المالية والاقتصادية طالما أن أسعار النفط ستبقى على حالها"، وأكدت أنه "بشكل بسيط وواضح إذا لم يتعافى سعر النفط فالانهيار حتمي في الاقتصاد السعودي باعتبار أن النفط وتصديره هو العامود الفقري لهذا الاقتصاد".
وبالتأكيد أن الاستمرار أسعار النفط على هذه الحال سيكون له أثره البالغ سلباً على كثير من المجالات في المملكة، لا سيما في مجال الاستثمار الداخلي والتنمية في مختلف القطاعات وفي طليعتها القطاع الاقتصادي، ما سيؤثر بشكل خطير على المشاريع والخطط المستقبلية للدولة وسيؤدي إلى إرجاء أو إلغاء الكثير من مشاريع البنى التحتية الضرورية، وهنا تطرح الكثير من علامات الاستفهام، خاصة بما يتعلق بكيفية تفعيل "رؤية 2030" لبث الأموال في الداخل والخارج؟ وكيف يمكن الحديث عن بث أموال طائلة هنا وهناك بينما في الداخل هناك شركات طالما كبرى تنهار أو تكاد أمام أعين المشرفين على النظام والاقتصاد في المملكة دون تحريك أي خطة للمعالجة أو التدخل للم الوضع الاقتصادي المتدهور؟
الأزمة الحالية.. الأسباب والأولويات؟
فهل هناك رغبات لدى هؤلاء القيمون بترك هذه الشركات تصل إلى حافة الانهيار أو الانهيار فعلا؟ وهل للسياسة من تدخل مباشر في هذا المجال أم أنها تقف موقف المتفرج؟ خاصة أن هذه الشركات كانت بشكل أو بآخر مدعومة من قبل الدولة أو السلطات أو العائلة الحاكمة في المملكة، فماذا تغير اليوم ولماذا يتم استهداف هذه الأوجه الاقتصادية الكبيرة في تاريخ المملكة والعائلة الحاكمة؟ وهل هذا جزء من التغيير الذي لا يمكن إغفاله أو تغييبه عن أعين المراقبين والمتابعين حيث يطال الكثير من المناصب والوجوه والسلطات في مفاصل الحكم والمؤسسات السعودية؟ أم أن للأمر جوانب ومصالح خاصة ومخفية عن الرأي العام حتى الآن تهدف إلى القضاء أو "تقزيم" قوة هذه الشركات وأصحابها؟
حول ذلك أشارت المصادر المطلعة لصحيفة "خبير" أن "القيادة الحاكمة في المملكة لديها أولويات تعمل على أساسها وهي لا تعتبر أن انهيار شركات كسعودي أوجيه مثلا أو شركات بن لادن وغيرها بوضعها المتعثر يشكل أولوية لها بما يدفعها للتدخل لإنقاذها من الإفلاس أو حتى من مشاكلها حول رواتب العمال أو كردهم من العمل"، ولفتت المصادر إلى أن "بعض القيمين على القرار في المملكة همهم مختلف تماماً عن وضع هذه الشركات وأحوال الاقتصاد السعودي وشؤون الناس الحياتية واليومية"، وتابعت"هؤلاء أولويتهم اليوم سحب ما يستطيعون من أموال لمصلحتهم الخاصة على حساب المصلحة العامة واستخدام المال العام بما يحسن وضعهم السياسي الداخلي والخارجي ولذلك على سبيل المثال نرى الحديث والمخططات عن الاستثمار في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها والسعي لتوطيد العلاقات مع أكثر من طرف دولي وإقليمي".
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في عددها الصادر يوم الأربعاء 3 آب/أغسطس الحالي أن "الحكومة السعودية تناقش مقترحاً للاستحواذ على مجموعة شركات سعودي أوجيه للإنشاءات"، وتابعت أن "هناك محادثات بين سعد الحريري(صاحب الشركة) والحكومة السعودية وأنها بلغت مراحلها النهائية"، وأشارت إلى أن "الاتفاق المتوقع إنجازه خلال 10 أيام يقوم على تملك الحكومة أو رجال أعمال من العائلة المالكة الشركة"، وأوضحت أن "الفريق المفاوض الذي يديره ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يصرّ على تملك الشركة ككل".
التبرير والترويج.. للأخطاء والفشل؟
واللافت أن هناك من يحاول التخفيف من وطأة ما تعانيه أو تمر به المملكة اليوم، عبر الترويج أن كل العجز الاقتصادي الحاصل بإمكان الرياض تجاوزه، ويستدل أصحاب هذا الرأي بـ"شواهد تاريخية" وأزمات اقتصادية مرت بها المملكة في السابق خلال القرن الماضي وشبيهة بما يجري اليوم واستطاعت السلطة تجاوزها والخروج من المأزق، وهنا تسأل المصادر "لكن هل هذا كافي للقول إن المملكة تستطيع تعويض هذه الخسائر والتغلب على الأزمة؟ ومن يضمن كل ذلك؟"، وأضافت "من يضمن أن تغلب المملكة في الماضي على بعض المشاكل سيمكنها اليوم من التغلب على هذه الأزمة الكبيرة؟".
هذا ويبرر من يدعي أن خسائر المملكة هذه والأزمة الحالية ستجعل الرياض قادرة أكثر على التحول من اقتصاد يعتمد على النفط بشكل كبير إلى اقتصاد استثماري وأكثر تنوعاً، ولكن هل هذا الكلام يمكن التعويل عليه لجعل اقتصاد المملكة أكثر قوة؟ صحيح انه من الناحية النظرية كل شيء ممكن إذا ما تمَّ التخطيط له بشكل جيد وترافق مع تنفيذ دقيق، إلا أن هذا الأمر ليس كافياً أو أكيداً، فمن الذي يضمن أن الأزمة الحالية ستتحول إلى فرصة؟ ومن يضمن أن المملكة والقيادة الحالية ستستطيع تحويل الأزمة إلى فرصة؟ وماذا لو فشلت هذه القيادة في ذلك؟ هل سنشهد انهياراً تاماً في كل شيء؟ والسؤال الأبرز هل بهذه الطريقة يتم قيادة الدول؟ وهل السير بخطط المخاطرة والمغامرة والمقامرة يمكن الحفاظ على اقتصاد الدولة؟
علماً أن تداعيات الأزمة اليوم تتفاعل في المملكة حيث يواجه الآلاف من العمال الهنود والفيليبينيين والباكستانيين وضعاً مأساوياً بعد تسريحهم من عملهم إثر تدهور أسعار النفط وصرف الكثير من العاملين في قطاع البناء، حتى أن الكثير من هؤلاء العمال باتوا من دون طعام لأيام بسب تركهم من قبل المعنيين في المملكة بشكل غير إنساني يواجهون مصيرهم، ما دفع دولهم إلى الاهتمام بهم داخل المملكة عبر سفاراتهم العاملة، وهذا الأمر لا يمكن اعتباره شأناً خاصاً بين الشركات والعمال بل هو يمس سمعة وهيبة المملكة كدولة صاحبة سيادة باعتبار أن دول هؤلاء العمال ستطالب المملكة السعودية بتقصيرها وتحملها المسؤوليات عن إهمالها الاهتمام بالوافدين إليها للعمل وعدم إعطائهم حقوقهم المتفق عليها سلفاً بعقود موثقة، ما سيؤدي لإلى تكديس المزيد من علامات الاستفهام حول وضع حقوق الإنسان في المملكة وحصول تعديات عليها، وهذه المرة من باب الاعتداء على حقوق العمال الأجانب في شركات سعودية الجنسية بعلم الدولة والنظام الحاكم بما يخالف الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
فإلى أين يسير الاقتصاد السعودي بهذه الأحوال الصعبة التي يعيشها اليوم؟ وهل من حلول في كواليس السلطات الحاكمة والمختصة؟ أم أن الأمر سيبقى على ما هو عليه بحيث تواجه المملكة باقتصادها المتعثر الواقع الصعب ما قد ينذر بما هو أخطر وأعظم؟ كلها أسئلة برسم المعنيين ممن يخافون على مستقبل المواطن والإنسان في المملكة الذي سيدفع على الأرجح ثمن كل المقامرات التي تخاض هنا وهناك..
أضيف بتاريخ :2016/08/06