تقرير خاص: #قديروف في #المملكة.. معتذراً أم نداً؟
مالك الضاهر ..
بحرارة كبيرة استقبل ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قصر العزيزية بالعاصمة الرياض الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وجرى خلال اللقاء البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين ولم يظهر من حرارة الاستقبال وما نتج عنه أن هناك خلاف أو "زعل" بين الطرفين.
فقد تحدثت الكثير من وسائل الإعلام السعودية قبل حصول اللقاء أن قديروف حضر إلى المملكة لتقديم الاعتذار عن إقامة مؤتمر "أهل السنة" الذي أقيم في غروزني وانتقد التيارات الإرهابية والوهابية وحدد بشكل محدد من هم أهل السنة والجماعة وما هي المذاهب التي تتألف منها، فهل فعلا جاء الرئيس قديروف لتقديم الاعتذار للمملكة؟ وهل هذا هو الهدف الحقيقي للزيارة أم أن لها أسبابا أخرى؟ وكيف تمت الزيارة هل بمبادرة وطلب من قديروف أم بناء على دعوة وجهت إليه لزيارة المملكة؟ وهل قديروف بصدد الاعتذار عن المؤتمر أم توضيح حقيقة ما هدف إليه مؤتمر غروزني؟ وهل المملكة معنية بذلك أم لا يهمها الأهداف التي أرادها المؤتمر؟
الاعتذار.. حقيقة أم وهم؟
وفيما أصرت بعض وسائل الإعلام على أن قديروف قدم الاعتذار للمملكة خلال اللقاء مع بن سلمان، ذهبت مصادر إعلامية أخرى للحديث أن الرجلين بحثا المصالح المشتركة والعلاقات الثنائية باعتبار أن العلاقة تتجاوز مسألة عقد المؤتمر وما صدر عنه وأن المملكة هي من الدول الإسلامية الكبرى التي تهمها شؤون المسلمين حول العالم كما أنها في صلب أهل السنة والجماعة، إلا أن الخبر اليقين في هذا المجال جاء على لسان آدم شهيدوف "مستشار رئيس جمهورية الشيشان للشؤون الدينية" الذي نفى ما تداولته وسائل إعلام سعودية حول تقديم الرئيس قديروف اعتذارا للمملكة عن مؤتمر "أهل السنة والجماعة" في غروزني، وأوضح أن "الزيارة أتت بدعوة من ولي ولي العهد السعودي حيث دار أثناء اللقاء الذي جمعهما في الرياض كلام حول تطوير العلاقات الثنائية وبُحثت عدة مواضيع ذات الأهمية المشتركة".
وأضاف شهيدوف "الصحيح الذي لا شكّ فيه أننا قدّمنا صورة حقيقية عن مؤتمر الشيشان التي شوهت على لسان الحاقدين والتيارات المتطرفة خاصة الإخوان المسلمين"، وأكد أن "المؤتمر لم يُعقد إساءة للمملكة السعودية وشعبها ولا لتفريق صفوف المسلمين بل عُقد لمواجهة الفكر المتطرف الذي استغل لقب أهل السنة والجماعة ونسبه إلى منهج السلف الصالح زورا وكذبا فكفّر الأمة واستباح دماءها كما حصل ذلك في بلادنا على أيدي أدعياء السلفية التكفيرية الذين نشروا الفساد من تكفير وقتل ودمار"، ولفت شهيدوف أن "بن سلمان لم يخالف هذا الموقف بل كان مسرورا لسماع هذا التوضيح".
الزيارة.. مصلحة لمن؟
وهنا بيت القصيد من كل المسألة، فهل المملكة ترفض مواجهة الفكر المتطرف وترفض الوحدة بين المسلمين وهل نحن نؤيد ما تقوم به الجماعات الإرهابية في العالم؟ الأكيد أنه إذا نحن رفضنا ما تضمنه مؤتمر غروزني فالمشكلة ليست في المؤتمر بل في مكان آخر، لأن الأساس والواجب والمنطقي أننا دولة تؤيد شرعية الدول ولا ترغب بدعم الإرهاب أو المجموعات المتفلتة من الأنظمة والقوانين في مختلف أنحاء العالم.
ولما لا يكون الهدف من توجيه الدعوة لقاديروف لزيارة المملكة هو إعادة تليين العلاقة مع دولة الشيشان والمسؤولين فيها وهم المحسوبون على السياسة الروسية بشكل كامل، فإن كان الهدف فتح قنوات الاتصال مع هذا البلد الإسلامي والبحث عن مزيد من نقاط الالتقاء معه، وربما في تمهيد لاستقطابه إلى صف المملكة السعودية، فهذا الأمر إن صح فهو يشكل نقطة إيجابية تسجل للقيادة السياسية في المملكة وبالأخص لولي ولي العهد بأنه لا يغلق الأبواب مع الدول الأخرى حتى وإن اختلفت مع المملكة، إنما يحافظ على أفضل العلاقات مع مختلف الدول.
خاصة أن ابن سلمان مهتم بشكل كبير لأحوال المسلمين في شمال القوقاز وكيفية الاستثمار في المناطق التي يقطنوها، بالإضافة إلى أن المملكة تعتبر محجة للمسلمين في العالم باعتبار أنها تستضيفهم لأداء مناسك الحج مرة كل عام والعمرة طوال العالم وبالتالي لا يمكن لها إلا أن تبقي القنوات مع هذه الدول لأن لنا وللمسلمين مصلحة مشتركة ومتبادلة في ذلك.
وأيضا فإن الرئيس قديروف هو رجل معروف عنه انفتاحه على الجميع وقدرته على نسج علاقات مع أطراف متعددة بما يحققه مصلحته السياسية ومصلحة بلاده الإستراتيجية، وانطلاقا من هذا ما هي النتائج التي ستفرزها هذه الزيارة واللقاءات التي قد تليها؟ وأي طرف يمكن له تحقيق مصالحه أكثر والاستفادة بشكل أكبر من هذه العلاقات الثنائية؟ وماذا يمكن للشيشان أن تقدم للمملكة؟ بينما ماذا يمكن للمملكة أن تقدم لدولة الشيشان؟ بالتأكيد أن الفرق واضح خاصة أن الشيشان لا تملك الكثير من القدرات الاقتصادية باستثناء وجود حقول للنفط فيها والاستثمار فيها مرتبط بالقرار والسياسة الروسية بشكل كبير، فمن المصلحة الشيشانية عدم القطع كليا مع المملكة بل البحث عن استثمارات سعودية وخليجية تساهم بشكل أو بآخر برفع إمكانات الاقتصاد عندهم.
بينما المملكة قد لا يكون همها اقتصادي أو مالي، إنما سياسي بالدرجة الأولى، حتى أنها قد تذهب بعيدا في الدفع وتكبد الأثمان إذا ما استطاعت بإحداث خرق في جدار الشيشان ذو الصناعة الروسية الفولاذية، فهل تستطيع المملكة ذلك؟ هذا ما ستظهره الأيام المقبلة بالتأكيد.
أضيف بتاريخ :2016/12/02