تقرير خاص: #أرامكو.. ’مشاريع ما تخرش المية’!!
مالك ضاهر ..
جدل كبير ثار في الشارع السعودي بسبب إلغاء حفل افتتاح المركز الثقافي في المنطقة الشرقية يوم الجمعة في 25-11-2016 بسبب دخول الأمطار إلى المبنى الذي كان يفترض أن يفتتحه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.. دخول المطر إلى مكان صرفت عليه المبالغ الطائلة من قبل الشركة المنفذة للمشروع طرح الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب والمسؤوليات كما أعاد إلى الذاكرة العديد من الحوادث المشابهة والتي تثير الريبة بغياب المحاسبة والرقابة.
فمن السيول التي عمت قبل سنوات شوارع واتوسترادات في مدن سعودية عدة مرورا بحادثة الحرم المكي وسقوط الرافعة التي أودت بحياة العديد من الحجاج والمعتمرين وصولا إلى ما جرى مؤخرا في المركز الثقافي بالمنطقة الشرقية وما سبقه من فشل كبير في عدة مشاريع تمَّ تلزيمها لشركة "أرامكو" بعد شركة "سعودي أوجيه"، وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى إستاد "الجوهرة" في جدة وما رصد من مشاكل تعاني منها أرضية الملعب بالإضافة إلى مشاكل في التهوئة التي شكى منها الحضور منذ يوم افتتاحه برعاية الملك سلمان.
عن سوء الإدارة وغياب الرقابة
هذه الحوادث وغيرها الكثير مما لا تتعقبه وسائل الإعلام سواء في مجال الإنشاءات والأبنية أم في غيرها من المجالات وما يتخللها من سوء إدارة في قطاع الصحة أو التعليم وصولا إلى تنظيم السجون ناهيك عن تنظيم مواسم الحج والعمرة، وبالطبع لا يمكن نسيان ما جرى في منى من أحداث مأساوية في موسم الحج في العام الماضي، وكل ذلك يطرح التساؤلات اللامتناهية عن الأسباب الحقيقة لوقوع مثل هذه الكوارث والمشاكل التي تتسبب بفشل تنظيمي تارة وفني تارة أخرى ما ينعكس سلبا داخليا وخارجيا، على صورة المملكة والمؤسسات الحكومية أولا ومن ثم مؤسسات القطاع الخاص.
فشركة كـ"أرامكو" عندما تفشل بهذا الشكل المريع في تشييد مبنى غير مطابق للمواصفات وعند أول هطول للأمطار تغرق أروقته بالشكل الذي عرضته وسائل الإعلام، يطرح جملة من التساؤلات حول: كيف يمكن لنا الاستعانة والوثوق بها كسند أساسي لرفع اقتصادنا الوطني؟ وكيف لشركة عاجزة عن تشييد ملعب رياضي بمواصفات عالمية أو مركز ثقافي بشروط علمية هندسية متعارف عليها دوليا -من دون أي اختراعات أو إضافات محلية- كيف لشركة بهذه الحال من الفشل أن نعتمد عليها كي تحسن وضع اقتصادنا المتدهور؟
وما هي الأسباب التي تقف خلف هذا الأداء المتدني لشركة بحجم "أرامكو"؟ ولماذا تسير هذه الشركة على خطى "سعودي أوجيه" في الفشل المتكرر بعد النجاحات التاريخية التي سبق أن حققتها بحسب ما يشاع عنها؟ هل هو الفساد الإداري أم الضعف التنظيمي والعلمي لهذه المؤسسات والكيانات المالية والاقتصادية الضخمة؟ أم أن للأمر خلفيات أخرى لا تظهر للعيان بشكل جلي؟
الأعذار جاهزة.. نستحق الأفضل!!
من جهته، أعلن المهندس بلال الأنصاري(المشرف من شركة "سعودي أوجيه" على مشروع مركز الملك عبد العزيز الثقافي) أن "المشروع قارب على الإنجاز والمبنى قيد الاختبارات النهائية ولا يزال خاضعا للتأمين"، ولفت إلى أنه "سيتم تقديم تقرير مفصل بأسباب تسرب مياه الأمطار بعد الانتهاء من المشروع".
فما هي الأعذار التي يمكن أن تساق من قبل "سعودي أوجيه"(هي الشركة التي بدأت بمشروع المركز الثقافي وبعد فشلها أكملته أرامكو) أو من قبل "أرامكو" لتبرير هذا الفشل الكبير؟ وكيف تقبل المملكة السماح بمثل هذا التقصير رغم أن من كان سيفتتح المشروع في المنطقة الشرقية هو الملك شخصيا قبل أن يتم تأجيله لغرقه بالمياه؟ فأين هيبة الملك والدولة من كل ذلك؟ وهل وصلت الأمور إلى مثل هذا الحد من الاستهتار بالقيادات والمؤسسات في المملكة في يوم من الأيام؟ وهل سيتم محاسبة المقصرين والمسؤولين عن تضييع مال الشعب والدولة في مشاريع فاشلة وغير مجهزة لمواجهة الأمطار وربما غيرها من التقلبات المُناخية؟ وهل سيتم الإعلان عن تقرير الجهات المسؤولة وإعلام الرأي العام بالتحقيق الذي تجريه الجهات المعنية؟ أم أنه سيتم لفلفة الموضوع كما حصل في بعض الأحداث السابقة؟
وقد كتب الكثير عن الفساد الذي يضرب "أرامكو" رغم اعتبار بعض القيادات أنها "المثال في الاحترافية والمهنية" في تاريخها، ولكن ليس بالضرورة إذا ما عهدت الدولة لها بالكثير من المشاريع أن تكون هي الأفضل والأحسن، لأنه ببساطة الأمور الإدارية في الدولة تدار بطرق عديدة لا تحكمها جميعها النزاهة والشفافية، والدليل أن بعض الشركات ومنها "أرامكو" وقبلها "سعودي أوجيه" حظيت بصفقات لإقامة مشاريع عملاقة رغم أن غيرها من الشركات كان يقدم عروضا أكبر وأفضل، وما جرى مؤخرا ليس الدليل الوحيد على أحوال هذه الشركات المنهار، ففي السابق ضبطت "أرامكو" وقبلها "سعودي أوجيه" في حال "التلبس" بالإهمال وسوء التنفيذ وكانت في كل مرة "تفتح التحقيقات" بغية الوصول إلى تحديد المسؤوليات وإيقاف هذا النزف من أرصدة الدولة والشعب في المملكة، فهل تم ذلك فعلا أم ما زال النزف مستمرا؟
فإلى متى ستبقى مزاريب الهدر والفساد موجودة في بلادنا دون حسيب أو رقيب، ولماذا نسكت عن عدم ملاحقة المسؤولين عنها ولما نرضى بغض الأبصار عن مخالفات ترقى أحيانا إلى مستوى الجرائم في حين أن بلد كبلدنا يستحق أن يكون في قمة القمم من حيث الإعمار ودقة وجودة المشاريع التي تنفذ على امتداد مساحة المملكة، نظرا للإمكانيات الهائلة التي نملكها، فكثير من الدول لديها من القدرات أقل منا بكثير ومع ذلك لا نجد فيها هذه الأخطاء الفادحة المثيرة للاستهزاء.
أضيف بتاريخ :2016/11/29